ثقافة وفن

الشخصيّات في الدراما السوريّة تكتب بعيداً عن الدراسة النفسيّة…رنا كرم لـ«الوطن»: كثرت اعتذاراتي عن الأعمال ففترة التجريب انتهت

 عامر فؤاد عامر : 

لديها حضور خاصّ تركته منذ ظهورها الأول أمام الجمهور، فكانت «حبق» في مسلسل «الحصرم الشامي»، ليستمر حضورها بعده في أكثر من عمل شامي مثل «طالع الفضة»، و«زمن البرغوث»، و«الدبور». وهي من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق عام 2009، ودرست قبل ذلك الإرشاد النفسي في جامعة البعث، لكن انحصرت أدوارها في حدود الشخصية الطيبة واللطيفة، على الرغم من امتلاكها المقدرة في تأدية أصعب الكركترات، ولديها تجربة مهمّة في عدد من المسرحيّات مثل «كلهم أبنائي»، و«الخوالي»، و«the moment»، و«خطوات»، وغيرها. كما كان لها مشاركاتها الخاصّة في السينما السوريّة بين فيلمي «مطر أيلول» و«الأمّ» وعدد من الأفلام القصيرة. الفنانة «رنا كرم» في حوار خاصّ لـ«الوطن» تحدّثت عن مجموعة من النقاط المهمّة حول الدراما السوريّة، وتجربتها الفنيّة.

تكريس الممثل وتنميطه
بدأت الفنانة «رنا كرم» بدور في مسلسل للبيئة الشاميّة، من ثمّ تتالت الأدوار عليها في مسلسلات من الصنف نفسه، وقد كان تعليلها لهذه الملاحظة فيما يلي: «نعم كُرست في هذا النوع من أعمال الدراما، والسبب في ذلك أن مخرجينا بالعموم عندما يرون ممثلاً نجح في دورٍ ما يلجؤون لاعتماده في الدور نفسه وفقط، دون اللجوء لوضعه في مكان جديد، ومبدئيّاً يمكن القول بصراحة إنني لم أملك الخيار ولاسيما أنني كنت خريجة جديدة في المعهد العالي للفنون المسرحيّة؛ وببساطة لغة التجربة قادتني مثل أي خريج جديد يحبّ التعرف على أكبر عدد من المخرجين ليقول لهم أنا موجود. لكن هناك نقطة مهمّة عليّ ذكرها وهي أن الذي زاد من وجودي في الأعمال الشاميّة هو قصة الأجزاء، فعندما تكون لي شخصيّة في جزء أول سيكون لي استمرار في الجزء الذي يليه، فعمليّاً لدي أربع مشاركات ولكن في النتيجة أصبحت سبعاً، ومنذ العام 2013 أخذت القرار في عدم العمل ضمن مسلسلات البيئة الشاميّة إن كانت الشخصيّات التي تُعرض عليّ من النمط نفسه ومتشابهة، فأدوار البيئة الشاميّة تكتب للرجال، أمّا دور المرأة فهو مُكمّل، ولا يوجد هامش من الإبداع والإغراء في الشخصيّة النسائيّة، باستثناء شخصيّة أو اثنتين فقط في كلّ المسلسل، ولذلك قررت الابتعاد عن المشاركة فيها إلا إذا كانت الشخصيّة مختلفة ومغريّة للعب».

القدر والتحدّي
بالعودة إلى بداياتها وتلمّس الموهبة الفنّيّة تقول: «الشعور الذي انتابني في حبّ الوقوف على خشبة المسرح كان في عمر خمس السنوات، فقد شاركت في حفلات الأطفال التي كنت أشارك فيها، ودون شعور تحوّلت لشخص قيادي يعطي الأوامر في العمل للناس من حوله، ويستمتع بتفاصيل العمل، ويبحث عن جزئيات مهمة لإنجاح الشخصيّة، كلّ هذا أغراني مع مرور الوقت، وفي الصف العاشر دخلت في مسرحيّة مع فرقة «جدل» في حمص، وهنا بدأ التحدّي في رغبة دراسة المسرح، وليس فقط البقاء ضمن الهواية، وبعد الشهادة الثانوية كان القدر أن ساقني إلى دراسة التمثيل في المعهد، على الرغم من عدم رغبة الأهل في ذلك وإرضاءً لهم درست الإرشاد النفسي في جامعة البعث، لكني تحدّيت الظروف وأحببت الخطوة وتابعت في هذه الرغبة إلى أن دخلت المعهد العالي».

البحث النفسي
بين دراسة الإرشاد النفسي والاستفادة منها في فهم الشخصيّة وأبعادها النفسيّة، وإلى أي مدى يساعدك هذا الموضوع في تقديم الدور بصورة مختلفة تقول ضيفتنا رنا كرم: «هذه الدراسة تقدم لي أبواباً كثيرة، فقد استفدت منها حتى أثناء الدراسة في المعهد، ودائماً أحاول إيجاد مفاتيح الشخصيّة من خلال علم النفس، وهذا لا يفيد كثيراً في الدراما السورية لأن الشخصيات تكتب بعيداً عن دراستها نفسيّاً، ولكن أنا كممثلة أحاول دائماً أن أبحث في نفسيّة الشخصيّة، وبنائها بصورة سليمة وحقيقيّة».

متابعة نفسيّة
تُكتب الشخصيّة في الدراما السوريّة بصورة أحاديّة الجانب، فإلى أي حدّ تعاني الفنانة «رنا كرم» من هذه المسألة: «عندما يكون لدي نص جيد وممثل جيد ستكون النتيجة جيدة بكل تأكيد «دون التغاضي عن أهمية المخرج طبعاً»، ولكن إن امتلكت ممثلاً جيداً ومخرجاً جيداً ونصاً سيئاً فلن تكون النتيجة إلا سيئة، فمشكلتنا الحقيقية هي مشكلة نص، والأزمة من باب أولى تكمن هنا، فعلينا الانتباه لغنى النصوص». أمّا عن الشخصيّة التي وجدت أنها قريبة من الواقع ومكتوبة بصورة جيدة فتضيف: «الشخصيّة التي لعبتها في مسلسل «وادي السايح»، وأيضاً في «طالع الفضة»، و«سوق الورق»، و«شهر زمان» فقط في هذه المسلسلات وجدت أن الشخصيّات كتبت بطريقة فيها اهتمام إلى حدٍّ ما في الجانب النفسي للشخصيّة».

سبع مسرحيّات
في تجربة المسرح والأعمال التي قدّمتها الفنانة «رنا كرم» تقول: «لدي 7 مشاركات مسرحيّة منها مسرحية للأطفال هي «الدجاجة السوداء» للمخرجة «آنا عكاش»، والبقية هي «الآلية» للمخرج «مانويل جيجي»، و«حكاية ما فيها موت» للمخرج «كفاح الخوص»، ومسرحيّة «خطوات»، لمخرجها «مضر الحجي»، و«الأيام الخوالي» للمخرج «عمار محمد»، «مومنت» لمخرجتها «رغداء الشعراني»، و«كلهم أبنائي» للمخرج مأمون الخطيب. وتنوعت تجربتي المسرحيّة، فكل واحدة منها منحتني شيئاً، وهي لا تتشابه فيما بينها، وفي النهاية يتثبت لدي الأمر بأن المتعة أن أقف على المسرح، فهناك دفق من الإحساس لا يمكن أن يكون متشابهاً مع أي نوع من الفنون الأخرى، فحالة الصدق فيه مغرية جداً، وعموماً وعلى الرغم من كلّ صعوبات المسرح في سورية إلا أنني لن أترك تجربتي معه».
في السينما

وعن التجربة السينمائيّة تضيف: «ليست تجربة كبيرة ولكن بعد تخرجي شاركت في الفيلم الطويل «مطر أيلول» للمخرج «عبد اللطيف عبد الحميد»، وبعد ذلك في 3 أفلام قصيرة، هي «مود» مع «طارق مصطفى»، و«رحيل» مع «حنان سارة»، و«الرجل الذي صنع فيلماً» مع «أحمد إبراهيم أحمد»، والتجربة مع باسل الخطيب في فيلم «الأمّ»، والسينما لم تأخذ تجربتها المكتملة معي، فهي مغرية لأن فيها مواصفات مختلفة بالمقارنة مع الفنون الأخرى».

المسؤوليّة والحلم
يؤثر الفنان على الناس والعين التي تراقبه، فإلى أي مدى تقع المسؤولية عند الفنانة «رنا كرم»: «بعد متابعتي لأعمالي ولأعمال غيري؛ وبعد إعادتها وعيت لهذه الفكرة أكثر، ولذلك اتخذت قراراً بالاهتمام في كلّ ما أقدم، فالموضوع خطير، ولذلك كثرت اعتذاراتي مؤخراً، ففترة التجريب انتهت برأيي، وأخذت فرصتي منها، واليوم أريد أن أقدّم نتيجة يرضى عنها الجميع». أمّا عن الحلم في تجسيّد شخصيّة كما ترغب فتقول: «البحث مختلف بين شخصيّة حقيقية في تاريخ حديث، والبحث في التاريخ عن شخصيّة قديمة وثقتها الكتب، لكن هناك شخصيّة لطالما حلمت في تجسيدها وهي «زنوبيا» التي تغريني كثيراً في تقديمها، أمّا مؤخراً فأفكر بأن معظم الشخصيّات التي تقدّمت لي كانت طيّبة، وأرغب في تجسيد الشخصيّة الشريرة، فأحلم بشخصية تستفزني أقدّمها بكامل إحساسي وعواطفي».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن