ثقافة وفن

قصتي

| د. اسكندر لوقــا

إنه عنوان كتاب الساعة، بل كل ساعة، من تأليف سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية حاكم إمارة دبي. إنه الكتاب الذي تأسرك سطوره وأنت تمضي في قراءته، حيث تستوقفك عبارة هنا وأخرى هناك على امتداد صفحاته الغنية بطائفة من الأفكار والرؤى التي لا ولن تستطيع تخطي تداعياتها في ذاكرتك بسهولة.
في مطلع الكتاب يقول المؤلف إن «كلمة السر في النجاح والازدهار هي القرب من الناس»، ومثل هذا الفعل ليس بالأمر السهل إلا إذا كان الإنسان قادراً على تخطي أناه الضيقة واستطاع الوصول إلى الآخرين من دون أن يشعرهم بفارق القدرة أو النفوذ، وصار منهم وعلى مقربة منهم.
إنها معادلة كثيراً ما ينساها أو يتناساها المسؤول الذي يختار لنفسه كرسياً بعيداً عن أماكن جلوس الآخرين من أبناء وطنه، وبالتالي يصبح، مع مرور الوقت، أشبه بالغريب عن أهله حتى في بيئته الواحدة. من هنا يحذر سمو الشيخ محمد من التقوقع في المكان مشيراً إلى أهمية أن يكون الإنسان فاعلا في وطنه، متفهما أهمية تغليب المصلحة العامة على حساب المصلحة الخاصة وذلك باعتماد مبدأ «أن تحب شيئاً يعني أن تخلص له حتى النهاية وأنك كلما أعطيته أعطاك وعندما تريد إنجازاً أعطه كلك، لا تعطه بعضك إلا إذا كنت تريد نصف إنجاز أو نصف انتصار».
ويمضي سمو الشيخ في سرد ما يجعل القارئ أمام مجموعة من القيم التي ترفع من شأن الإنسان وتحقيق طموحاته المشروعة، في زمن باتت فيه القيم غائبة أو مغيبة، وكان لزاما على فئة المفكرين أن يحيوها مجدداً منبهين الباحث الجاد عن سرّ التغيير في حياته أو في محيطه بالقول «لا تحلق وحيداً، لا تغرد وحيداً، لا تصفق وحيداً. اصنع فريقاً يحملون أهدافك لآفاق جديدة»، إلى غير ذلك من محطات فكرية تؤكد أهمية أن تحتضن المذكرات الشخصية التي تصدر عن قادة ومفكرين كبار بين وقت وآخر، مواقف وقيما إنسانية تشير إلى أن الحياة التي خاضوا تفاصيلها ليست مجرد أحداث تاريخية أو اجتماعية عابرة بل هي مواقف استدعت العرض ليفيد منها القارئ أيا كانت مكانته أو كان موقعه وأيضاً ليكون لصاحب الكتاب دوره في تنوير الفكر على مستوى أبعد من محيطه الضيق.
وفي سياق سطوره الأخيرة، يقول سمو الشيخ محمد بن راشد، متحدثاً عن إرادة الفعل وتصميم الشعب على إحداث التغيير – كما هو الحال في سورية الحاضر على سبيل المثال- «الشعب السوري الذي استطاع بناء أربعين حضارة قادر على بناء حضارة جديدة». هذا من منطق القناعة لدى سموّه بأن «التغيير لا يحتاج خطابات بل إنجازات».
وشعبنا، في سورية التاريخ والحضارة، جدير بقيمة وواقعية هذه النظرة إلى مستقبلها من جانب قائد فذ استطاع أن يبني إمارة رائدة ومستدامة في أرض العرب بحق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن