رياضة

بطولة آسيا – الإمارات 2019 … بعد صدمة الإمارات لا بد من تجاوز خطوات الفشل

| ناصر النجار

انتهت رحلتنا الآسيوية على غير ما نشتهي ويشتهي كل عشاق الكرة السورية داخل الوطن وخارجه، وبات الجميع يتساءل عن الأسباب التي أدت إلى ذلك.
البعض كان منطقياً في انتقاده متأثراً بهول المصيبة، والبعض وجّه الاتهامات جزافاً، والبعض الآخر أعلى السقف كثيراً، وبعض المنتقدين وجهوا كلامهم من مبدأ العاطفة والقليل منهم رأوها فرصة لتصفية الحسابات الشخصية الضيقة، والبعض كانت ساحة المنتخب سوقاً خصبة ليقدموا أنفسهم وتناسى هؤلاء أن أغلبهم أخفق في قيادة فريق بالدرجة الأولى أو الثانية، والقليل اصطف إلى جانب اتحاد كرة القدم وربما علاقاتهم ومصالحهم فرضت عليهم مثل هذا الوقوف، ونعتقد أن الحديث عن إخفاق منتخب كرة القدم في آسيا يجب أن يكون حديثاً علمياً منطقياً بعيداً عن الشخصنة والعلاقات الخاصة.

توازن مفقود
في الحديث عن المباريات الثلاث لمنتخبنا في الإمارات نجد أن منتخبنا افتقد إلى التوازن والانسجام وما يشاع عن وجود خلافات بين أفراد المنتخب لأي سبب من الأسباب كرسته هذه النتائج وبالتالي هو حقيقة لا يمكن نكرانها، والسب برأيي أن الفتنة زرعها المدرب الألماني الذي أخطأ كثيراً بقيادته للمنتخب، فتشكيلته كانت غير متوازنة في كل المباريات الودية والرسمية التي أداها المنتخب واختباره المستمر للاعبين وأساليب اللعب كانت سبباً مباشراً بما نحن فيه من إحباط وخيبة أمل، وأنا هنا أميل إلى كل من حمل المدرب المسؤولية، لكن نتساءل: لماذا صبرنا على هذا المدرب حتى وقعت الفأس في الرأس؟
المسؤوليات
اتحاد كرة القدم وزع العمل في اتحاد كرة القدم ضمن الاختصاصات المفترضة، وعمل بذلك وفق رؤية منطقية حتى لا تتداخل المسؤوليات، فالكادر الفني له مسؤولياته المعروفة، والكادر الإداري اهتم بمتطلبات المنتخب من تجهيزات وحجوزات ومؤتمرات والكادر الطبي اهتم بصحة اللاعبين وجهوزيتهم البدنية.
من هنا نحمل الكادر الفني المسؤولية ونخص المدرب الوطني الذي هو عين الاتحاد في المنتخب والمفترض أن يطلع الاتحاد على كل ما يجري فنياً، وأن يعترض على استبعاد لاعبين واستقدام لاعبين وكذلك شارة الكابتن وغيرها من الخلافات، ونحن في (الوطن) أشرنا إلى موضوع عدم صلاحية المدرب وطالبنا بالتدخل بعد خسارة منتخبنا أمام قيرغيزستان الودية والأداء السيئ الذي قدمه منتخبنا وأظهر فيه انفلاتاً فنياً وانضباطياً بآن معاً ولكن لم يستجب لهذا الطلب أحد ولعل اتحاد كرة القدم خشي أن يقع في مطب تغيير المدرب قبل النهائياًت بشهرين دون أن يجد البديل المناسب بسرعة ويعود للمربع الأول من جديد.
الكادر الإداري أدى عمله بشكل ممتاز على صعيد تجهيز المنتخب وتأمين كل متطلباته، لكن يؤخذ عليه عدم التدخل المباشر بمشكلات اللاعبين فيما بينهم إلا إذا كان شتانغه يمنع ذلك!
لاعبونا يتحملون القسط الكبير من المسؤولية عندما تخلوا عن الألفة والمحبة والتعاون والتعاضد، فبدل أن يكونوا يداً واحدة في الملعب كان كل واحد يغني على ليلاه، وتناسوا أن ما حققوه في التصفيات المونديالية كان بسبب محبتهم وحاجتهم لإثبات وجودهم، وكأن سمعتهم في بطولة الإمارات لم تعد تهمهم كثيراً.

خطوات الحل
الخطوة الأولى المفترض اتخاذها هي حل المنتخب الوطني وكوادره، ومحاسبة المخطئين من الكوادر واللاعبين بعدم استدعائهم للمنتخب مجدداً وعدم تكليف أي من الكوادر المسيئة أي عمل ضمن اتحاد كرة القدم.
دراسة الأسباب الحقيقية للفشل الآسيوي ووضع الحلول التي أدت إلى هذا الإخفاق.
وضع إستراتيجية طويلة الأمد لكرة القدم السورية على كل الصعد وليس على صعيد المنتخب الوطني فقط.
العناية بالقواعد الكروية في الأندية عبر نشاطات متعددة على مدار الموسم، والعناية بالمنتخبات الوطنية القاعدية التي هي الرديف الرئيس للمنتخب الأول.
العناية بالكوادر الوطنية بكل الاختصاصات، وفتح المجال أمام جيل الشباب لممارسة العمل الإداري، فكرتنا تحتاج إلى هذا الاختصاص الذي بات ينتهج العلم وفقاً لقواعد العمل الذي حدده الاتحادان الدولي والآسيوي.
المدربون هم أساس التطور الكروي، وهنا نسأل: كم مدرباً لدينا مقابل أنديتنا الكثيرة وفرق الفئات العمرية المتعددة؟ اتحاد كرة القدم لا يقصر في عقد الدورات بكل فئاتها ضمن المواصفات الآسيوية، ولكن هذا لا يكفي لأن تطوير الأداء الفني بحاجة لأكثر وأكبر من هذه الدورات.
أولاً: التدريب صار اختصاصاً، فمدرب القواعد يختلف عن مدرب الرجال، وعندنا المدرب يدرب كل شيء وهذا الخطأ بعينه، لذلك يجب الفصل بين المدربين باختصاصاتهم، وأرى أن دعم مدربي القواعد يجب أن يكون في الأولوية لأن بناء الكرة الصحيح يكون في ملاعبهم.
ثانياً: مدربو فرق الرجال باتوا بحاجة لدورات متقدمة أكثر من الدورة (a) وهم بحاجة إلى فترت تعايش مع فرق متقدمة ومدربين مشهود لهم بالخبرة والسمعة الحسنة.
ثالثاً: لدينا العديد من المدربين يعملون في الخارج، الجيدون منهم لا يتجاوز عددهم عشرة مدربين، وهنا نتساءل: كم مدرباً من هؤلاء قادراً على إيصال منتخبنا إلى مستويات كبيرة ورفيعة على الصعيد الآسيوي على الأقل؟
رابعاً: لماذا الثقة في المدرب الوطني ما زالت معدومة، وها هي أغلب المنتخبات المشاركة بالبطولة الآسيوية مدربوها أجانب وعلى سبيل المثال: إيران، فهل تفتقد إيران إلى المدربين المتميزين؟
المدرب هو توفيق ليس إلا، وفي البطولة الآسيوية أكثر من مدرب أجنبي من مدارس مختلفة، لكن في النهاية الفائز واحد.
نقول هذا لنضع النقاط على الحروف ولندرك أن المدرب الجيد هو قبة الميزان في كل منتخب.
كرة القدم لكي تنجح تحتاج لعناصر متعددة، عمل إداري جيد، ومدرب متميز، وملاعب كروية صالحة.
كرتنا في اتحادها الحالي حصلت على الشرط الأول (عمــل إداري جيد) وهي تحتاج إلى مــدرب متميـــز ومــلاعب كروية صالحة في كل المحافظــات وفي كل الأنديــة.
قد يكون من الظلم أن نخرج من الدور الأول، لكننا لن نصل لأكثر من دور الثمانية بأحسن الأحوال، هناك الكثير من الأمور التي حققناها ويلزمنا عمل أكبر وأكثر صعوبة.
نحن ننتظــر من اتحادنا الكروي أن يتجاوز صدمة الإمارات وان يعيد ترتيب أوراقه من جديد ليتابع الخطوات الناجحة ويتجاوز الخطوات التي أدت إلى الفشل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن