ثقافة وفن

أخجل من التكريم ولم أجرؤ على دعوة أصدقائي المقربين أو العائلة … ديمة ناصيف لـ«الوطن»: لم أدرك سوريتي حقاً بقدر ما أدركتها في الحرب فعندما يُهدد الوطن يزداد حبه

| سارة سلامة- ت: طارق السعدوني

ليس أمراً سهلاً أن تقارع امرأة جبهات الحرب وتوجد على مشارفها قوية معطاء محبة غير آبهة بأصوات المدافع والقذائف تتحداها بقلبها الأنثوي الذي غافل الخوف. على مرّ أيام الحرب لم تغب ديمة ناصيف عن المشهد القتالي في سورية تلاحق كل معركة للجيش السوري معلنة تفاصيلها وتحريرها لتكون السباقة في خطاها فرحة بانتصار جيشها وبلدها على الإرهابيين. من القصير وحمص إلى القلمون والغوطة وأماكن عديدة فتحت كاميراتها منطلقة ببث مباشر لتكون مع الحدث السوري ومع المواطن تصل إلى منزله تطمئنه على تراجع خطر الإرهاب المحدق به.
هي مسيرة نسائية تستحق اليوم أن تكرم لتكون عنواناً للمرأة السورية التي تهب قلبها وتكون بجانب الرجل وعلى خطاه في عمله ومعركته وتحرير بلده. وهذا ما حدا بملتقى يا مال الشام بإدارة (المسرحي أحمد كنعان) لتكريمها والاحتفاء بها من خلال أمسية فنية في (الشام القديمة- باب شرقي) تخللها قصائد للشاعر أيهم الحوري، وحوار مفتوح للحضور مع المراسلة الحربية. ومتابعة أعمال التشكيلية جوليا سعيد من خلال الشاشات الموزعة في المكان ومحطات من الموسيقا والغناء، ليكون الختام مع تقديم لوحة فنية لناصيف بتوقيع جوليا سعيد ومنحوتة من غاليري الفنان معن محمود.

فيض من العشق
وفي حديث خاص لـ«الوطن» قالت الإعلامية ديمة ناصيف: إن «التكريم يعد مبادرة لطيفة من فعالية (يا مال الشام)، وهو نوع من التحية لمجمل العمل في الحقل الإعلامي على مدى السنوات السابقة، كمراسلة ميدانية خلال الحرب في قناة (الميادين). والشيء الأجمل الذي لفتني أكثر من التكريم هو ذلك النبض المفقود منذ زمن بعيد في دمشق نبض العزف الموسيقي وجلسات الشعر لتعود بنا أيام أنس لم تكن لتنقطع عن دمشق تلك المدينة الرائعة».
وبشخصيتها الهادئة والمتزنة وقوتها على الشاشة نجدها عند التكريم خجلة لم تدعُ حتى رفاقها وعائلتها وتقول: «أخجل من التكريم ولم أجرؤ على دعوة أصدقائي المقربين أو العائلة، هذا الفيض من الحب بهذا المكان والأشخاص الحاضرين يجعلني في حالة إرباك. والحقيقة أن التكريم يعطيني حافزاً أكبر ويحقق لي نوعاً من الرضا. بأن أكون في وجدان الآخر وضمن اهتمامه، وخاصة أن التكريم ليس من جهة رسمية وينطلق من محبة تنبع في داخلهم».
وعن شعورها بوجود عدد من طلاب كلية الإعلام الشباب في الأمسية بينت ناصيف: «أدرس طلاب السنة الثالثة وأحرص دائماً على وجودهم في الميدان وأخبرهم كيف عملت. لأنهم بحاجة فعلية إلى التجربة العملية وليس الاستئثار فقط بالتجربة النظرية، وأرى أن لدينا جيلاً من الشباب متحمساً جداً لهذه المهنة التي فقدت الكثير من أدواتها وشغفها وحوافزها للأسف. وبعضهم مصرّ على فعل شيء على الرغم من المساحة الضيقة في وسائل الإعلام ومع ذلك لم ينقطع الإصرار لديهم».
وعن عشقها وتعلقها بسورية التي كانت بمنزلة الحلم الذي يراودها تقول ديمة: «لا شك أنني سورية وأفخر بذلك ولم أدرك سوريتي حقاً بقدر ما أدركتها في الحرب، فعندما يهدد الوطن أي شيء يزداد حبه ويكبر في داخلنا ليصبح مثل فيض العشق. ويعتبر وجودي كامرأة ضمن الحرب والدمار مهماً لإيصال رسالة وأخذ المشاهد إلى مكان آخر. لعل المرأة تكون أقدر على جر المشاهد وتركيزه لإيصال النصر».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن