رياضة

كأس آسيا – الإمارات 2019 .. التجربة الألمانية خدعتنا ومساحيق التجميل عن الحقيقة أعمتنا … صرخة وطن على أداء خجول وخروج مبكر صادم

| محمود قرقورا

عندما خرج منتخب شباب سورية مبكراً من مونديال 1995 كتب فارس الكلمة الراحل الأستاذ عدنان بوظو في الصفحة الأولى لصحيفة المنظمة الاتحاد:
صرخة وطن، وتلك الصرخة إثر الخسارة القاسية من البرازيل صفر/6 وقال: بعد عرض محيّر وهزيل.. أحبطتنا البرازيل.
تصوروا يا سادة خسر شبابنا أمام البرازيل وروسيا وفزنا على قطر في ذاك المونديال وخرج عدنان بوظو بعنوان كهذا.
فما العنوان الذي يتناسب مع حالنا اليوم وقد صدمتنا فلسطين، وصفعتنا الأردن، بغض النظر عن الخسارة الأخيرة أمام أستراليا التي تعد النتيجة الأكثر منطقية بين النتائج الثلاث؟
قبل أيام سبقتنا سمعة غير عادية لنهائيات الإمارات 2019 واستعدت جاليتنا عن بكرة أبيها لاستقبال المنتخب، وبيعت جميع تذاكر مبارياته، وقبل السفر عقد اتحاد الكرة مؤتمراً صحفياً حاراً وخرج رئيس اتحاد الكرة بعنوان مفاده: المستحيل ليس سورياً على غرار شعاره الأول: سورية في روسيا 2018 ولكن شتان التطبيق بين هذا وذاك.
وقبل المؤتمر الصحفي أجرت إدارة المنتخب تمريناً وداعياً للراغبين، وكثرت الشركات الراعية للمنتخب، ولكن كل هذا التطبيل والتزمير والبهرجة تحول إلى خيبة أمل وسراب بقيعة إثر أداء هو الأسوأ بتاريخ المنتخب في العرس القاري الذي تحوّل إلى عزاء ومأتم لكل جماهيرنا التي انتظرت الفرحة، والسبب أن المشكلات كانت جمة خلال رحلة الاستعداد مع المدرب الألماني شتانغه وشخصياً لم أتفق مع المدرب بطروحاته الهشة في مؤتمرين صحفيين ومنهما أبدأ..

الثناء على الأولمبي
قبل سفر المنتخب الأول لمواجهة أوزبكستان وقيرغيزستان في أيلول امتدح المدرب شتانغه المنتخب الأولمبي المهزوم في دورة الألعاب الآسيوية أمام فيتنام مثنياً على المواهب المبشرة بمستقبل واعد، معتبراً التأهل لربع النهائي إنجازاً يسجل للمدرب مهند الفقير فعقبت على كلامه قائلاً:
على أي أساس تدافع عن المنتخب الأولمبي وقد سجل هدفين في أربع مباريات إذا وضعنا منتخب تيمور الشرقية جانباً، ولو شكلنا فريقاً من حاضري المؤتمر لفزنا على تيمور الشرقية، وتصريح كهذا ينم عن جهل بتاريخ كرتنا الأولمبية التي لعبت بالأمس القريب مباراة التتويج لبطولة غرب آسيا 2015، وبعد المؤتمر الصحفي المذكور كنت مع مساعده طارق جبان فطردني شتانغه من مكتبه رداً على مداخلتي، فاقتنعت من يومها بأنه مدرب هش ولا يتحلى بصدر رحب ولا يقبل المناقشة، ولم أشأ الدخول في أي مهاترات كي لا أكون سبباً في أي رد فعل، علماً أن معظم الزملاء علموا بالواقعة.
وتبيّن لي لاحقاً أنه يرد الدين لمدرب الأولمبي مهند الفقير الذي كان وراء تزكيته لاتحاد كرة القدم للتعاقد معه، والكابتن مهند بقي مدافعاً عن فكر المدرب في كل المحطات الودية وبعد مباراة فلسطين حتى قالها عقب الخسارة أمام الأردن بأن المدرب الألماني يتحمل مسؤولية الإخفاق الآسيوي.

المؤتمر الصحفي الأخير
المؤتمر الصحفي الذي سبق سفر المنتخب إلى الإمارات كان للتنظير واستعراض العضلات أكثر منه مؤتمراً صحفياً، وكل من رئيس المنظمة ورئيس اتحاد الكرة والمدرب شتانغه أدلى دلوه، والذي استفزني قول المدرب بأنه يعتبر التأهل للدور الثاني إنجازاً من منطلق أن منتخبنا لم يعبر دور المجموعات من قبل، فكانت مداخلتي التي أزعجت المدرب والمعنيين التالي:
عندما لم نتجاوز دور المجموعات 1980 و1984 و1988 كنا واحداً من عشرة منتخبات في النهائيات وترتيبنا النظري خامس القارة 1980 وسادس القارة 1988 ومجموعات التصفيات سابقاً توازي مجموعات النهائيات حالياً، والحالة الطبيعية لمنتخبنا التأهل لربع النهائي، وغير ذلك يعد إخفاقاً وأوصلت له الرسالة بأن التأهل ليس إنجازاً عكس ما تروج لنا، فصمت المدرب وأجاب رئيس اتحاد الكرة بقوله:
ومن قال إننا سنرضى بالتأهل فقط وشعارنا «المستحيل ليس سورياً» ولن نرضى بأقل من المربع الذهبي.

استفسارات من جسم المنتخب
دار في خلدي أكثر من سؤال عقب ثناء شتانغه على الأولمبي ورداءة الأداء في المباريات الودية، فسألت أكثر من شخص في جسم المنتخب علّي أقنع نفسي بأشياء إيجابية عن المدرب، فسألت المنسق الإعلامي الزميل عماد الأميري قائلاً:
بحكم قربك من المدرب هل أنت واثق مما يقوم به؟ فكان الجواب مئة بالمئة وانتظروا النهائيات!
سألت مساعده الوطني طارق جبان: هل أنت متيقن من نجاح المدرب؟ فكان الجواب بكل تأكيد ومساعده أرمشير عينه ثاقبة في متابعة اللاعبين؟
سألت المعالج الفيزيائي الصديق عزت شقالو: هل تتوقع نجاح المدرب؟ فكان جوابه إيجابياً بامتياز.
سألت الإداري خالد السهو: هل أنت مؤمن بعمل المدرب شتانغه؟ فجاء جوابه بالإيجاب.
والملاحظ أن المدرب عُرض عليه مباريات ودية أكثر نوعية من التي جرت أمام ورفضها المدرب لأسباب ليست مجهولة وهي الخوف من نتائج سلبية وانكشاف أوراقه البالية، ولأن المعنيين تخوفوا أخيراً من نتائج المدرب قاموا بكل إجراءات السفر للمدرب البديل المنتظر فجر إبراهيم قبل البطولة.

رأي فني
نحرص دائماً على ترك الأمور الفنية لأصحاب الشأن ونغوص في التحليل الإعلامي الرقمي والإحصائي، ولكن نعلم أن ثبات التشكيل قبل أي استحقاق من المسلمات، والغريب أن المدرب استدعى قرابة أربعين لاعباً منهم خمسة وثلاثون لعبوا في الدوليات الودية أو في وديات معسكر النمسا، وبالنهاية كانت العودة لتشكيلة أيمن الحكيم في التصفيات المونديالية، فلماذا كل هذا السيناريو؟
عمر خريبين اعتذر غير مرة عن الوديات لأسباب متعددة وبقي ذنبه مغفوراً، بينما فراس الخطيب استبعد لاعتذاره عن معسكر النمسا بسبب تحليله مباريات مونديال روسيا لقناة روسيا اليوم.
أحمد الصالح استبعد لأنه لا يلعب مع أي ناد وإبراهيم عالمة بقي مكانه محفوظاً رغم تشابهه مع أحمد الصالح في مرحلة من المراحل حتى تعاقد معه نادي الوحدة فلماذا الكيل بمكيالين، وأين عيون إدارة المنتخب؟

شارة الكابتن
الكابتن مدرب بأرض الملعب والاختيار يجب أن يكون بعناية فائقة وعادة ما يتم اختيار اللاعب الأكبر سناً أو الأكثر تألقاً أو العميد الأكثر خبرة أو الهداف التاريخي أو حارس المرمى أو صاحب شخصية حازمة، ولم نتوقع أن تجلب الشارة الوباء لمنتخبنا، ولكن تسريبات من جسم المنتخب أشارت إلى أن السبب الجوهري لاستبعاد فراس الخطيب شارة الكابتن، وأن عمر السومة اشترط أن يكون قائد المنتخب وهذا معناه الإصرار على استبعاد فراس الخطيب.
والحارس عالمة في فترة من الفترات طالب بها معتبراً أنه الأحق، ومن غير المنطق من وجهة نظره أن يلتحق عمر السومة في اللحظات الأخيرة للتصفيات المونديالية بعد تمنعه الطويل ويأخذ الشارة، فما كان من المدرب شتانغه إلا أن أقنع العالمة، ورأى البعض أن استبعاد أحمد الصالح معظم المباريات التحضيرية لهذا السبب، وسحب الكابتن فجر شارة الكابتن من عمر السومة يؤكد هذه المزاعم وإخراجها في المؤتمر الصحفي قبل مباراة أستراليا بأن السومة تنازل عنها مسرحية هزلية، بدليل أن خبر سحب شارة الكابتن من السومة وإعادتها لأحمد صالح تداولها موقع كووورة صباح يوم السبت وتلا ذلك خبر آخر على الموقع مفاده أن المدرب فجر عنّف السومة والعالمة وأن المنتخب فوق نجومية أي لاعب، ويوم الإثنين كان التصريح الذكي من المدرب بأن السومة هو من تخلى عن شارة الكابتن!!

منتخب أشخاص
عندما يتبدل منتخب الوطن إلى منتخب أشخاص فهذه هي الحصيلة!
وعندما تتحول شارة الكابتن إلى مشكلة المشكلات فهذه هي النتيجة!
وعندما نستقدم مدرباً بمواصفات أقرب إلى المحلية أو أقل فهذه هي الكارثة!
وعندما يكيل هذا المدرب بمكيالين وتغيب عنه العدالة فهذه بوابة الشرذمة!
وعندما نظنّ أن الفوز يتحقق بالخطابات والشعارات والتصريحات فهذه هي المصيبة!
وعندما نستسهل مجموعتنا وننخدع بنظام التأهل المطاط فهذه هي العجرفة!
وعندما ننام في عسل نتائج التصفيات المونديالية فهذه أكبر غلطة!
وعندما لا نقف على المسافة ذاتها من جميع مفاصل اللعبة فهذه هي المزاجية!
وعندما نستجيب لطلب لاعب ما بضرورة تغيير المدرب المحلي فهذه معزوفة جديدة!
وعندما نتأخر في اكتشاف الطُعم الأجنبي فهذه نافذة الحسرة والندامة!
وكل هذا حصل وكنا نعلم ذلك ولم نرد كشف المستور حفاظاً على رحلة إعداد المنتخب.

غطاء الأزمة
الأزمة التي عصفت بالبلاد أعطت الضوء الأخضر لأطباء الرياضة ليجدوا الشماعة عند أي إخفاق، والغريب أن فوز منتخب سورية ببطولة غرب آسيا تحقق زمن الأزمة 2012 عندما كانت سورية تنزف وتعاني ولم يتحقق أعوام 2000 و2002 و2004 و2007 و2008 و2010 زمن الرخاء!
وقلنا سابقاً بأن العراق تأهلت لكأس العالم 1986 بأتعس وأمرّ حالاتها وأحرزت كأس آسيا 2007 بأسوأ وأحلك ظروفها، كدليل على أن تأثير الأزمات ليس كلياً وخصوصاً في كرة القدم بدليل أننا صدّرنا لاعبين محترفين خلال الأزمة أكثر من أي وقت مضى، وهؤلاء المحترفون هم الذين نقلوا المنتخب نقلة نوعية نحو الأمام.

الشراكة الإعلامية
أكثر ما يؤلمني يا سادة القرار في البرامكة والفيحاء حديثكم عن الشراكة الإعلامية وكما قلنا لكم سابقاً نعيد: تريدون شراكة مفصلة على مقاس تطلعاتكم، شراكة تضخّم أعمالكم الصغيرة وتبرر إخفاقاتكم الذريعة، شراكة تريد إلقاء اللوم على اتحادات الألعاب وتعطيكم صك البراءة، والشراكة جعلتكم تؤمنون بعدم جدوى سفر وفد إعلامي مع المنتخب إلى الإمارات ليكون منتخبنا الوحيد الذي لم يؤمن بضرورة الوفد من بين المنتخبات الـ24 المشاركة، فأخفيتم كتاب الاتحاد الآسيوي عن وسائل الإعلام، وحتى التلفزيون السوري غاب من قلب الحدث للمرة الأولى، وعن هذا الأمر اتحاد اللعبة يرمى الكرة بمرمى المنظمة، والمكتب التنفيذي يقذفها بمرمى اتحاد الكرة، وشخصياً خاطبت رئيس الاتحاد الرياضي وقال: إنه سيخاطب من هم أعلى منه بشأن ذلك وكأنه يريد تسويف الأمر، وهنا أتساءل: في الصيف الماضي تكفل الاتحاد الرياضي بسفر وفد إعلامي منتقى من بعض الصحف لزيارة جريدة الأهرام فأيهما أجدى وأنفع؟!!
سيادة اللواء نأمل المحاسبة الفورية لكل من خذلنا، ونأمل من مكتب الشباب والرياضة التدخل فجمهورنا الكروي يستحق البسمة لا الغصة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن