سورية

روسيا حملت الغرب المسؤولية عن إشعال الشرق الأوسط.. وتدعوه لتحمل عبء اللاجئين…صوفيا تغلق أجواءها أمام الطائرات الروسية.. وموسكو تطالبها وأثينا بتوضيحات.. وتتعهد باستمرار دعم سورية

طلبت موسكو من بلغاريا التي منعت مرور الطائرات الروسية المتوجهة إلى سورية، واليونان تقديم توضيحات بشأن شكوكهما في حمولة الطائرات، وذلك بعد إعلان أثينا أن روسيا أبلغتها بتحويل مسار طائراتها المتجهة إلى سورية بعيداً عن الأجواء اليونانية، على حين أعلنت صوفيا رفضها طلباً روسياً لفتح الأجواء البلغارية أمام طائرات المساعدات الروسية المرسلة إلى سورية، وذلك استجابةً على ما يبدو لضغوط أميركية.
ولم تثن الضغوط الأميركية روسيا عن التأكيد على عزمها مواصلة تقديم الدعم لسورية «في المستقبل»، مبينةً أن المساعدات العسكرية لدمشق تتوافق مع مبادرة الرئيس فلاديمير بوتين لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي.
من جهة أخرى، وصفت الدبلوماسية الروسية أزمة اللاجئين التي تواجهها أوروبا، بـ«خروج (تفريغ) السكان من الشرق الأوسط»، داعيةً الدول الغربية المسؤولة عن إشعال فتيل النزاعات في الشرق الأوسط إلى تحمل عبء أولئك اللاجئين، الذين «فروا من الحرب التي دمرت دولهم.. لغايات يعلمها الجميع».
في موسكو طلبت وزارة الخارجية الروسية توضيحات من بلغاريا واليونان العضوين في حلف شمال الأطلسي حول هواجسهم من المساعدات المرسلة إلى سورية.
ونقلت وكالة «أنترفاكس» الروسية للأنباء، عن مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، قوله: «إذا كان لدى أي جهة، وفي هذه الحالة شركاؤنا اليونانيون والبلغار شكوك، فعليه أن يوضح لنا ما هي المشكلة».
تصريحات بوغدانوف جاءت بعد ساعات من إعلان المتحدثة باسم وزارة الخارجية البلغارية بتينا زوتيفا عن رفض بلادها السماح لعدد غير محدد من الطائرات الروسية بعبور مجالها الجوي الأسبوع الماضي، في ما بدا أنه تجاوب مع مخاوف أميركية من أن موسكو تعزز دعمها العسكري لدمشق.
وأشارت زوتيفا إلى أن الروس ذكروا أن الطائرات كانت تنقل مساعدات إنسانية، لكنها تحدثت عن «معلومات موثوقة» بحوزة حكومتها تشير إلى أن ما «أعلن أنه طائرات شحن، ليست كذلك فعلياً». وحرصت على التأكيد على أن قرار صوفيا اتخذ باستقلالية ودون أية ضغوط من الشركاء في حلف شمال الأطلسي.
وفي أثينا أعلن متحدث باسم الحكومة اليونانية أن روسيا تعتزم أن تستخدم مساراً جوياً إلى الشرق من اليونان لنقل المساعدات إلى سورية، وذلك في حين أوضح متحدث باسم وزارة الخارجية اليونانية أن موسكو أبلغت أثينا أنها لم تعد بحاجة إلى ممر جوي عبر المجال الجوي اليوناني، بل ستستخدم مساراً آخر يمر شرقي الأراضي اليونانية.
وافتعلت واشنطن أزمة كبيرة مع روسيا بعد تقارير تحدثت عن توجه روسي لتعزيز المساعدات العسكرية المقدمة لسورية لمواجهة الإرهاب، في تناقض مع إدعاء الولايات المتحدة حرصها على تدمير التنظيمات الإرهابية في المنطقة، وعلى رأسه تنظيم داعش.
ووفقاً لمسؤول وزارة الخارجية اليونانية، فقد طلبت واشنطن يوم الجمعة الماضي من اليونان منع طائرات الإمداد الروسية المتوجهة إلى سورية من عبور الأجواء اليونانية، وهو ما أكده الكرملين.
وبحسب المسؤول اليوناني فإن موسكو طلبت من أثينا السماح لطائرتين روسيتين بعبور المجال الجوي اليوناني في الفترة ما بين 1 و24 أيلول. وبدوره، علق المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف على ذلك، قائلاً: إن «شركاءنا اليونانيين أعلنوا أنهم يدرسون طلب الولايات المتحدة». وأضاف «لن يكون هناك أي رد فعل من جانب أثينا، ومن المبكر جداً أن نعلن من جانبنا أي شيء بهذا الخصوص». وسبق لسناتور روسي أن أبلغ وكالة «ريا نوفوستي» الرسمية للأنباء، أن موسكو ستجد طرقاً أخرى إذا أغلقت اليونان، العضو في مجلس حلف شمال الأطلسي «الناتو» مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية، واصفاً هكذا خطوة بـ«السخيفة»، وأضاف مهدداً «وإذا دعمتها اليونان فإنها ستكون كذلك دولة غير صديقة تجاه روسيا». وأشار عضو مجلس الشيوخ في روسيا إلى أن بلاده يمكن أن تلجأ إلى دول أخرى مثل إيران وتركيا لمساعدتها.
في الغضون جددت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا التأكيد على أن بلادها سوف تواصل تقديم المساعدات لسورية في مجال محاربة التهديدات الإرهابية. وقالت في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية: «دعمنا سورية في الماضي، وندعمها حالياً، وسنواصل دعمنا لها في المستقبل»، موضحةً أن المساعدات العسكرية لسورية تتفق مع اقتراح الرئيس فلاديمير بوتين حول توحيد جهود مختلف البلدان التي تحارب تنظيم داعش الإرهابي، وأشارت إلى أن موسكو أبلغت واشنطن عن هذه المساعدات.
وأعادت زاخاروفا التأكيد على «رفض بلادها لما يتم طرحه من قبل الدول الغربية بخصوص رحيل الرئيس بشار الأسد»، موضحةً أنه «لا يوجد أي خطة لا لدى الولايات المتحدة ولا لدى الغرب برمته، بشأن تحول سورية نحو الحياة السلمية والاستقرار في حال تخلى (الرئيس) بشار الأسد عن منصبه».
على جبهة اللاجئين دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الدول الغربية المسؤولة عن إشعال فتيل النزاعات في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى إلى تحمل عبء قضية اللاجئين التي تواجهها.
ونقل موقع «روسيا اليوم» الالكتروني عن لافروف قوله خلال لقائه مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية كريستالينا غيورغيفا: إن «معالجة البيروقراطية والأمور الشكلية لن تساعد في حل قضية اللاجئين لأن جذور هذه القضية سياسية».
وأكد أن الإحصائيات المتوفرة تؤكد أن أغلبية الأشخاص المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية الدولية هم ضحايا لمختلف النزاعات المسلحة التي تشتعل بالعالم، محذراً من التهرب من ضرورة تحليل الأسباب وراء ازدياد عدد اللاجئين والمحتاجين على النطاق العالمي. وانتقد المبادرات الهادفة إلى إلزام الحكومات بتقديم المبالغ الضرورية لتمويل العمليات الإنسانية على أساس حصص يتم تحديدها تلقائياً.
وبدورها وصفت المتحدثة باسم الخارجية الروسية أزمة اللاجئين الراهنة بأنها «خروج (تفريغ) السكان من الشرق الأوسط»، وربطتها بـ«انعدام أي تخطيط جيوسياسي على النطاق العالمي». وأردفت: «إنها أزمة تحمل أبعاداً دولية، وليس مرحلة من مراحل تاريخ أوروبا أو الشرق الأوسط».
واستغربت زاخاروفا من توجه السلطات الأوروبية نحو وصف الأزمة على أنها «تدفق لمهاجرين غير شرعيين». واستطردت قائلةً: «هناك جهود منسقة، تُبذل من أجل تكوين انطباع بأن الحديث يدور عن ناس قرروا مغادرة بلدانهم طوعياً، لكي يبحثوا في الخارج عن حياة أفضل. لكن هؤلاء ليسوا مهاجرين بل هم لاجئون. ويصلون (الاتحاد الأوروبي) ليس بغية البحث عن حياة أفضل، بل هرباً من الحرب التي عمت دولهم». وأضافت «إنهم لا يبحثون عن دول أفضل، بل يأتون لأنه لم يعد هناك دولة خاصة بهم… نعرف جميعاً لماذا تم تدمير الدول التي يأتي منها هؤلاء الناس».
(أ. ف. ب – رويترز – روسيا اليوم – سانا)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن