رياضة

بعد مركز الوصافة: ناشئات الفيحاء يتمرنّ بثلاث كرات وطقم واحد وعلى أرض زفتية

| مهند الحسني

بات نادي الفيحاء مؤهلاً لدخول سجل غينيس للأرقام القياسية، ودخوله هذا ليس لضخامة استثماراته، ولا لإنجازاته المشرفة، وليس لعدد المنتسبين إليه، وإنما لأسباب أخرى سنأتي على ذكرها، تصوروا أن نادياً يقع على أطراف العاصمة، ولا يبعد عن مركز صنع القرار الرياضي أكثر من عشرة كيلومترات، ولديه أرض استثمارية تصلح لأن تكون قرية سياحية، لا يملك صالة تدريبية لفرق الباسكت لديه، وكل مخزونه من الكرات ثلاث لا أكثر، ويتمرن على أرض زفتية صيفاً، وهي مصدر أساسي للإصابات، وشتاء يعاني الأمرين جراء إيجاد مورد مادي يتمكن خلاله من نقل فرقه من وإلى صالة الفيحاء الفرعية، ناهيك عن ذلك أن من يدخل النادي لأول مرة ينتابه للوهلة الأولى أنه أمام أنقاض تراكمية أكل الزمان عليها وشرب، كل ذلك يجري أمام مرأى المعنيين ولا يحركون ساكناً تجاه توفير أبسط مقومات العمل الرياضي.
نادي الفيحاء هو أحد أندية العاصمة، لكنه أكثرها فقراً وظلماً يعيش في منطقة مكتظة بالسكان، لكنه يفتقر للإمكانيات القادرة على جذب المواهب والخامات الرياضية، فلا موارد في النادي، ولا منشآت، والبنى التحتية في خبر كان، أما الاستثمارات فهي شبه معدومة.
فما سبب وضع هذا النادي في الذاكرة المهملة عند أصحاب القرار الرياضي؟ ومن يتحمل مسؤولية وصوله لهذه المرحلة من الإهمال؟ هل الإدارات المتعاقبة، أم إنه الاتحاد الرياضي العام؟ سؤال محيّر يشبه قصة البيضة والدجاجة.

المدللون
من المعروف أن أولاد الست من الأندية هم المدللون الذين يحظون بالمنافع والهدايا، أما أبناء الجارية فهم من الدرجة الثانية، فيمنع عنهم الكثير من الإعانات، ويكونون في زاوية مهملة لدى المسؤولين عن رياضتنا، وإذا اعتبرنا أن المكتب التنفيذي هو الأب لجميع أنديتنا، فإن المنطق يفرض عليه أن يقف على مسافة واحدة من جميع أنديته، لكن على ما يبدو أنه يعامل بعضها معاملة مثالية وأمرها مجاب، أما الأندية الباقية فتعاني الأمرين من أجل الحصول على أبسط بديهيات العمل الرياضي، وكأن معيار العطاء بات محصوراً على حسب المصالح والمنافع، وعلى مبدأ الخيار والفقوس.

نتائج
لن نتحدث عن نتائج كرة السلة في نادي الفيحاء ونتائجها، لأنها هي من تتحدث عن نفسها، فالنادي رغم الإمكانات المتواضعة بدأ بهمة بعض المدربين من أبناء النادي بصب جل اهتمامهم على قواعد اللعبة منذ ثلاث سنوات، وكما يقال إن البداية الصحيحة لابد أن توصلنا للنهاية الجيدة التي نريدها ونتمناها، فالنادي بدأ يقطف ثمار عمله وجهوده، وظهر لديه جيل واعد من اللاعبين واللاعبات اللواتي يبشرن بالخير، فقبل موسمين حققت ناشئاته مركز الوصافة، والمركز الرابع الموسم الماضي، وقبل أيام قليلة اعتلت ناشئاته منصات التتويج بعدما حققن المركز الثاني في بطولة الدوري، وقارعن أقوى الفرق وأعرقها التي تملك إمكانات مادية وبشرية يحلم بها نادي الفيحاء، ومع ذلك قلبن كل التوقعات رأساً على عقب، ونلن احترام الجميع، وأكدن بالدليل القاطع أن ليس بالمال وحده تبنى كرة السلة، وبعد نهاية المباراة النهائية قامت الإدارة بدعوة لاعبات الفريق إلى وجبة عشاء في أحد المطاعم الفاخرة، ووعدت بمكافآت مالية مجزية في الأيام القليلة القادمة.

منغصات
تصوروا أن فريق ناشئات الفيحاء ترتدي لاعباته طقماً رياضياً منذ ثلاث سنوات، نظراً لتواضع إمكانات النادي المادية، الأمر الذي دفع الإدارة لتوفير مورد مادي من هنا وهناك لشراء طقم آخر هذا الموسم، على حين تنعم باقي الأندية بأفضل الألبسة والتجهيزات الرياضية من دون أن يشعر أحد بالمعاناة التي يعيشها هذا الفريق.
أما الصالة الموجودة بمقر النادي فحدث ولا حرج، فقد مر على تشييدها أكثر من عشرين عاماً، وما زالت على حالها من دون أي تعديل عليها، حتى باتت تستحق أن تكون معلماً أثرياً.

ديون جديدة
تسعى الإدارة رغم الضائقة المالية إلى توفير كل ما يلزم فرق النادي، ووجدت في الآونة الأخيرة ضرورة إقامة ملاعب عشبية لكرة القدم داخل الأرض الكبيرة التي يملكها النادي، لكن القيام بهذا المشروع بحاجة لأموال كبيرة، الأمر الذي دفعها للاستدانة من القيادة الرياضية مبلغاً قدره عشرون مليون ليرة سورية بشرط إعادة هذا المبلغ من عائدات هذه الملاعب.
خلاصة نادي الفيحاء بكل ألعابه يجب ألا يبقى على حاله متروكاً للزمان، ويجب المبادرة لانتشاله مما هو فيه، فإما أن يكون نادياً له أركانه وأهدافه، وإما ألا يكون، وعلى اتحاد كرة السلة الذي يملك المئات من كرات والتجهيزات الرياضية التي جاءته من الاتحاد الآسيوي بشكل مجاني أن يتنازل قليلاً، ويقوم بزيارة هذا النادي المجتهد، ويقدم له ما يحتاجه، فذلك أفضل من توزيع هذه التجهيزات بطريقة عبثية لا تأتي بأي شيء مفيد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن