قضايا وآراء

المبادرة الإماراتية:تحوّل مفاجئ أم موقف قديم؟!

باسمة حامد : 

أثارت المبادرة الإماراتية حول الحل السياسي في سورية العديد من التساؤلات وخصوصاً أنها تطرح- وفق وسائل الإعلام- تشكيل تحالف إقليمي يضم إلى جانب الإمارات كلاً من مصر والأردن بهدف الوصول إلى حل سياسي مرتبط ببقاء الرئيس الأسد في السلطة.
واللافت للانتباه في تلك المبادرة أنها تعبر بوضوح عن اعتراض خليجي على سياسات النظام السعودي الذي مازال متمسكاً حتى اللحظة بمطلب «تنحي الرئيس»، وعن وجود تمرد على هذا النظام المتشدد والخروج من دائرته المغلقة.
لكن التوجه الإماراتي لمواكبة الرؤية الروسية المصرية المشتركة بشأن ضرورة إشراك سورية في المقترح الروسي المعجزة أي: «تشكيل جبهة إقليمية لمحاربة الإرهاب»، والانخراط في «زحمة» المبادرات السلمية بعد زيارة ثلاثة من القادة العرب – من بينهم ولي عهد أبو ظبي- إلى روسيا التي تشرف على ترتيبات التسوية السورية بمباركة أميركية وأممية قد لا يُعتبر تحولاً مفاجئاً كون السياسة التي تتبناها أبو ظبي حيال الملف السوري تميزت بكثير من الغموض والالتباس إلى حد بعيد.
فمنذ العام 2011 بدا واضحاً أن الإمارات تتخذ خيارات متباينة بهذا الشأن، حيث تعاملت بانتقائية مع فصائل «المعارضات» السورية ودعمت بعضها في حين أدرجت بعضها الآخر على لائحة الإرهاب، كما منعت الجالية السورية من المشاركة في الانتخابات الرئاسية على أراضيها انسجاماً مع مواقف الأنظمة التي تناصب العداء لسورية.
إلا أنها بالمقابل أبدت مرونة غير ملحوظة مع «النظام السوري»، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى تقرير لمركز «الخليج العربي» استنتج أن الإمارات: «تعلن في العلن أنها تقف ضد نظام الأسد ولكن في الخفاء لها موقف آخر»!!
وفي الواقع، ثمة العديد من المؤشرات التي تؤيد هذا الاستنتاج من بينها:
1- قيام السلطات الإماراتية في بداية الأحداث بإلغاء تأشيرات الإقامة لنحو 60 شخصاً من الجنسية السورية، وترحيلهم إلى دول أخرى بعد مشاركتهم في تظاهرات مناهضة «للنظام».
2- عدم تطرق المسؤولين السوريين بالانتقاد إلى الدور الإماراتي إلا ما ندر.
3- الانزعاج السعودي من التسليم الإماراتي السريع بحقوق إيران النووية بالتوازي مع حالة التنسيق التجاري والسياسي غير المعلن بين الدولتين (تحتل إيران المركز الرابع حسب قائمة الشركاء التجاريين للإمارات).
4- وثائق «ويكيليكس» التي نقلت عن ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد قوله لوزير الخارجية الأميركي جون كيري: «الرئيس السوري، بشار الأسد هو الخيار الأفضل لسورية».
5- التقارير الغربية حول مساعدة الإمارات لرجال الأعمال السوريين للتهرب من العقوبات الأميركية، ومنها تقرير نشرته صحيفة (نيويورك تايمز) حول قيام واشنطن بفرض عقوبات على خمسة أشخاص وست شركات، «لتحديهم العقوبات الأميركية المفروضة على النظام السوري» وتزويده بوقود الطائرات والاحتياجات النفطية كشركتي (ماكسيما ميدل إيست تريدينج كومباني) و(بانغيتس اترناشيونال كوربوريشن) ومقرهما الإمارات العربية المتحدة.
6- التحضيرات الجارية لإعادة فتح السفارة الإماراتية بدمشق تمهيداً لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد قطيعة استمرت أكثر من ثلاث سنوات مع تبدل المناخ الدولي باتجاه أولوية محاربة الإرهاب. وهذه الخطوة تعكس حجم المخاوف المتزايدة في دول الخليج من الخطر التكفيري وتنامي نفوذ الحركات الإسلامية وفي مقدمتها جماعة «الإخوان المسلمين» التي تتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد العربية وتناهض الأنظمة الملكية وتحاول فرض مشروعها في المنطقة بقوة السلاح.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن