ثقافة وفن

سوريات متألقات في«ملتقى المبدعات العربيات» الأول … ياسمينة أزهري لـ «الوطن»: لم أكن فيه لولا بلدي سورية التي تدعم وتساوي المرأة بالرجل

| سوسن صيداوي

من العتمة لابدّ أن يطلع الضوء، من الضعف والوهن، صلب الإرادة متحيّن للفرصة، الفعل بالقرار سينطلق مع عالي الصوت ليقول: أنا امرأة.. أنا مبدعة. مفاهيم وثقافات مغلوطة والمساعي كانت وما زالت جادة لتغييرها بفكر من يحكم عليهنّ بأنهنّ منقوصات عقل، أو أنهنّ بمنزلة الضلع القاصر الذي يحتاج إلى كل الرعاية والاهتمام من الرجل، لكون المرأة بنظره، لا تفكر أو تتصرف إلا وفقا لمشاعرها الغالبة على عقلها. ويبقى الأخير مستكينا لصراعاته الفكرية وتناقضات الواقع المبرهَن، مع ما يُبث في العقول والنفوس من مغلوطات، حيث نجده ساعة يبجّلها كأم وساعة أخرى يعنّفها كزوجة أو أخت، على حين يحاربها كشريكة في معترك العمل، وكأنها خلقت فقط لتكون ندّاً له لا سنداً ومكمّلاً، هذا كلّه رغم تشريعات الدول وقوانينها التي تساوي المرأة به، إلا أن المجتمعات- وللأسف الشديد- تسيطر بالعادات والتقاليد الأكثر تأثيراً.

يا سادة، المرأة كائن لطيف ولكنّ طاقاته الكامنة خلّاقة، لا محدودة، وعلى الرغم من أمورها التي قدّرت لها كأنثى -من أمومة وإرضاع وتربية وحسن إصغاء ورعاية لأطفالها الكبار ولطفلها الكبير-زوجها- فهي القادرة أن تهزّ العالم كلّه ليس فقط بيمينها، بل بفكرها وبحضورها، وبأفقها المطلق، وبرياداتها بكل المجالات العلمية والأدبية والعملية، وأخيراً لكي تنهض، وتكسّر كلّ القيود، وتبتعد عن السلطوية الذكورية الفظّة أو أي معوقات مجتمعية، متابعة ما هو حق لها ومشروع، بأن تكون سيدة على رأس مجتمع هي نواته الأساس في التطوّر والتنمية. لهذا انطلاقا من كل ما ذكر وأكثر، ومن المساعي الجادة في دعم المرأة وخصوصاً المبدعة، أطلقت مؤخرا-و بمناسبة شهر المرأة- مؤسسة «ديوان أهل القلم» أبرز المؤسسات الثقافية الحاضنة لمختلف قضايا الفكر والأدب والعلوم والفنون، وتحت شعار:(إبداع المرأة العربية شعلة الحضارة إلى العالم أجمع) أقام ملتقى المبدعات العربيات الأول، حيث تابعت رئيسة الديوان الدكتورة سلوى الخليل الأمين- التي تعمل منذ تأسيس الديوان في العام1999-المسيرة بالبحث والتفتيش عن المبدعين والمبدعات، ولكن في العام الحالي كان القرار بالتطلّع إلى إبداعات المرأة العربية واللبنانية على حد سواء، وبالتالي تمّ التواصل مع مجموعة مبدعة من النساء العربيات المبدعات اللواتي تنوعت اختصاصاتهن والمراكز التي تبوأنها عن جدارة، وبكل تأكيد إبداعهن ينضوي تحت راية الوطن، حضرن إلى لبنان البلد المضيف من: سورية، مصر، المملكة العربية السعودية، الأردن، البحرين، الكويت، المغرب، فلسطين، سلطنة عمان. هذا إضافة لاختيار أربع نساء مبدعات من لبنان. وبالطبع من سورية تمّ اختيار المبدعات: سيدة الأعمال الدكتورة ياسمينة أزهري، والدكتورة ماجدة مفلح رئيسة هيئة البحوث الزراعية، وللحديث أكثر نزودكم بالتفاصيل.
من التحضيرات… ننطلق

استمر ديوان أهل القلم في تنفيذ أهدافه بحثا عن المبدعين والمبدعات داخل لبنان والوطن العربي، ولكن تكريما للمرأة في شهرها-شهر آذار الحالي-كان ملتقى «المبدعات العربيات الأول» لعام 2019، الذي يعقد لأول مرة في لبنان، بتنظيم وتحضير-على مدى خمسة أشهر-من رئيسة الديوان الدكتورة سلوى الخليل الأمين مع أعضاء الديوان، من أجل إطلاق هذا الملتقى الحدث، تجدر الإشارة إلى أن الديوان سابقا استضاف الوزيرة الأكوادورية من أصل لبناني السيدة إيفون عبد الباقي في لبنان بناء على ترشحها لرئاسة الجمهورية في الأكوادور، وكذلك تمت استضافة المرأة العربية المتميزة التي شغلت مركز الأمينة العامة للأسكوا في لبنان السيدة ميرفت التلاوي. وبالتالي الدعوات وجهت إلى مبدعات الوطن العربي ولبنان، وهن: ياسمينة أزهري(سورية)، الدكتورة ماجدة مفلح (سورية)، الدكتورة غيداء أبو رمان(الأردن)، المستشارة سامية حسين(البحرين)، الأميرة هيا بنت خالد بن بندر بن عبد العزيز آل سعود(السعودية)، الدكتورة دانة بخيت(السعودية)، الدكتورة عفاف عبد اللـه هاشم(السعودية)، الدكتورة سعيدة بنت خاطر الفارسي(سلطنة عمان)، الدكتورة صفاء ناصر الدين(فلسطين)، الدكتورة رولا دشتي(الكويت)، الدكتورة فاطمة العلي(الكويت)، الوزيرة السابقة الدكتورة مشيرة خطاب(مصر)، هالة البدري(مصر)، والدكتورة مليكة العاصمي(المغرب). ومن(لبنان)مدير عام وزارة الاقتصاد عليا عباس، القاضية أرليت جريصاتي، مديرة الوكالة الوطنية للإعلام لور سليمان صعب، رئيسة الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا الدكتورة هيام صقر، والفنانة الدكتورة هبة القواص.
حيث لبيّن الدعوة، وكان الوصول إلى لبنان بتاريخ3 و4آذار 2019، لحضور الملتقى الذي حددت أيامه من تاريخ 6حتى 7 آذار 2019. خمسة أيام في لبنان، كانت خلاله المبدعات العربيات هنّ الحدث الأبرز.

من النشاطات… نذكر
كان ملتقى المبدعات العربيات للعام 2019 الذي عقد لأول مرة في لبنان، ضاجا بالنشاطات التي استمرت على مدار خمسة أيام، فمن حفل الافتتاح المقام بمناسبة يوم المرأة العالمي، وذلك  بتاريخ 5آذار 2019، في مقر اتحاد الغرف العربية، إلى اليوم التالي حيث استقبل رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، وفد المبدعات العربيات وأعضاء «ديوان أهل القلم» برئاسة الدكتورة سلوى الخليل الأمين، وبحضور اللبنانية الأولى السيدة نادية الشامي عون. بعدها توجه الوفد إلى الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا التي رحبت رئيستها الدكتورة هيام صقر بإقامة الندوات المتخصصة  في حرمها وبحضور الطلاب. في اليوم الثالث قام الوفد برحلة سياحية إلى مرفق جعيتا السياحي، حيث فوجئت المبدعات بحفلة موسيقية على شرفهن داخل المغارة العليا، قدمتها فرقة سويسرية عزفت مقطوعات لفيروز والرحبانة وغيرها.
بعدها عصرا انتقلن إلى المكتبة الوطنية في بيروت، حيث استضافهن رئيس المكتبة الدكتور حسان عكره، وفي صالة المسرح التي احتشد فيها جمهور من أهل الفكر والثقافة للاستماع إلى محاضرات المبدعات. في ختام فعاليات الملتقى عقد اجتماع، بهدف إطلاق الملتقى كمؤسسة قائمة، وتم الاتفاق على أن تعمل كل مبدعة من المشاركات في الملتقى الأول في لبنان، على إقامته في بلادهن بالتنسيق والتعاون مع «ديوان أهل القلم»، وذلك بهدف التفتيش عن المبدعات في العالم العربي، وتشكيل لوبي نسائي معرفي علمي على مساحة الوطن العربي.

السوريات مبدعات في الملتقى
كما أشرنا أعلاه إلى أنّ «ديوان أهل القلم» اختار من المبدعات السوريات كلاً من: سيدة الأعمال ياسمينة أزهري، ورئيسة هيئة البحوث الزراعية الدكتورة ماجدة مفلح. وفي تصريح خاص لـ«الوطن» حدثتنا السيدة ياسمينة أزهري عن سعادتها بالمشاركة شارحة كيفية الترشيح والاختيار لحضور الملتقى «تنتهج مؤسسة «ديوان أهل القلم» في أعمالها التكريمية للمبدعين والمبدعات، البحث الشامل والواسع، سواء أكان، مثلا عبر التوجّه بالسؤال المباشر-عن الأشخاص الذين قد تركوا بصمة وأثر في بلدهم في المجالات المطلوبة- لجميع القطاعات العامة والخاصة وفي جميع الميادين، أم بالبحث عبر الإنترنت. وبالنسبة لملتقى المبدعات العربيات الأول لقد جمع من كل المجالات، وكان متنوعا بين مبدعات الوطن العربي، وأذكر هنا على سبيل المثال أنه كان معنا كاتبات وشاعرات، وأيضاً بروفيسورة مختصة بعلم الجينات، أما أنا فقد تمّ اختياري في مجال الأعمال «البزنس» عن فئة سيدات الأعمال، بناء على أنني امرأة صاحبة إنجاز بأعمالي القائمة والناجحة بين بلدي سورية والإمارات، إضافة إلى أنني ما زلت ناشطة بالمجتمع الأهلي السوري، وبالطبع هذا أمر يؤخذ بالحسبان، وهو من الأمور التي ساهمت باختيار اسمي بأن يكون في قائمة المبدعات العربيات. وبالتالي وبعد أن حصلوا على رقم هاتفي، تم التواصل معي مباشرة من رئيسة الديوان الدكتورة سلوى الخليل الأمين، وطلبت مني أن أقوم بالبحث عن مؤسسة «ديوان أهل القلم». وفي الحقيقة هذا أمر أقوم به دائماً عندما تتم دعوتي إلى المؤتمرات والملتقيات والتكريمات، لأنه من الأهمية بالنسبة لي أن أعرف من الجهة الداعية والمنظمة، إضافة إلى المستوى والأهداف. وبالفعل لقد تشرفت بحضوري الملتقى الذي نظمته المؤسسة، واللائق بلبنان البلد المضيف وبالمبدعات وبالمبدعين. وأختم هنا بالإشارة إلى نقطة مهمة وأنا أتمسك بها ودائما أركز عليها، وهي أن سبب نجاحي أني كبرت وترعرعت بمنزل متنوع الثقافات، إضافة إلى نشأتي في اللاذقية التي ساعدتني أن أتميّز في مجال الأعمال «البزنس».

المرأة النموذج
عبثية الحياة وفي أسبابها التي لا يمكن فهمها في لحظتها، تدور كي تأتي بالنتيجة التي قدّرت لها، بمعنى أن تكون المرأة مبدعة، فهي لم تخلق كذلك، لكنها تحدّت كل الصعاب وكل القيود، متمسكة بما لديها من موهبة وما اقتنته عبر نشأتها، لتتمسك بذاتها الفاعلة ولتصبح قدوة وصاحبة لقبـ«المرأة النموذج». نعم.. السيدة أزهري من السوريات المبدعات وهي سيدة أعمال، وتعد أول سورية تصبح قنصلاً فخريا، بعد أن حصلت على وسام (فارس) من ملكة هولندا، اختيرت كإحدى أقوى 50 سيدة أعمال في الوطن العربي من مجلة فوربس العالمية الاقتصادية عام 2006، وفي عام 2008 اختيرت للمرة الثانية من المجلة نفسها. وعن تمثيلها للمرأة والوطن سورية، وعن نشاطات الملتقى أضافت «أنا دائماً أقول لولا بلدي سورية التي قوانينها وتشريعاتها تدعم المرأة والتي أقلّها-إن صح التعبير-تساوي المرأة بالرجل، وهذا ما يفتقر له الكثير من البلدان العربية الأخرى، لما كنت أولاً سيدة أعمال ناجحة، ولما تمّ اختياري بأن أكون موجودة في الملتقى، وبالطبع وبمجرد المشاركة أنا أمثّل بلدي، وليس شخصي كسيدة الأعمال «ياسمينة الأزهري»، وحتى أحب هنا أن أشير إلى نقطة طريفة تحصل معنا أثناء الملتقيات والتكريمات العربية، فنحن طوال أول يومين إلى حين أن نحفظ أسماء المدعوات، نقوم بدعوة بعضنا بأسماء بلداننا، إذاً نحن نمثّل بلداننا بالدرجة الأولى ولا نمثل شخصنا فقط.
بالفعل لقد كان الملتقى مملوءاً بالنشاطات الفاعلة، حيث إننا حضرنا خلال زيارتنا الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا محاضرات تتعلق بالتكنولوجيا وبالاختراعات وبالاكتشافات العلمية التي تتعلق بالجينات، بمعنى كلّ مشتركة عربية حدّثتنا وفقا لاختصاصاتها عبر بحوثها واكتشافاتها. كما قمنا بزيارة المكتبة الوطنية حيث أقيمت الندوات، واستمتعنا بمشاركة الأديبات والشاعرات المبدعات العربيات. كما أن مؤسسة «ديوان أهل القلم» نظمت لنا، رحلة سياحية إلى مرفق جعيتا السياحي، وأيضاً من الأنشطة قمنا بزيارة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، وبالطبع هذه الزيارة منحت الدعم للملتقى والمصداقية، كما منحتنا كمشتركات في الملتقى التشجيع الكبير، وأحب أن ألفت الانتباره إلى نقطة مهمة، وهي أن زيارة كهذه ستعطي الحافز الكبير للسيدات وللأجيال اللاحقة بأن يكنّ يوماً ما مبدعات وتتم دعوتهنّ للملتقى. وبقي هنا أن أشكر المؤسسة لتنظيمها الرائع للملتقى والذي كان على مستوى عال ودقيق من التنظيم والترتيب والتنوع، ومتميّزاً جداً في كرم الضيافة، وبكلمة منصفة: لقد أبدعت مؤسسة «ديوان أهل القلم» في تنظيم الملتقى.

في الختام
كنا أشرنا أعلاه إلى أنه انتهت فعاليات ملتقى المبدعات العربيات باجتماع عُقد بهدف إطلاق الملتقى كمؤسسة قائمة، وتم الاتفاق على أن تعمل كل مبدعة من المشاركات في الملتقى الأول في لبنان، على إقامته في بلادهن بالتنسيق والتعاون مع «ديوان أهل القلم» وحول هذه النقطة كشفت لنا مبدعتنا السورية في الحقيقة ومن خلال هذا الملتقى سنكون-نحن المبدعات العربيات-النواة التأسيسية لإقامة ملتقيات دورية ستتم في بيروت- لبنان، أو في الملتقيات التي ستقام بالبلدان العربية، إن توافرت الإمكانية من حيث التسويق والتنظيم والبحث في كل بلد عربي على حدة عن مبدعاته. وبالنسبة لنا وعن إمكانية أن تكون سورية البلد المضيف للملتقى، فالأمر وارد وهو بحاجة إلى رعاية وتنظيم، هنا أحب أن أوضح أنه علينا في البداية أن نحدد معايير اختيارنا للمبدعات سواء من خلال بصمتهنّ الواضحة في البلد أم تأثيرهم في المجتمع الأهلي، بعدها علينا أن نبحث كثيراً في كل القطاعات العامة والخاصة وعبر الإنترنت، فالترشيح سيكون كامل المصداقية وبعيداً تماماً عن أي واسطة، والاختيار سيكون لمبدعة مستحقة، وبالنهاية سنختار مبدعتين سوريتين فقط.
بالطبع أختم هنا بالإشارة إلى نقطة مهمة بأننا نحن سنكون تحت مظلة مؤسسة «ديوان أهل القلم» وطبعاً إقامة الملتقى في دمشق، هو أمر وارد-كما أسلفت أعلاه- بل ومرحب به من كل المشتركات المبدعات في الملتقى، وهنا بالمناسبة أحب أن أضيف أمراً بالغ الأهمية، وهو أن كل المبدعات العربيات تمنين أن يكون الملتقى القادم في سورية، فبقلوب الجميع -دون أي استثناء- شوق كبير للشام، ولدمشق بحاراتها القديمة، وحتى لبلودان وكل المناطق السورية الساحلية والجبلية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن