ثقافة وفن

تكريم الفائزين بجائزة الدولة التشجيعية لعام 2018 … وزير الثقافة: الثقافة هي الوجه الآخر لانتصارات الوطن ومعادل موضوعي لتضحيات الجيش السوري

سارة سلامة- ت: طارق السعدوني

لطالما حمل إبداعهم وتميزهم شقاء ليال من التعب والكد تشهد لها جباههم وأقلامهم التي خطت الأدب والفن والشعر بأجمل أشكاله، فلم يكلوا يوماً عن العطاء والبذخ والتفوق ليحملوا إبداعاً يرفع اسم بلادهم في العديد من المحافل العربية والدولية.
وتحفيزاً لمشوارهم الحافل بالإنجازات كرمت وزارة الثقافة الفائزين في جائزة الدولة التشجيعية لعام 2018، وتم تسليم الجوائز لكل من السادة الدكتور محمد قاسم في مجال النقد والدراسات والترجمة، والشاعر قحطان بيرقدار في مجال الأدب، ورسام الكاريكاتور رائد خليل في مجال الفنون، وذلك في قاعة الدراما بدار الأسد للثقافة والفنون وسط حضور نخبة من الشخصيات الثقافية والأدبية.

مرحلة تاريخية جديدة
وقال وزير الثقافة محمد الأحمد في كلمة ألقاها المعاون توفيق الإمام إنه: «بعد مرور ثماني سنوات عجاف من حرب كونية طاحنة تشن على بلدنا، تثبت سورية، مرّةً بعد مرة، أنها قادرة على الوقوف في وجه أعتى الطامعين والتصدي لأشرس الطغاة، يساعدها في هذا بسالة جيشها الشجاع، وزنود أبنائها الأوفياء وتفانيهم في الذود عن بلدهم، وحكمة قيادتها وبعد نظرها، مستندين جميعاً في هذا إلى الإرث الحضاري السوري الذي تكون عبر قرون وقرون من جهد شعبنا المبدع، وطاقاته الابتكارية المدهشة».
وأضاف الأحمد إنه: «رغم الشح المادي، وصعوبة الظروف الناجمة عن الحرب، ما تزال الدولة السورية تولي اهتماماً بالغاً بالثقافة وتطورها وازدهار فروعها المختلفة من مسرح وسينما وأدب وفن تشكيلي وغيرها. بل يمكن القول بثقة إن النشاط الثقافي في زمن الحرب والشدة قد زاد عما كان عليه في زمن السلم والرخاء. لأن الثقافة هي أحد الأعمدة المهمة في صمودنا خلال هذه الحرب، ولأن الثقافة هي الوجه الآخر لانتصارات الوطن، ومعادل موضوعي لتضحيات الجيش العربي السوري الذي بذل جنوده وضباطه دماءهم من أجل الذود عن أبناء شعبهم، في مواجهة هجمة تكفيرية شرسة، كانت تستهدف الإطاحة بكل الرحلة الحضارية التي قطعوها عبر آلاف السنين، ومن أجل الحفاظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً وتاريخاً عريقاً».
وبين الأحمد أننا: «على عتبات انطلاق مرحلة تاريخيّة جديدة، يقوم فيها العالم بمراجعة حساباته تجاه سورية المنتصرة على الإرهاب، وبتأمل هذا الدرس التاريخي المدهش الذي قدمه بلدنا لشعوب المعمورة، حول مفاهيم التضحية والوفاء والاستبسال في الدفاع عن الأرض والوطن. وفي هذه المرحلة التاريخية الجديدة القادمة ستتمُّ إعادة النظر والتصويب والإصلاح للمسائل التي تقتضي ذلك في المجالات كافةً، ما ينعكس بقوّة وإيجابيّة على الفكر والثقافة. ولهذا فإن ما هو مطلوب منا كوزارة للثقافة، ومن كتابنا وفنانينا المبدعين، أن يشكلوا بوصلة روحية وفكرية تقود مجتمعنا للخروج من أتون هذه الحرب ومعالجة آثارها وأضرارها النفسية والفكرية بأفضل الطرق وأنجع الأساليب».

حافز للمضي قدماً
وبدوره بين الشاعر قحطان بيرقدار أنني: «حصلت على العديد من الجوائز العربية لكن لهذه الجائزة مكانة خاصة لكونها جائزة من وطني، وحملت بموجبها مزيداً من المسؤولية، وسأكون لها أهلاً. ولا ريب في أن حصولي عليها سيشكل حافزاً كبيراً لي على المضي قدماً في رحلتي في عالم الأدب التي بدأتها في العام 2000. وبموازاة ذلك سيشكل حافزاً كبيراً لي أيضاً على مواصلة رحلتي الشائقة في مجلة الطفل العربي أسامة، فهاتان الرحلتان صنوان، ومشروع إبداعي واحد بالنسبة إلي، وشاركت في مجال الشعر بثلاثة دواوين وبناءً عليها وعلى سيرتي الذاتية في مجال الأدب جاء التحكيم ونلت هذه الجائزة».
قيمة مضاعفة
بينما قال الفنان رائد خليل إن: «جائزة الدولة التشجيعية ذات قيمة مضاعفة لأنها تصدر من البلد الذي ينتمي إليه الفنان، عن منجز إبداعي يقوم به على مدار سنوات وليس من أجل تقديم مجموعة من الأعمال، لذلك تضعنا أمام مهمات صعبة قادمة في المستقبل وهي من باب التحفيز على تقديم الممكن، ولا شك أن الجوائز التي تقدم في البلد أهم من كل جوائز العالم لأنها تقدم من أعلى هيئة ثقافية موجودة وتأتي ضمن مرسوم وهذا يشكل حالة خاصة».
وتحدث خليل في كلمته إن: «من جدران المعابد والكهوف إلى أعمدة الصحافة والمجلات وشاشات التلفزيون، ما يزال فن الكاريكاتور متوالداً ومتعاظماً، يتصدر الفنون بإيقاعه السريع المملوء بالسخرية المرة المولودة من عمق المعاناة. حكايات الفن كثيرة جداً، ومناخاتنا فرضت واقعاً خصباً للتعبير، واقع يجعل الطير يصعد السلم، والزرافة تتوسد الغيمة، والثعلب يرعى قطعان الغنم! هذا الحال، يشبه (الولادة من الخاصرة) وأقتبس هذا العنوان الدرامي لأن الأحداث المتلاحقة التي هيّجت الحالة الساخرة في بلدنا جعلت بعض الصحف كـ(الراوي) عام 1909 و(ضاعت الطاسة) عام 1910، تفردان لهذا الفن زوايا عديدة وصولاً إلى زمن (المضحك المبكي).
وحديثاً أي في عام 2005 أطلقت مسابقة سورية الدولية للكاريكاتور، التي ما زالت مستمرة حتى الآن، مسابقة استقطبت المئات من رسامي الكاريكاتور وعشرات الدول، ووصل العدد إلى 83 دولة. وكان هدفنا هو التلاقح الثقافي والمعرفي مع العالم.
إن القصة البطولية لفنان الكاريكاتور، تبدأ من المحاولات الرائعة التي ينتقد فيها بسلاحه الصغير كل الحالات الإنسانية، هذه إضاءة سريعة على فن يسلط الضوء على منابع الداء والدواء معاً».

مقام عزيز
ومن جهته أوضح الدكتور محمد قاسم: «تقدمت إلى هذه الجائزة من خلال أربعة من أعمالي في حقل الدراسات الأدبية واللغوية النقدية، وكان من نصيبي الفوز في هذه الجائزة، وتكريم المرء في وطنه شيء عصي على الوصف ولاسيما أن هذا التكريم جاء من وطن مكلوم كابد حرباً دامت لسنوات وانتصر، ومن دمشق مدينة المدائن وريحانة البلاد وجنة اللـه وخدينة التاريخ أقطف ملء يديّ ياسميناً أنثره على جباهكم الكريمة. هذا مقام عزيز وموقف مهيب لم يجل في خاطري يوماً أني أقف فيه، وقد جرت المقادير أن أكون فيه لحكمة ما تزال أسبابها خافية عني، ذلك أني امرؤ آمنت أن أعمال الرجل وآثاره أصدق مترجميه، وتلقي الناس لها بقبول أجزل مكافأة تتطلع إليها نفسه».
يذكر أن وزارة الثقافة السورية منحت جائزة الدولة التشجيعية لعام 2018 بناءً على أحكام المرسوم التشريعي رقم 11 لعام 2012، القاضي بإحداث جائزتي الدولة التقديرية والتشجيعية في مجال الأدب والفنون للمبدعين والمفكرين والفنانين وذلك تقديراً لهم على عطائهم الإبداعي والفكري والفني.
لمحة عن المكرمين

الشاعر قحطان بيرقدار من مواليد دمشق 1977 حاصل على إجازة في اللغة العربية وآدابها من جامعة دمشق وهو عضو في اتحاد الكتاب العرب، ويعمل رئيساً لتحرير مجلة أسامة للأطفال إضافة إلى عمله مدققاً لغوياً في عدد من دور النشر ومؤسسات الإنتاج الفني داخل سورية وخارجها صدر له خمس مجموعات شعرية.
أما الفنان رائد خليل فمن مواليد حماة 1973 وهو عضو جمعية الروح الطيبة العالمية «بولونيا»، وفي العديد من لجان التحكيم العالمية وينظم سنوياً المسابقة الدولية للكاريكاتور في سورية منذ عام 2005 وعمل في العديد من الصحف والمجلات العربية والعالمية وشارك في الكثير من المعارض الدولية وحاز عشرات الجوائز وشهادات التقدير عالمياً وله إصدارات عدة منها كتاب عن الفنان الشهيد ناجي العلي 2004 وكتاب شخصي ومجموعات شعرية ثلاث.
والدكتور محمد قاسم من مواليد درعا 1975 عمل محرراً في هيئة الموسوعة العربية ومدرساً للنحو والصرف في قسم اللغة العربية بجامعة دمشق له في مجال تحقيق النصوص الأدبية والبحوث الفكرية وإصدارات عدة منها شذا العرف في فن الصرف للحملاوي والثقلاء لابن المرزبان المتوفى 309 هجري وفي مجال التأليف التذكرة في علم العربية في مجلدين والأصول النحوية والصرفية في الحجة لأبي علي الفارسي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن