من دفتر الوطن

الوزراء المدعومون!

| عبد الفتاح العوض

اعتاد كثير من المسؤولين وعلى الأخص الوزراء تحديد حجم الدعم الذي تقدمه الدولة لتلبية حاجات المواطنين، لكن اللغة التي يعبر عنها هؤلاء المسؤولون تنم عن «منية» منهم للمواطنين.
تكثر هذه المعزوفة كلما اشتدت الأزمة، ويكون ذلك تعبيراً عن التبرير للأزمة والإيحاء أو حتى التصريح بأن المشكلة تكمن بالدعم الذي يتلقاه المواطن..
أود هنا أن أشير إلى بعض الأشياء المهمة حول هذه اللفتة:
أولاً لا أحد يدعم من جيبه ولا وزير يقدم هذا الدعم من ماله الخاص وبالتالي لا يحق له التحدث عن الدعم على أنه عطاء شخصي منه للشعب المسكين أو صدقة للمواطنين.
هذا الدعم هو حالة مشوهة في الاقتصاد خلقتها ظروف متشابكة من الأخطاء المتتالية. وينبغي أن ينتهي الدعم في وقت ما وأن يتحول الدعم إلى معونات اجتماعية للفقراء فقط والفئات المهمشة التي لديها ظروفها الخاصة.
ثم إن هذا الدعم من موازنة الدولة وهذا يعني أن موازنة الدولة من موارد البلد وليس من المساهمات الشخصية لأعضاء الحكومة.. وموازنة الدولة جيوب رعاياها… بمعنى أنها لجيوب رعاياها. وليس لجيوب أو من جيوب مسؤوليها.
صحيح أنه لا يوجد حكومة تريد أزمات أو من المفترض ألا يوجد وزير يرغب فعلاً بأن يكون محط سخط الشارع حول أزمات معينة، ولعل تزامن الأزمات في وقت واحد خلال هذه الفترة جعلها أصعب، أضف إلى ذلك أن مشاعر الناس وهي تشعر بنهاية الحرب على سورية جعلتها تنتظر خروجاً من الأزمات التي خلقتها الحرب في الوقت نفسه، على حين في واقع الأمر أن عودة كثير من المناطق لسيطرة الوطن رتبت ضغطاً إضافياً على المواد وزادت من تكاليف إعادة الخدمات الأساسية إلى هذه المناطق، ولا ينبغي أن يتوقع المواطن أننا تخلصنا من الأزمات ومن آثار الحرب وتداعياتها بهذه السرعة.
المواطن السوري بعد كل هذه الحرب الطويلة لديه من الوعي الكافي عندما يتعرف على الأسباب الحقيقة، وأصبح لديه خبرة بالمسؤول الذي يكذب عليه وليس من الصعب خلق رابط الثقة مع المواطن بالصدق والمكاشفة وليس بالتبرير والتسويف.
بقي نقطتان مهمتان: الوزراء الذين يتحدثون عن الدعم لا يتحدثون عن الرواتب التي يتقاضاها السوريون، فمع الدعم ولو جمعناه كله لا يمكن توفير حياة معيشية كريمة، وهذه هي إحدى أهم مهمات أي حكومة.. وكي يعلم المسؤولون قبل المواطنين أن حصة كل مواطن من مجمل الدعم الحكومي المقدر بـ 1511 مليار ليرة سورية تقف عند 75 ألف ليرة بالسنة، ما يعني نحو 200 ليرة باليوم.
النقطة الثانية أن الوزراء الذين يتحدثون عن الدعم يحصلون على دعم أكبر من موازنة المواطن، على الأقل المواطن يدفع سعر البنزين بسعر مدعوم بينما هم يحصلون عليه مجاناً.
المطلوب:أن يتوقف الحديث عن الدعم الذي تقدمة موازنة الدولة للمواطنين بصيغة أنه صدقة أو حسنة وأن يقتصر ذلك على المناقشات الاقتصادية المالية في اجتماعات أو ندوات متخصصة.
أن تحدد الحكومة برنامجاً زمنياً لإنهاء الدعم يترافق مع سلم أجور ملائم للمعيشة… ليس مهماً أن يكون البرنامج الزمني عاجلاً بل أن يكون صادقاً.

أقوال:
لا تندم على حسن الخلق ولو أساء الناس إليك، فلأن تحسن ويسيئوا خير من أن تسيء ويسيئوا- مصطفى السباعي
أوصيك لا تحتقر أحداً ولا شيئاً من خلق الله، فإن الله ما احتقره حين خلقه – ابن عربي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن