ثقافة وفن

كلمات في الحب

| إيمان النايف

الحب ثقافة بمعنى حضارة أي إن الحضارات تبنى على الحب فالحب تهذيب للسلوك الإنساني البري والمتوحش فكلما تقدم المجتمع نحو الحضارة عرف ثقافة الحب. وقل لي ما حال الحب في بلادك أقل لك من أنت وأين بلادك، وأين ثقافتك على خريطة الحياة.
وعلى طريق نشر ثقافة الحب.. ألقيت في مركز ثقافي أبو رمانة محاضرات سميتها كلمات في الحب.. علّها تلاقي.. أثراً في نفوسنا.. وأحببت أن أنشر بعضاً مما ألقيت.
أحياناً في لحظة حزن لا نريد أكثر من عناق، ولا نريد في لحظة انكسار أكثر من لمسة حنان ولا نريد في لحظة حاجة أكثر من دعاء ولا نريد في لحظة قلق أكثر من اهتمام.
الحب هو أن تشعر أنك مسؤول عن روح تمكث داخل قلبك.. إظهار الحب ليس ضعفاً.. كونوا أقوياء وأظهروا الحب لمن تحبون، فالحب كالحرب التي من السهل أن تشعلها، ولكن من الصعب أن تخدمها.. أو تستمر شعلتها.. إذا أحببت فعبر وإذا أخطأت فاعتذر.. وإذا اشتقت فتكلم، كن بسيطاً فنحن نعيش مرة واحدة.
فالإنسان منذ ولادته يولد يُحب أمه فلو لم تكن تحبه لما عانت في ولادته ويكبر كي يحبها ويبدأ في حب الحياة، ومنذ أن تبصر عيناه الضوء فيحب والده وبيته ومدرسته وأصدقاءه ويكبر وهو يحبهم ثم يجد ذلك القلب الذي خلق لأجله.. فيحبه أيضاً، ويتزوج وينجب ويحب أطفاله وبيته ووطنه وعمله.
صحيح أن حكايا الحب كانت دائماً أحلى الحكايا وأحبها إلى قلب الإنسان.. منذ كان الإنسان، فالحب نبتة وحشية تنمو في أعماق المرء في كل زمان ومكان في الحرب والسلم، المراهقة والكهولة.. في كهوف العصر الحجري، في ناطحات السحاب وسفن الفضاء.
ولحكايا شهداء الحب جمهور كما لشهداء الأرض ولقصص روميو وجولييت وقيس.. وعطيل وغيرهم من شهداء الغرام، جمهور لا يقل عن جمهور نابليون وطارق بن زياد.
وكيف يتجلى الحب إلا بالعطاء؟
وهل العطاء غير القيام بالواجبات المفروضة.. بهدف الوصول إلى شيء ما.. أو التضحية بشيء ما.
فالشخص الذي لم ترتفع به نفسه عن مستوى الأخذ فقط إن هو إلا شخص لا يستطيع أن يمر بخبرة العطاء إلا من خلال نفسه وطمعه، أما بالنسبة للإنسان الناضجة شخصيته فنجد أن للعطاء عنده معنى آخر يمثل أعلى درجات القوة وكأن لسان حاله يقول: في إطار العطاء فقط أشعر بقوتي وبأنني أمتلك شيئاً وبأنني قادر.. فليس الغنى أن يمتلك الإنسان الكثير ولكن الغنى يعني كثرة العطاء، ولو الكلمة الطيبة.
هذه الخبرة الحية الممتلئة بالنشاط والقوة تملأ نفسي بالسعادة.. العطاء يدخل على نفسي السعادة أكثر مما يفعل الأخذ، ليس لأن العطاء بالنسبة لي يعني التضحية بشيء ما، ولكن لأنني في داخل إطار العطاء ومفهومه أشعر بأني قادرة على التعبير عن طاقتي وحيويتي كإنسان.
وكي نصل إلى مرحلة الحب المتكامل يجب أولاً أن نصل إلى التسامح المتكامل ومنه إلى الحب، والذي سيقودنا إلى مرحلة العطاء لأنك لن تستطيع أن تعطي من دون الحب ولن تستطيع أن تحب من دون التسامح، فالأمور الثلاثة: التسامح، الحب، العطاء مرتبطة ببعضها فلا تستطيع أن تصل لواحد منها دون الآخرين.
وذلك ما يوصلنا إلى سر السعادة التي تقوم على الحب والرفق ونبذ العنف.
ولا أقول إن الحب بدعة استحدثها أهل القرن الحادي والعشرين أو أنه كشف جديد قد أزاح عنه علماء هذا العصر، بل أقول إن الحب لم يكن في يوم من الأيام شغل الناس الشاغل كما هو الحب في عصرنا الحالي.
ولكن هل تعلمنا كيف نحب؟ هل مدارسنا وجامعاتنا مؤهلة لتعليم ثقافة الحب، نضيف إليها وسائل الإعلام..؟
إن الحب أشبه ما يكون بالنور.
إننا جميعاً نعرف ما هو ولكن لا أحد يستطيع أن يقطع على وجه التحديد بالعناصر التي يتكون منها ونجد شاعراً مثل دانتي يقرر أن الحب قوة كونية كبرى لأنه هو الذي يحرك الشمس وباقي الأجرام السماوية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن