قضايا وآراء

واشنطن وتل أبيب واستفزازاتهما المقبلة

| تحسين الحلبي

مايكل مورفورد نقيب في الجيش الأميركي سابقاً كان في الخدمة العسكرية أثناء الحرب على أفغانستان عام 2001 وفي العراق عام 2003 وهو يعمل الآن باحثاً في مشروع ترومان للأمن القومي، يقول في الصحيفة الأميركية اليومية «يو إس تودي» في 7 آذار الجاري تحت عنوان: «بولتون يوجه ترامب وأميركا نحو حرب أخرى في الشرق الأوسط فلا تتركوه يفعل ذلك» أنه ظن بانتهاء وجود المحافظين الجدد في الإدارات الأميركية فتبين له أن أخطر قنبلة بينهم هو جون بولتون الذي يصغي له الرئيس ترامب.
فهو يريد أن يكرر غلطة العراق، ويكشف مورفورد قائلاً: «فوجئت بوجود الجنرال القائد المباشر لي في مؤتمر صحفي في الكويت بعد 11 أيلول وتفجيراته الشهيرة وتحديداً في كانون الأول وقفت أمامه وهو يعد منذ ذلك التاريخ معدات الحرب على العراق، ويبلغ القيادة العليا بأن الاستعدادات استكملت لتنفيذ مخطط عسكري ضد العراق جرى وضعه قبل سبع سنوات».
وتساءل النقيب مورفورد مع نفسه بموجب ما نشره: لماذا الحرب على العراق طالما أنها لم تشارك في الإرهاب الذي نفذ التفجيرات بل إن 15 من منفذي التفجيرات في نيويورك وواشنطن كانوا سعوديين من بين 19 إرهابياً، وذكر مورفورد أن صدام لم يكن في ذلك الوقت يولد أي خطر لأن العراق محاصر بعد تدمير قواته في حرب عام 1991.
وكانت الإدارة الأميركية قد احتوت العراق ولم يعد يشكل أي خطر على الأمن القومي الأميركي لكن هذه الإدارة أرادت أن تشن عليه الحرب واحتلال العراق على غرار أفغانستان بتهمة دعم الإرهاب وهذا ما يؤكده مورفورد حين يقول إن العراق لم يكن له أي علاقة بالإرهاب المتشدد الإسلامي في ذلك الوقت، ويكشف أن نائب الرئيس ديك تشيني ومساعد وزير الخارجية جون بولتون ونائب وزير الدفاع بول فولفوفيتش هم الذين كانوا يضعون الخطط للرئيس بوش بهدف فرض نظام عالمي جديد من نفس قلب الشرق الأوسط.
ويضيف: «سمعت قبل أسابيع قليلة ما يشبه نفس أصداء الحرب على العراق لكنها هذه المرة الحرب على إيران وذلك من المؤتمر الذي أعده وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي للرئيس جون بولتون الذي بدا الآن متحمساً ضد إيران على غرار حماسته ضد العراق عام 2003».
ويؤكد مورفورد بلغة عسكرية أن توازن القوى في أي حرب أميركية أخرى في الشرق الأوسط لا يميل أبداً لمصلحتها وما يثبت ذلك أنها لم تحسم حربها حتى الآن في أفغانستان وبعد 18 عاماً فما بالك بحرب ضد 80 مليوناً من الإيرانيين وكل من سوف يقف إلى جانبهم؟
ويطالب مورفورد ألا يسمح المستشارون في وزارة الدفاع الأميركية لبولتون بتوريط أميركا بحرب أخرى ستكون خاسرة ويدعون الإدارة الأميركية إلى دراسة أخطائها في حربها ضد العراق.
في أغلب الاحتمالات لن تقوم الولايات المتحدة بشن حرب مباشرة عسكرية على غرار حربها ضد العراق عام 2003 وفي هذه الحال ستحاول إدارة ترامب بذل كل جهودها وتهديداتها وعقوباتها لكيلا يتسع التحالف الإيراني السوري الروسي في المنطقة وخصوصاً ألا يصبح العراق جزءاً من هذا التحالف ويبدو أن المستشارين في الإدارة الأميركية اقترحوا على الرئيس ترامب زيادة عدد الوحدات العسكرية الأميركية في منطقة الأنبار العراقية والقريبة من حدود سورية مع العراق، فقد ذكر موقع المجلة الإلكترونية «ايرو آسياريفيو» في 16 آذار الجاري أن واشنطن نقلت في السادس من هذا الشهر وحدات أميركية كانت موجودة في قواعدها في إسرائيل والأردن وهي تدري أن قوات الحشد الشعبي العراقية لن تقبل بنشر هذه القوات الأميركية لأنها تعرف أنها تستهدفها بشكل خاص.
وكان رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو قبل أسبوع تقريباً قد أعلن أنه يحذر «كتائب حزب اللـه» في العراق بسبب تصريحات هذه الكتائب ضد إسرائيل. ويبدو بصورة عامة أن ما تهدف إليه الإدارة الأميركية وإسرائيل في هذه الظروف هو إطلاق تهديدات تحذر العراق من الاستمرار في سياسته المنفتحة على كل من إيران وسورية لكي تفرض عليه واشنطن سياسة التحالف الذي تقوده في المنطقة.
فمع فشل مشروع حلف «الناتو» العربي وتعثر مشروع مؤتمر «وارسو» الذي أعده مايكل بومبيو يبدو أن واشنطن وتل أبيب ترغبان بإطلاق التهديدات قبل زيارة بومبيو المقبلة إلى إسرائيل والكويت وبيروت لأنه يدرك أن لبنان والكويت لا يمكن أن يشاركا بأي خطط أميركية ومع ذلك ستظل المنطقة تنتظر ما بعد انتهاء إسرائيل من انتخاباتها لكي تظهر الصورة أكثر وضوحاً في موضوعين أساسيين على جدول عمل تل أبيب وواشنطن وهما: صفقة القرن والموضوع الإيراني.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن