سورية

«مداد»: استعادة العمل بـ«بروتوكول أضنة» محاولة لاحتواء الاندفاعات والرهانات المتطرفة

| الوطن

اعتبر «مركز دمشق للأبحاث والدراسات – مداد»، أن المقترح الروسي بشأن استعادة العمل ببروتوكول أضنة بين سورية وتركيا، هو محاولة لاحتواء الاندفاعات والرهانات المتطرفة من تركيا على نحو خاص، وإلى حدٍّ ما الولايات المتحدة. جاء ذلك في ورقة تحليل سياسات للمركز بعنوان: «صانع ألعاب: لماذا تريد روسيا العودةَ إلى بروتوكول أضنة 1998؟»، وتلقت «الوطن» نسخة منها.
واعتبرت الورقة التي أعدها عضو الهيئة العلمية في المركز، عقيل محفوض، أن روسيا تلعبُ دوراً رئيساً في الأزمة السورية، وتبدو في كثير من الأحيان بمنزلة «صانع ألعاب» على درجةٍ عالية من الأداء في سياسات الحرب، حتى مع تزايد الهواجس بخصوص تفاهماتها مع «إسرائيل» وتركيا وغيرهما حول طبيعة الحلّ للأزمة السورية، ودور إيران في سورية ما بعد الحرب.
ولفتت الورقة، إلى أن الروس حاضرون في كلِّ ما يتعلق بالحدث السوريّ تقريباً، وهم حاضرون على وجه اليقين في الأمور الرئيسة، وقضايا الحرب والسلم، والتنمية، ومحاربة الإرهاب، وسياسات الحلّ أو التسوية، وسياسات ما بعد الحرب، الأمر الذي يجعل من روسيا فاعلاً «مُقرِّرَاً» في كثير من الأحيان، وفاعلاً «مُفَسِّراً» في كل الأحوال تقريباً، على ما في هذا من تعميم وإطلاق يتطلب المزيد من التدقيق والتقصي.
وتساءلت الورقة: هل تحاول روسيا إعادة إنتاج تجربتها في المنطقة الجنوبية بين سورية و«إسرائيل» على أساس اتفاق فصل القوات لعام 1974، فيما يخصّ الموقف بين سورية وتركيا في شرق الفرات بالعودة إلى بروتوكول أضنة 1998؟، وهل يصلح ما كان في المنطقة الجنوبية أساساً أو منوالاً لما تعتزم روسيا العمل عليه في شرق الفرات؟ وكيف أمكن لروسيا أن تهيّئ لطرح فكرة كانت مستبعدة أو منسية بالتمام تقريباً، وسواء أتعلّق الأمر باتفاق الفصل لعام 1974، أم بروتوكول أضنة لعام 1998؟
وقدمت الورقة عدة ملاحظات حول «بروتكول أضنة» منها: أننا أمام محضر اجتماع أو بروتوكول أمنيّ وإجرائيّ وليس اتفاقاً دوليّاً، ويفترض أن ينقضي البروتوكول بتنفيذ بنوده، وقد تم ذلك، باعتراف السلطات التركية فيما بعد، وبحسب التطور اللاحق للعلاقات بين البلدين.
كما أشارت الورقة إلى أن ملاحق البروتوكول تتضمن إشارة إلى «مبدأ المعاملة بالمثل»، وهذا يعني أن الالتزامات متبادلة، وتسري على الطرفين.
كذلك يتضمن البروتوكول وملاحقه، بحسب الورقة، أموراً تتجاوز موضوعه وغرضه الرئيس وهو «حزب العمال الكردستاني» و«الإرهاب» إلى أمور خارج صلاحيات الموقّعين، بل إن القرار بشأنها فوق سلطة أي جهة حكوميّة، وبخاصّةٍ ما يتصل بالمطالب الجغرافية، و«تمكين» تركيا من التوغل مسافة 5 كم على الجانب السوريّ من الحدود.
ولفتت الورقة إلى أنه وردت الإشارة إلى تصريحات وزير الخارجية آنذاك فاروق الشرع من أن ما تم الاتفاق عليه بين سورية وتركيا هو «آلية لتبادل المعلومات وبناء الثقة»، إلا أن ثمة إصراراً على إعطاء البروتوكول صفة الاتفاق ومنح الإشارات الواردة فيه مقام القطع والإثبات.
واعتبرت الورقة، أن حديث تركيا عن أن البروتوكول يعطيها الحق بالتوغل داخل الأراضي السوريّة ومن دون الحاجة لسؤال أحد، هو نوع من التأويل الفجّ والمتعسّف لنصّ لم يكن أكثر من محضر اجتماع فيه فقرات حول أمور إجرائية.
ورأت الورقة، إلى أن روسيا تحاول «إعادة إنتاج» ما قامت به في المنطقة الجنوبيّة بين سورية و«إسرائيل»، بناء على اتفاق الفصل لعام 1974، في شرق الفرات بين سورية وتركيا، استناداً إلى بروتوكول أضنة لعام 1998، وأنَّ لدى روسيا ميزة نسبيّة في إدارة الأزمة، تجعلها أقرب إلى أن تكون «ضامناً» لمختلف الأطراف، و«صانع ألعاب» رئيس هناك.
واعتبرت، أن روسيا لا تقدّم «خريطة طريق» تامة ونهائية للحلّ في شرق الفرات، إنما تحاول «احتواء» الاندفاعات والرهانات المتطرفة من تركيا على نحو خاص، وإلى حدٍّ ما الولايات المتحدة. وهو مقترح إجرائيّ، وغير مغلق على التعديل، ولا يعطل أو يعوق المسارات الأخرى، كما أن الالتزامات المترتبة عليه ليست مباشرة بين الأطراف نفسها، وإنما بين كل طرف وروسيا.
وأوضحت أن لدى روسيا قناعة بأن العودة إلى بروتوكول أضنة ممكنة، وأنَّ ذلك هو أفضل السبل لـ«ضبط» مستوى وطبيعة المخاطر في شرق الفرات، ولتجنيب تركيا وسورية مواجهة قد لا تُحمد عقباها.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة «لا تشجع» الكرد على الحوار مع الدولة السورية، وهذه واحدة من التحديات التي يفترض أن تعمل روسيا على «ضبطها» و«تكييف» التجاذبات فيها.
واعتبر أن روسيا تتبع سياسة مركبة حيال الموقف في شرق الفرات على أربع جبهات بالتوازي: الأولى مع الكرد بدفعهم نحو دمشق؛ والثانية مع تركيا بمحاولة توسيع نطاق الرؤية أكثر ليشمل الموقف بين تركيا وسورية، والعودة إلى بروتوكول أضنة 1998؛ والثالثة مع سورية بتشجيعها على التفاهم مع الكرد، والعودة إلى بروتوكول أضنة؛ الرابعة مع الولايات المتحدة بمحاولة ضبط عوامل التوتر بينهما، وألا تعرقل واشنطن أي تفاهمات محتملة بين روسيا وتركيا أو بينهما وبين سورية حول شرق الفرات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن