قضايا وآراء

ما هي الترامبية (2)؟

| دينا دخل الله

ظاهرة الترامبية أربكت العالم، وأول من أربكتهم حلفاء أميركا التقليديون، أوروبا واليابان إضافة إلى توابع أميركا في الخليج العربي، ودراسة هذه الظاهرة بهدوء وموضوعية يمكن أن تجيب عن عدد كبير من الأسئلة المطروحة اليوم في السياسة الدولية، وهذا مهم جداً لأن سورية تقع حالياً في مركز الاهتمام الدولي عموماً والأميركي خصوصاً، وعلى أرضها تتم عملية ولادة نظام عالمي جديد على أعقاب نظام القطب الواحد الذي دق الشعب السوري في نعشه آخر مسمار.
لا شك في أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يمثل الوجه البشع للسياسة الأميركية المعروفة، لكن ماذا لو كانت حكمت هيلاري كلينتون، منافسته في الانتخابات؟
بالنسبة لنا هو خيار بين الأسوأ، ترامب، والأكثر سوءاً، كلينتون، وأثناء التنافس الانتخابي بينهما، دعمت أوروبا والسعودية ممثلة الحزب الديمقراطي، في حين دعم الداخل الأميركي، خاصة الوسط الشعبي، المرشح الجمهوري ترامب.
لماذا ينتخب الوسط الشعبي ترامب وليس كلينتون التي يدعم حزبها هذا الوسط عبر الخدمات الاجتماعية والصحية مثل «أوباما كير» وغيرها؟
هو سؤال حقيقي وليس زائفاً، كيف تنتخب الطبقات العاملة، من اليمين، وتعارض اليسار؟ الجواب يكون في فهم «الانعزالية الجديدة» التي يطرحها ترامب بقوة في برنامجه وسياسته.
يرى ترامب أن العولمة سهلت هروب الرأسمال الصناعي الأميركي إلى الخارج حيث اليد العاملة أرخص والسوق أقرب، أي إن الربح أكبر، فعلى سبيل المثال لا الحصر، أكبر الشركات الأميركية في مجال الكيمياء موجودة في الهند، «يونيون كاربايد»، وأكبر مصانع «فورد» موجودة في المكسيك ودول أخرى.
أدى هروب الرأسمال إلى ازدياد البطالة في الولايات وتدني الأجور، واليوم من الطبيعي أن ترى المواطن العادي في أغنى دولة في العالم مضطراً للعمل في مكانين لتلبية حاجاته.
إن واحداً من أول قرارات ترامب، إلزام الرأسمال المهاجر بضرائب كبيرة حتى يبقى في أميركا، وهذا يوفر مئات الآلاف من فرص العمل للفقراء الذين كان أوباما يلهيهم بالخدمات الاجتماعية والصحية.
هذا أدى إلى نقمة أوروبية وعالمية ضد ترامب الذي حرم اقتصاد العديد من الدول من الرأسمال الأميركي، حتى إن انسحاب ترامب من اتفاق إيران النووي، أغضب أوروبا لأنه يأتي في إطار مناهضة الرئيس الأميركي لـ«العولمة التقليدية»، على حين لا تزال القارة العجوز، خاصة أحزابها الاشتراكية، ملتزمة بتلك العولمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن