ثقافة وفن

هاجسي وحبي الأخير هو النحت … زياد قات لـ«الوطن»: ليس مطلوباً من النحات أن يكون شاعراً أو فيلسوفاً… فأنا أقدم البساطة

| سوسن صيداوي- ت: أسامة الشهابي

الجمال ببساطته هو الهدف والغاية، والأسلوب يتجه نحو التجريدية المستفزة للفنان والمتلقي. أهداف وأفكار يؤمن بها الفنان التشكيلي زياد قات، النحات الذي أبعدته الظروف عن عرض ما تشكله أنامله وإزميله مع خاماته من شخوص، بعد أن كرّس معظم وقته وجهده في العمل بالديكور التلفزيوني. في هذه الفترة عاد إلى متابعيه من المختصين التشكيليين والمتذوقين، بمعرض ضم خمساً وثلاثين منحوتة متنوعة الأحجام، مشكّلة من خامات متعددة، تتفاوت بمشهديتها بين الوجوه والبشر والمرأة والأشكال التجريدية. ولتفاصيل أكثر حول المعرض نورد لكم.

نحّات ساع للجمال
في البداية حدثنا الفنان التشكيلي زياد قات بأن معرضه يضم خمسة وثلاثين عملاً تعود لمراحل زمنية مختلفة، والقديم منها يعود إلى عام2000، موضحاً اختلاف أسلوبه عبر الزمن «أنا خريج من الثمانينيات، وصحيح أن العمل في الديكور التلفزيوني أبعدني عن النحت، إلا أنني بقيت فيه منجزاً الكثير من الأعمال، ولكن ما حصل لي في الفترة الأخيرة، هو أن أسلوبي الفني لم يكن ثابتا، لأنني انتقلت ما بين الأسلوب الواقعي إلى التعبيري، ولكنني في النهاية وجدت نفسي ميالاً للأسلوب التجريدي، منوعاً بالعمل على الخامات، وعلى الرغم من ابتعادي عن النحت، لكنه بقي هاجسي وحبي الأخير، وفي الفترة الراهنة الظروف تحسنت قليلاً بالنسبة لي وأصبح لدي الوقت، وكانت كل الظروف مساعدة لعودتي للنحت بالأسلوب الذي أحبه أنا، وبالنسبة لي أرى الفن حرية وجمالاً مطلقين، لهذا أبدأ بالبحث منطلقا من المحيط كي أحس أنا أولاً بالجمال، لأتمكن من إيصال تعبيري في الجمالية للآخرين».
وعن النحت السوري وما يعانيه من صعوبات أشار الفنان: «من خلال هذا المعرض أتوجه بالحديث إلى النحاتين الزملاء- الرواد- من أبناء جيلي، فأنا أشكرهم لمتابعتي الدائمة والتواصل معي، حتى في فترة ابتعادي وانشغالي بالعمل في الديكور التلفزيوني. وبالطبع أنا لست متفائلا كثيراً بواقع النحت السوري، ولكنني داعم لزملائي النحّاتين الصامدين، الذين لم يتركوا هذه المهنة رغم كل المعوقات، وأتمنى بأن يتم دعمهم، لكونها مهنة مكلفة من ناحية المواد، وأيضاً تحتاج إلى الكثير من التسويق والعرض، ومن ثم إلى الكثير من الاهتمام والرعاية».
وعن عدم قولبة الفنان لنفسه في موضوع محدد يتابع: «ليس مطلوباً من النحات بأن يكون شاعراً أو فيلسوفاً، فأنا أحب أن أكون على طبيعتي، وبأن أقدم الجمال ببساطة من دون أي تعقيد، ما دام هناك حياة متغيرة وبحث مستمر في التراث والمعاصرة في المدارس الفنية، من هنا سنبقى في ركب التطور وسيبقى للجمال مكانته الرفيعة التي لا نستطيع أن نؤطرها. إذاً أنا لا أدعي أبدا ولا أقولب نفسي في أمر محدد، بل أنا أسعى للجمال وأبحث عنه بشكل مستمر كي أقدمه بشكل مناسب، والموضوع الذي يستفزني بأنني أصبحت أتذوق التجريد الذي هو من أصعب الفنون، والانسجام معه هو سعادة في العمل، وأحاول قدر الإمكان ألا ألتزم بأي موضوع، إلا بموضوع الجمال بشكل عام».

إنجاز جميل لنحات جميل
من جهته عبر الدكتور إحسان العر رئيس اتحاد التشكيليين السوريين عن سعادته لحضوره معرضاً للنحت، لكون الصالات ابتعدت عن هذا الفن الراقي، مشيدا بالفنان قات وبأعماله: «زياد قات من الفنانين التشكيليين المهمين في الساحة التشكيلية، رغم انشغاله بعمله في الديكور التلفزيوني-عبر تواصلنا الدائم مع بعض-كنت ألمس دائماً بأن هاجسه هو النحت، وأنا سعيد جداً لمشاهدتي معرضه وخصوصاً أنه يحتوي على أعمال تعود إلى فترات زمنية مختلفة من حياته التي عاشها والتي عبر عنها من خلال خمسة وثلاثين عملاً حاضراً، هذا المعرض-من وجهة نظري-إنجاز جميل لنحات جميل. أما من حيث الأعمال الموجودة فنلاحظ العناية والدراية البالغة عبر الخامات التي اعتمدها النحات قات في أعماله، فمثلا آلية العمل وتقنيته على خامة الخشب تمنح المشاهد أعمالاً جذابة، وعلاقة الحب بين النحات والخامة التي يعمل عليها، تبدو واضحة في المنحوتات، وهذه اللغة الخاصة بين الإثنين هي مفتاح العبور إلى النجاح. وفي الختام زياد قات، نحات وفنان يعرف تماماً ما يفعل، واستطاع أن يقدم لنا منتجاً فنياً جميلاً يداعب عواطف المتلقي، وهذا أمر واضح من خلال متابعة المشاهد لتفاصيل المنحوتة من كل الزوايا. وأتمنى أن نرى لفناننا معارض قادمة وألا يبتعد عن النحت مجدداً».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن