قضايا وآراء

إسرائيل بين خطر الوضع الراهن والنتائج المحتمة

تحسين الحلبي : 

تقول الباحثة الإسرائيلية في مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي (بينينا باروخ) إن العقيدة العسكرية التي سمح رئيس الأركان الإسرائيلي بعرضها على الجمهور الإسرائيلي والإعلام بشكل لافت قبل أسبوعين جرى التركيز فيها على أن إسرائيل ستظل تتعرض لخطر الإبادة في هذه المنطقة رغم كل أشكال الاقتتال العربية – العربية الداخلية والنزاعات الإقليمية المستمرة في شبه الجزيرة العربية والخليج.
وتؤكد (باروخ) أن قيادة الجيش الإسرائيلي تتطلب دوماً مسوّغات لشن أي هجوم أو حرب ويجب أن تلقى هذه المبررات شرعية إقليمية أو دولية لأن العداء العميق لدى شعوب المنطقة كلها ما زال قادراً على خلق تحولات ومضاعفات ضد إسرائيل خصوصاً إذا عجزت واشنطن عن تقديم هذه الشرعية ويبدو أن هذه الحقيقة يؤكدها الواقع التاريخي لنشوء إسرائيل وتطور ظروفها في المنطقة لأنها كانت دوماًُ تجد نفسها في مأمن من حكام جميع الدول المتحالفة مع واشنطن التي تتحكم بقواعد اللعبة الأميركية – الإسرائيلية في المنطقة وتدير معظم أشكال واتجاهات الصراعات على هذه الساحة الإقليمية.
لكن محللين إسرائيليين آخرين بدؤوا يقللون من المستلزمات التسويغية الإسرائيلية في أي حرب تشنها على جبهة الشمال الممتدة من جنوب لبنان إلى حدود الجولان السوري المحتل.. ففي مركز هرتسيليا للدراسات يزداد المقتنعون داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بأن ما تقوم به السعودية منذ آذار حتى الآن في تدمير البنى التحتية المدنية وتعريض المدنيين للقتل في قصفها الجوي للمدن المأهولة بالسكان سيوفر لإسرائيل مسوغات مقبولة لضرب أهداف في جبهة الشمال الإسرائيلية الممتدة من جنوب لبنان إلى حدود الجولان المحتل وإلى قطاع غزة لأن هذه الجبهات الثلاث تشكل ما يشبه الأطراف المحاربة من (غير الدول) عدا سورية.. ويرى أصحاب هذا الرأي أن واشنطن قامت حتى الآن بتغطية السعودية وحلفائها في الحرب على اليمن وبررت ذلك بسبب وجود أطراف محاربة (من غير الدول) مثل أنصار اللـه وجيش علي عبد اللـه صالح – وعلى المستوى السياسي ما زال رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع ورئيس الأركان يضعون مهمة التخلص من دول وأطراف محور المقاومة أولوية في جدول العمل المعد للسنوات المقبلة، ويعترف رئيس الأركان الإسرائيلي غادي أيزنكوت وهو الذي كانت معظم خدمته العسكرية في جبهة الشمال أن كل ما جرى ويجري في المنطقة منذ أربع سنوات لم يؤد حتى الآن إلى زوال خطر تصفية إسرائيل وما زال التحريض على إسرائيل يوفر المزيد من الشعبية لكل من يلجأ إليه.. وفي تقديره للوضع العام من الناحية السياسية والنتائج المحتملة للتطورات الجارية يرى مسؤول المخابرات العسكرية الإسرائيلية أن التطورات الإقليمية في المنطقة بدأت ترتبط أكثر فأكثر بوضع دولي يتجه نحو انقسام ستتمتع به موسكو وبكين بقدرة على حماية حلفائها مثل سورية وإيران من ناحية وعلى إقامة علاقات سياسية وعسكرية مع دول أخرى مثل مصر والعراق من ناحية ثانية، ويرى أيضاً أن الحرب التي تشنها السعودية وحلفاؤها ضد اليمن لا تتمتع إلا بدعم أميركي وغاب عن دعمها الاتحاد الأوروبي الذي بدأ يفضل الابتعاد قليلاً عن سياسة الدعم الأعمى للاستراتيجية الأميركية في أعقاب فشل تجربته مع واشنطن في أفغانستان، وفي ظل هذه الصورة التي تعرض فيها إسرائيل مخاوفها يرجح (عوزي أراد) رئيس مركز هيرتسيليا للأبحاث الأمنية والسياسية أن تبقى حالة (اللاسلم واللاحرب) سائدة بين دول المنطقة وبين إسرائيل في السنوات الخمس المقبلة لأن النتائج المحتملة للحروب الداخلية وغير الداخلية في عدد من الدول لن تكون لمصلحة الأهداف النهائية الإسرائيلية بشكل حاسم ولن تستطيع إسرائيل القفز عن هذه النتيجة طالما بقيت موسكو وبكين حليفتين لإيران وسورية وحلفائهما.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن