ثقافة وفن

نحتاج الحب الذي هو خشبة الخلاص الوحيدة … زهير قنوع لـ«الوطن»: في مسلسل «أثر الفراشة» نهتم بالجانب العاطفي بعيداً عن البشاعة والموت

| سوسن صيداوي

الحب في زمن الحرب، هل يكون مختلفاً؟ هل يتمتع بنكهة الفراولة الخاصة؟ هل حقاً يكون رغم الدماء والدمار والخراب والبشاعة.. حقاً يكون الحب جميلاً؟ هل هو أقوى بالطاقة من القنابل… وبالفعل يصيب القلوب كالرصاص؟.. هناك الكثير من الأسئلة ومعها الإجابات التي تقدّمها صور حيوات تعيش في دراما من نوع عاطفي رومنسي بمسلسل يحمل اسم «أثر الفراشة» من تأليف محمود عبد الكريم وإخراج زهير قنوع ومن إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني ضمن مشروع «خبز الحياة» بإشراف المخرج زياد جريس الريس.
المسلسل مأخوذ بملامحه عن رواية «الحب في زمن الكوليرا» للكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، تدور أحداثه بين 1979 و2019 في مرحلتين زمنيتين، وتم التصوير بين مدينتي دمشق وطرطوس، بمشاركة الممثلين: عبد الهادي الصباغ، سمر سامي، الممثل اللبناني بيير داغر وطارق صباغ ولين غرة وياسر البحر ونورا رحال وسيف الدين سبيعي وعلاء قاسم ومحمد قنوع وروبين عيسى ومرح جبر ورباب كنعان ووائل أبو غزالة وهبة زهرة ولبابة صقر ومروة الأطرش ويارا دولاني، ويحل مظهر الحكيم كضيف شرف على العمل.
وللحديث عن تفاصيل أكثر حول المسلسل نقدم لكم المزيد.

في الإخراج

عن الرواية التي أخذ منها نص المسلسل تحدث بداية مخرجه زهير قنوع: إن النص مأخوذ عن رواية «الحب في زمن الكوليرا» للأديب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز، وعن العمل على القصة كي تكون مناسبة لفكرنا الشرقي أوضح قنوع: «كاتب المسلسل أخذ القصة الرئيسة واشتغل عليها بطريقة تتناسب مع المجتمع السوري، من حيث البيئة والجغرافيا والأفكار، وفي الحقيقة رواية (الحب في زمن الكوليرا) تصلح لكل الشعوب وبأي زمن، لكونها تحكي عن الحب بشكله العميق والإنساني، وبالتالي العمل عليها كي تكون مناسبة لنا ليس بالأمر المعقد أبداً».
وعن تدخل المخرج في النص كي يكون قريباً من رؤيته الإخراجية يقول: «أنا اشتغلت على النص ضمن الحدّ الطبيعي الذي يقوم به أي مخرج كي يُبرز رؤيته الإخراجية، حتى لو كان النص نصاً ممتازاً. وأحب أن أوضح هنا نقطة جدّ مهمة وهي أنه أصبح أثناء التصوير حالة من الارتجال، ومساحة من تعزيز الخطوط المكتوبة بالنص، من خلال ورشة عمل مؤلفة من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية- هذا أمر عززناه أنا والكاتب محمود عبد الكريم الأستاذ الكبير والصديق- ساهموا في تطوير الشخصيات.

وأحب أن أضيف حول هذه النقطة بأن النص كان جاهزاً حين تمّ عرضه علي، وأُعجبت وتمسّكت به كثيراً لكوننا نمرّ بوقت علينا الاهتمام بالجانب العاطفي وإبرازه كمشروع، بالتمسك به من حاجتنا بالحديث عن الرومانسية بعيداً عن البشاعة والعنف، والموت والحرب، وغيرها الكثير من الأمور التي أوجعتنا نحن السوريين، وأوجعت المشاهد العربي الذي ما زال يعتبر الدراما السورية هي الأهم، والذي عتب على درامانا -وعتبه محق- في السنين الماضية حيث كانت تتعرض لكبوة في اختيار النصوص والممثلين وغيرها من الأمور التي عكست سلباً على جودة الدراما التي اعتاد عليها المشاهد العربي. إذاً نحن بحاجة للحديث بالتحديد عن الحب الذي برأيي هو خشبة الخلاص الوحيدة، سواء أكان بمفهومه الرومانسي بين الذكر والأنثى، أم بمضمونه المقدس بحب الوطن، وبسموه بحب الأهل، وحتى بحب الطبيعة والغابات. وأخيراً هنا الحب هو أثمن شيء نحكي عنه وعلى الخصوص في هذا الزمن، زمن الحرب أي زمن الكوليرا».

وعن إيمان المخرج بالممثلين الذين يشاركونه العمل وقدرتهم العالية على تجسيد الشخصيات في إطار مساحة يفردونها لأنفسهم وبأنفسهم يقول: «الممثل حجر أساس مهم في الدراما، وهامش المساحة يفرده هو لنفسه، فحتى لو كان الكاتب استثنائياً والمخرج قوياً، فأنا مؤمن بالممثلين السوريين وبمستواهم العالي والقادرين خلاله على لبس الشخصية وتجسيدها بطريقة عميقة جداً، وهنا أحب أن أشير إلى أنني أغار من الممثل لكوني أحب أن أكون ممثلاً أكثر من مخرج، ولكن… عندما أعمل معه أناقشه وأسمع منه كيف يعيش القصة، في الوقت نفسه الذي أعرف فيه كمخرج ما أريده وما المجال المسموح فيه النقاش من عدمه».

وعن أهمية مشروع «خبز الحياة» الذي ينطوي المسلسل تحت إطاره يتابع أخيراً: المشروع من حيث المبدأ هو مشروع جدّ مهم، لكونه مشروعاً نبيلاً وذكياً، والأهم أن تكون نتائجه على قدر الطموح، وهنا لابد من السؤال: إلى أي مدى النصوص المكتوبة موائمة ليتم إنجازها وفق الميزانيات المطروحة؟. وإلى أي مدى سينجح هذا الأمر؟. والتسويق كيف سيتم؟. لكنني أتمنى من كلّ قلبي نجاح كل المسلسلات، وأنا أعتقد أن هذا المشروع إن استطاع اختراق دائرة العرض المحلية، وتمكنت المسلسلات من أن تصل إلى الفضائيات العربية، فهذا سيكون النجاح الأكبر، هذا من جهة ومن جهة أخرى أؤكد أننا حتى لو لم نتمكن من تسويق المسلسلات للخارج، يكفينا أن تكون المسلسلات لائقة بتاريخ الدراما السورية ولائقة بسمعة المشاهد السوري، الأخير الذي من حقه أن يشاهد أعمالاً مميزة كما عوّدته الدراما السورية. إذاً المشروع نبيل لكونه أيضاً أفرد حالة تنافسية، وإن كُتب له أن يستمر، فالكم سيفرز النوع.
وفي الختام أنا لست متبنياً للمشروع لكونه يلبي المصلحة العامة ونحن نحاول أن ننجح، وأشكر كل من يساهم في إنجاحه معنا».

رجل الحب

يشارك الفنان اللبناني بيير داغر في المسلسل بشخصية رجل مغرم اسمه «فؤاد»، كان أحبّ فتاة في بداية شبابه، ولكن ظروف الحياة ومشاغلها دفعته للسفر والابتعاد عن حبه، وبعد مضي عدد طويل من السنوات يعود إلى وطنه الأم سورية، ليجد نفسه ثانية أمام حبّ الشباب، فيقابل فتاته من جديد ويعيش معها من جديد قصة حبه الماضية، في إطار درامي يعِدنا بوجبة من المشاعر الرومانسية الدافئة ضمن أحداث شائقة، متابعاً داغر: «بصراحة أنا أتوقع للمسلسل الكثير من المتابعة ممن يتمتع بحس الرومانسية وعلى الخصوص السيدات، كما أتمنى أن نقدم وجبة عاطفية للمشاهدين وأن ينال إعجابهم ويلقى المتابعة».

وعن دقة الفنان في اختيار النصوص ومزاجيته المهنية العالية في انتقاء الأفضل، تحدث عن رغبته الملحة بالمشاركة بالدراما السورية «بالفعل يهمني جداً الدور الذي سأجسده، لهذا أنا أعتذر عن الكثير من الأدوار مقابل عملي في مسلسلات أخرى، فمثلا اليوم أنا حاضر هنا في سورية البلد الذي أكن له كلّ الحب والتقدير، وبالعموم أنا أندفع حقيقة كي أشارك بالأعمال التي تُعرض علي، انطلاقاً من محبتي لجمهور الفضائية السورية وللدراما السورية، وبالتالي أردت أن أكون ضمن فريق هذا المسلسل على الرغم من أنه عُرض عليّ عمل في تونس، ويتزامن التصوير هنا مع عمل في بيروت، هذا كلّه لأنني أحببت قصة المسلسل والشخصية التي سأجسدها فيه لكونها تمثل تحدّياً لي».

وعن خصوصية الحب العماد الرئيسي الذي تقوم عليه قصة المسلسل أكد الفنان بيير داغر «الحب هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن يغيره أي شيء، لكونه شعوراً إنسانياً ومن دونه ينعدم وجود الإنسان، والجميل بالمسلسل بأنه يصوّر مشاعر الحب عند الشباب وفي سن متقدم-وهو ما يحصل لي بالمسلسل، ومع التقدم بالسن ينضج الحب وهو أمر شخصي عشته، وبصراحة أنا نضجت بعد سن الخمسين، وفي كل يوم يمرّ أصبح قادراً تقدير الأمور بشكل أفضل».

وحول الأعمال الدرامية العربية المشتركة كان رأي الفنان على الشكل التالي «برأيي إذا كان الخليط بمحله ووظّف بالشكل الصحيح فالأمر مرحّب به وهو أمر ضروري من أجل التنويع، وإذا كانت المشاركة فقط من أجل التسويق وجني الأرباح فهذا أمر مرفوض، وهنا على سبيل المثال أنا أجسد شخصية الشاب فؤاد -كما ذكرت أعلاه- يعيش في سورية ولكنه سافر ولفترة طويلة جداً واستقر في لبنان، وبالتالي كسب اللغة اللبنانية ويعود إلى سورية بهذه الشخصية، إذاً وجودي كلبنانيّ اللغة في المسلسل منطقي».

وعن التعاون مع المخرج قنوع والعمل وفق رؤيته، والتعاون مع كل كادر المسلسل أشار الفنان: «بصراحة هناك مخرجون متعبون للغاية، ولكن وبصدق كبير أنا ارتحت كثيراً للعمل مع المخرج زهير قنوع، فهو مخرج مريح للغاية إضافة إلى تعاونه مع كل العاملين في اللوكيشن».
وأخيراً ختم حديثه بتوجيه الشكر للمؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني ممثلة بمديرها العام المخرج زياد جريس الريس، متمنياً للمؤسسة النجاح في مشروعها «خبز الحياة» الذي تتابع الخطوات فيه بهمة عالية وبجدية كبيرة.

نورا رحال.. العاطفة في التمثيل والغناء

بداية حدثتنا الفنانة نورا رحال عن ابتعادها عن الساحة الفنية السورية شارحة أسبابها «ما أبعدني هو الحياة بمشاغلها الكثيرة، وأحب هنا أن أوضح بأن الفن بالعموم بالنسبة لي هو إضافة ترفيهية بحياتي-دون أن انتقص منه- وما أقصده على التحديد بأن الفن هو أمر يسعدني ولكنه ليس كل حياتي، فلديّ الكثير من المسؤوليات والأولويات المتعلقة بعائلتي مع ولديّ اللذين أقوم بتربيتهما بنفسي، فهذا الأمر يحتاج مني تفرغاً كبيراً، ويمرّ بالإنسان تجارب ومنها المرض الذي كان من أحد أسباب غيابي».
وعن تأدية الفنانة للأدوار الرومانسية والعاطفية تقول: «بصراحة أنا لم أختر أي دور، بل المخرجون هم من يختارون لي الأدوار العاطفية سواء بالسينما أم بالدراما، فلهم نظرتهم حول هذا الموضوع من حيث تناسبي للشخصية من جهة الشكل أو المضمون، وهنا ألفت نظركم بأن هذا الأمر منطبق حتى على نوعية الأغاني التي أغنيها، فدائماً يُعرض عليّ ما هو عاطفي ورومانسي».

وعن مشاركتها في مسلسل (أثر الفراشة) وشخصية إيمان التي تؤديها تقول: «عندما أُرسل إلي النص قرأته بشغف كبير، وأحسست بشعور غريب ربطني بالشخصية «إيمان» والتي تُعجب بشاب وتغرم به، وينتج عن علاقتهما طفلة، ولكنّ الشاب يتخلى عنها وعن الطفلة، وطبعاً «إيمان» تعاني الأمرّين، ولكن خلال مشوارها في حياتها يظهر شخص ويساعدها بكل الأمور ويعوضها عن كل ما مرّت به من أسى ومعاناة وعنف. إذاً المسلسل عاطفي يحكي عن قصص الحب والغرام، ويقدمه بطريقة مقدسة ومطلقة كلها عطاء وليس فيها أي مصلحة».
وتتابع الفنانة عن أهمية هذا النوع من المسلسلات التي تحمل الكثير من المشاعر وفيها من الدفء الكبير، وهي ضرورة وخاصة في هذا الجو المشحون الذي يملؤه التعصيب والتعب، لكوننا نخرج من حرب، متابعة: «الدراما بطبيعتها ترسل رسائل فكرية وواقعية للمشاهد، وفيها أيضاً الجانب الترفيهي لكونها كوميدية وعاطفية، ومن الجميل أن نهتم بنوعية كهذه من المسلسلات كونها ستساعد المشاهدين على التمسك بأسمى المشاعر وهي الحب وبأن تعود إلى بساطة مشاعرها، وطبعاً من الألم يبتعد المرء ويكتفي بنفسه، فقط من أجل أن يثق من جديد ويلامس الصدق الذي يطلب أن يعيشه كي يتجاوز مصائبه التي أوجعته».

وعن الغناء في المسلسل صرحت الفنانة بأنها سوف تؤدي شارة المسلسل وهي من كلمات المخرج زهير قنوع وتلحين جان آري سرحان الذي يتولى أيضاً وضع الموسيقا التصويرية، وبعيداً عن المسلسل تعمل على أعمال جديدة، وتتابع: «ما يحكمني بالغناء فقط مسألة الإنتاج والتسويق، وأغلب من ينتج لنفسه يكون معتمداً على ما لديه من أموال، إذاً الأمر صعب ومعقد، ولكن ما أحب أن أشير إليه أن لدي مشروع ألبوم غنائي بالتعاون مع وزارة الإعلام، وبالطبع مع إصدار الألبوم سوف أستعيد نشاطي الغنائي وبكل المناطق السورية بإذن الله».
وعن مشروع «خبز الحياة» وأهمية التكاتف لإنجاحه ختمت الفنانة نورا رحال حديثها معنا: «أنا أشارك بمسلسلين من إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي هما: ناس من ورق ومسلسل أثر الفراشة، ولن نتخلى عن مشروعنا الفني السوري، ولهذا علينا أن نتعاضد لإنجاحه بإيصال فكرنا ورؤيتنا إلى البلاد العربية بداية ومن ثم إلى العالم. نعم ستواجهنا الصعوبات والتحديات، ولكن علينا أن نساعد المشروع كلّ بحسب قدرته على العطاء وبالتغاضي عن الكثير من الأمور ومن بينها الأجور ما دامت الغاية سامية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن