من دفتر الوطن

الموت يقرع الباب!

| عصام داري

لا تجزعوا ولا تخافوا فالموت علينا حق، فهو يأتينا في أي وقت، في الليل أو النهار، من الباب أو من النافذة، يهبط من السماء، أو ينبع من الأرض، المهم الموت هو نهاية كل شيء حي على وجه البسيطة.
ولعل أهم شعر عربي وصلنا عن الموت هو البيت الذي نظمه الشاعر العباسي ابن نباتة السعدي الذي قال:
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره
تعددت الأسباب والموت واحد
وأنا من المؤمنين بهذا الشعر، وأعرف أن الموت قد يكون بسبب المرض أو نهاية سنواتنا على هذه الأرض، أو بسبب الحوادث وغيرها، لكنني اكتشفت قبل أيام ربما أغرب سبب للموت في العالم!
فقد قرأت دراسة حديثة جداً تقول: «إن انخفاض وتراجع الدخل قد يؤدي إلى الموت»!هل هذا معقول يا رجل؟
ونظراً لأني أعتبر نفسي مواطناً صالحاً أضع هذه الدراسة برسم السيد رئيس مجلس الوزراء وكل المعنيين بالمواطن السوري، أو الذين يزعمون أنهم كذلك، متمنياً على الجميع العمل على إبعاد شبح الموت عن المواطن الفقير والمعتّر.
لكن من قال: إن دخل المواطن منخفض وقليل وهزيل؟ ومن قال: إن الأسعار مرتفعة ونار مشتعلة ولا يستطيع المواطن السوري الوصول إليها؟
اذهبوا أيها السادة إلى المطاعم والفنادق من ذوات «الخمس نجوم» والملاهي والمقاهي فلن تجدوا مكاناً لقدم، أو لوافد جديد.
هناك خزانات للمواد الغذائية واللحوم ومن كل صنف ولون في بيوت مواطنين عاديين يقطنون في غرب المالكي وأبو رمانة والمشروع وبعض الأحياء الأخرى، فمن المفتري الذي يبث الشائعات المغرضة التي تتحدث عن الغلاء وعدم توافر الغاز والمازوت والخبز والملاهي المتعددة النجوم، وحتى السموم لزوم الانتحار متوافرة بكثرة هذه الأيام!
هناك طابور خامس وسادس يريد التشويش على إنجازات الحكومة، ومنها توزيع البنزين بالبطاقة الذكية لضبط توزيع هذه المادة التي يحتاجها بشدة أولئك الفتيان الذين يتعلمون فن «التشفيط» لتدريبهم على أفضل وسائل الدخول في موسوعة غينيس كأصغر سائقي السيارات وإهدار البنزين الحكومي، وعلى المواطن ألا يتذمر، فكل ما تفعله حكومتنا المهضومة هدفها إسعاد المواطن وتوفير الممرات الآمنة الموصلة للآخرة!
كما تعمل الحكومة على مساعدة العشاق والمحبين وتلبية دعائهم اليومي، ألا يقول العاشق لعشيقته: تقبريني يا حياتي؟ وعندما يقل الدخل ويتسبب في موت قليلي الدخل فهذا الأمر يؤدي إلى الوفاة وتتحقق دعوات العشاق!
ثم يا أصدقائي يأتيكم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة، فلا راد لمشيئة الله، ولو كانت الدراسات الحديثة والقديمة تؤكد أن المواطنين في الدول الغنية أقل تعرضاً للأمراض والموت من الدول الفقيرة، وهذه نعمة إلهية لمن لا يعرف، فالفقراء يدخلون الجنة، ونعم الآخرة ولا اعتراض!
لذا، وأمام هذه الحقائق الدامغة التي تعززها الدراسات المترافقة مع صبر وصمت الأغلبية العظمى من المواطنين، علينا جميعاً أن نتقدم بخالص الشكر والدعاء السخي للحكومة وكل شخص يعمل على توفير المواصلات السريعة للوصول إلى الآخرة بأسرع وقت!
وشكراً للموسيقار بيتهوفن الذي استعرت منه عنوان سيمفونيته (القدر يقرع الباب) فاستبدلت القدر بالموت في عنوان زاويتي، وأقدم اعتذاري إذا كنت قد أسأت لأي كان من دون قصد، أو بقصد!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن