قضايا وآراء

قواعد اللعبة الأميركية الإسرائيلية على قطر والسعودية

| تحسين الحلبي

حين وقع النزاع الداخلي بين السعودية وقطر قبل سنتين وبدأت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستغلاله لنهب أموال نفط الدولتين وتوظيفهما معاً ضد المناهضين للهيمنة الأميركية في المنطقة والعالم، استغلت مجموعات الضغط الأميركية الصهيونية ومعها إسرائيل بالطبع هذه الصورة للنزاع بين دولتين حليفتين للولايات المتحدة، فبدأت بعرض خدماتها بشكل منفصل على كل من قطر والسعودية من أجل تأمين تأييد ترامب لكل دولة ضد أخرى.
وأصبح لقطر مجموعات ضغط أميركية ويهودية أميركية تساند الدفاع عنها في واشنطن مقابل المال وللسعودية مجموعات ضغط أخرى تكسب المال منها مقابل الدفاع عنها.
كشف الموقع الإلكتروني اليهودي الأميركي «جويش نيوز سينديكيت» في 11 شباط الجاري أن المسؤولين في قطر تعاقدوا مع نيل موزين، أحد المستشارين لدى السناتور تيد كروز، من تكساس على ترتيب زيارات لشخصيات أميركية ويهودية مؤيدة لإسرائيل إلى الدوحة واستضافتها لهم، ثم العودة إلى واشنطن للدفاع عن إمارة قطر، وكان من بين هذه الشخصيات آلان ديرشوفيتش من عتاة الصهاينة ومورتون كلاين، رئيس المنظمة الصهيونية الأميركية والحاخام مناحيم جيناك وآخرون.
بالمقابل يكشف جوناثان توبين، في تحليل منفرد في الموقع الإلكتروني نفسه في 8 شباط الجاري أن السعودية نجحت في تمويل مؤتمر ضد قطر أعدته مؤسسة «منتدى الشرق الأوسط في واشنطن» بعنوان: «هل قطر حليف لأميركا أم خطر عليها؟» وشارك في المؤتمر رجال مخابرات أميركيين سابقاً ورجال أبحاث وصحفيون وعدد من أعضاء الكونغرس.
وكان العنوان لافتاً وكأن هذه «الإمارة» التي يقيم على أراضيها عشرات الآلاف من جنود المارينز الأميركيين ستشكل خطراً على الولايات المتحدة! وهذا ما جعل أحد المشاركين من «معهد هود سون» الأميركي يقول: إن هذا العنوان يبدو مشابهاً لعناوين أفلام الكرتون الخيالية مثل «ستار وورس».
وتقوم كل مجموعة ضغط أميركية إسرائيلية بالدفاع عن الدولة المتعاقدة معها بطريقتها غالباً، فمجموعة الضغط التي تتمول من السعودية تتهم قطر في الساحة السياسية الأميركية بأنها دولة «عميلة لإيران» وأنها دولة تدفع الأموال للمقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، وبالمقابل توظف قطر المجموعات التي تمولها للدعوة إلى معاقبة العائلة المالكة السعودية بعد مقتل جمال خاشقجي واتهامها بقتله، وكذلك معاقبتها على ما تقوم به من دمار وقتل في حربها على اليمن وكأن قطر لم تشارك منذ البداية في حرب السعودية على اليمن، ويكشف الحاخام الأميركي شموئيلي بوتيتش في الموقع نفسه في 11 شباط الجاري أن قطر أو السعودية ترتكب خطأ فادحاً إذا ظنت أنها تستطيع تنفيذ لعبة مزدوجة على السياسة الأميركية، وهذه الحقيقة واضحة من المكاسب المالية وبيع الأسلحة التي حققها ترامب من كلتا الدولتين بل إن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لم يستشر أمير قطر حين أعلن قبل أسابيع قليلة عن قراره بزيادة عدد القوات الأميركية في القاعدة العسكرية الأميركية في قطر.
كما أن اتهام قطر بتقديم الدعم المالي للمقاومة في قطاع غزة غير صحيح أبداً لأن المبلغ الذي حددته إسرائيل للوصول إلى القطاع هو رواتب موظفين وعائلات سمح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بإدخالها إلى غزة بعد أن استلم أسماء وعناوين ومعلومات عن جميع الأفراد الذين ستصلهم هذه الرواتب أو المساعدات المالية وهو ما لم يحدث في التاريخ، والهدف هو محاولة التوصل إلى إغراء الفلسطينيين في غزة بالتهدئة.
أما السعودية ومجموعات الضغط التي تمولها لمصلحة حماية السعودية من العقوبات، فالحقيقة هي أن هذه المجموعات نفسها جزء من اللعبة الأميركية الإسرائيلية لانتزاع الأموال السعودية، فكل دولة من الدولتين تتنافس مع الأخرى للتقارب مع هذه الأوساط الأميركية الصهيونية في دوامة لا ينتج عنها إلا الأوهام ولا يكسب منها مالاً ونفوذاً وتدميراً وقتلاً سوى واشنطن وتل أبيب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن