قضايا وآراء

نهاية الفاشية الجديدة… من المسؤول!!!

د.بسام أبو عبد الله : 

أخيراً بدأ الأوروبيون يطلقون نداءات الاستغاثة من طهران لإيجاد مخارج سياسية لما ارتكبوه من جرائم كبرى بحق الشعب السوري طوال أربع سنوات ونصف السنة من عمر هذه الحرب الفاشية على سورية.
دعونا لا نصدق دموع التماسيح التي يطلقها القادة الأوروبيون على الطفل (إيلان) الذي أوقظ ضميرهم، وصدمهم، وجعلهم يكثفون اجتماعاتهم بحثاً عن المخارج، في حين أن سيارات جبهة النصرة المفخخة التي كانت تقتل الأبرياء في شوارع المدن السورية، طوال سنوات لم تحرك ضمير هؤلاء ومشاعرهم، كما لم تحرك مهاجمة مدرسة عكرمة للأطفال من قبل انتحاريين تكفيريين مشاعر هؤلاء، ولم يحرك مشاعرهم وضمائرهم صورة قاتل مجرم في بداية حربهم الفاشية وهو يأكل قلب جندي سوري، أو صورة آخر يشوي رأس ضابط طيار وينشر صوره مفتخراً بهذا العمل الشائن والإجرامي.
ماذا أكتب عن معاناة السوريين من الفاشية الجديدة التي دعمها الأوروبيون، وحلفاؤهم الديمقراطيون جداً في الخليج- الذين يُفرخون حريات، وحقوق إنسان على شواطئ فرنسا، وإسبانيا، وفي شوارع لندن وغيرها من المدن الأوروبية دون أن نسمع تصريحاً واحدة لناظري الحرية- والديمقراطية في بروكسل!!!
هل أكتب للأوروبيين عن تدمير آلاف المدارس، واستهدافها من قبل الفاشيين الجدد، أم أكتب لهم عن قتل طلاب الجامعات في حلب، ودمشق وحمص، واللاذقية، أم عن اغتيال العلماء، والنُخب السورية أم عن قطع المياه عن المدن الكبرى، وتدمير الكهرباء وبناها التحتية أم عن تدمر، وتاريخها، وآثارها، أم عن حلب القديمة، وبصرى، ودير الزور، والرقة حيث يُقتل البشر والحجر من ثوريي الاتحاد الأوروبي، ومعارضيهم المعتدلين…
أما آن لهذا السوري أن يرتجل… ويقول لكم في وجوهكم البائسة التي لا تعرف العواطف، والمشاعر الإنسانية أنكم هُزمتم في حربكم الإجرامية ضد هذا الشعب العظيم، الذي لم توفروا حرباً من أي نوع إلا ومارستموها عليه، وأولاها الحرب الاقتصادية التي جعلت ظروف حياة الناس قاسية للغاية، هل تريدون أن أذكركم كم هو عدد حزم العقوبات التي اتخذها اتحادكم الموقر!! وكم كنتم تشعرون باللذة، وأنتم تروجون لهذه العقوبات اللاإنسانية عبر وسائل إعلامكم وإعلام حلفائكم الديمقراطيين جداً في السعودية وقطر!! وهل تريدون أن أذكركم باعترافات وزراء الداخلية في دولكم الأعضاء عن أعداد الفاشيين الذين أتوا من بلدانكم ليقتلوا، ويسبوا، وينهبوا، ويسلبوا في بلدنا الذي كان من أكثر بلدان العالم أماناً قبل أن تأتوا لنا بوصفاتكم عن (الديمقراطية وحقوق الإنسان)…
هل يرغب الأوروبيون أن نذكرهم مثلاً بعقوباتهم ضد الإعلام السوري وهم الذين يتحدثون عن (الحرية)- وحقوق الإنسان، أم بقرار حلفائهم فيما يسمى بـ(الجامعة العربية) بمنع وسائل الإعلام السورية، وإنزالها من الأقمار الاصطناعية، وهو قرار تاريخي اتخذه مجلس وزراء خارجية الدول العربية، من دون أن يحرك لديكم ذرة ضمير أو يُغير من دفتر مواصفاتكم حول (الحريات) وخاصة حرية الإعلام، ودون أن تدينوا ذلك، لا بل سكتم لأنه جزء من حربكم الفاشية علينا.
هل أذكركم بتصريحات رولان فابيوس وزير خارجية فرنسا عن دعمه لجبهة النصرة ضد الدولة الوطنية السورية، والجيش العربي السوري أم بتصريحات وزير خارجية بريطانيا الحاقدة، والمنافقة عن سورية وشعبها وقيادتها… والتي أوصلتكم إلى ما أنتم عليه…
هل أذكركم بعدد الكنائس، والأديرة، والجوامع التي دمرت واستبيحت من قبل الفاشيين الذين دعمتموهم طوال سنوات، ونسقتم نشاطهم عبر غرف عمليات في تركيا، والأردن، ثم تتاجرون علينا بقصة (الحريات- والديمقراطية- وحقوق الإنسان)…
هل أذكركم بأرقام سورية في التعليم، والصحة، ودور المرأة، وحرية المعتقد، والزراعة، والديون الخارجية، والأمن والاستقرار قبل بدء ثوراتكم المزيفة، وصناعة معارضيكم المرتزقة في أقبية أجهزة مخابراتكم- ومكاتبها…
هل أحدثكم عن دور سورية التاريخي في احتضان كل لاجئي العالم، فهذا البلد استضاف إثر عدوانكم على العراق ملايين العراقيين دون أن يطلب مساعدة أحد، أو يشحذ على أكتاف معاناتهم، وخسارتهم لأرضهم، ووطنهم مليارات الدولارات، كما استضاف لبنانيين وفلسطينيين، وكويتيين، وسودانيين، واريتريين، وأفغاناً، وأكراد تركيا، والعراق، وكثيرين غيرهم، فهل يستحق أبناء هذا الوطن الجميل والرائع مثل هذه المعاملة القاسية اللاإنسانية، وهل يحتاج الأمر إلى بازارات منحت في كل أقاصي المعمورة للتجارة باسم السوريين، ومعاناتهم، ومحاولة كسر عنفوان السوري، وإذلاله على أبواب قارتكم العجوز، من دون أن تتذكروا للحظة أنكم تدفعون ثمن سياساتكم الخاطئة التي حذرتكم دمشق من المضي قدماً بها…
وثمن عقوباتكم على شعب سورية الذي لن تستطيعوا أن تعيشوا للحظة واحدة ما عاشه من شظف العيش، وقساوتها وهو يتحدى الإرهاب المدعوم منكم، ومن حلفائكم…
اتحداكم أن تمتلكوا جيشاً بعظمة الجيش العربي السوري الذي يقاتل إرهابكم، وفاشييكم الجدد في كل مكان في سورية، وأتحدى زعيماً فيكم أن يتحمل ما تحمله الرئيس بشار الأسد طوال سنوات حربكم الفاشية، كما أتحدى أن يتحمل شعب في العالم ما تحمله الشعب السوري من قساوة هذه الحرب الفاشية، ونذالتها…
أقول لكم بصراحة، ووضوح إن مكابرتكم في الاعتراف بهزيمة سياساتكم ومقارباتكم لهذه المنطقة لن تفيدكم بشيء، وإذا اعتبرتم أن السلام دائماً ما يصنع بين الأعداء- كما رأى وزير الخارجية الإسباني- فلمَ- لا يكون ذلك، وإذا رأيتم أن فشل سياساتكم يحتاج إلى نهج عملي مشترك يتضمن مشاركة الرئيس بشار الأسد من أجل التصدي لإرهاب تنظيم داعش- كما قال وزير الخارجية النمساوي فلِمَ لا أيضاً، لأن كل الدروب تؤدي إلى نتيجة واحدة: عليكم تحمل مسؤولياتكم تجاه ما اقترفته أيديكم طوال سنوات…
الآن يحاول بعض الساسة الأوروبيين التملص من المسؤولية، فوزير خارجية المجر قال: نحن لم نُشعل الحرب!! ليستدرك لاحقاً بالقول: إن بعض الدول متورطة في إرسال السلاح، وبالأخص دول الخليج!! والأمر لم يتوقف هنا- إذ إن أحد ممثلي حزب المحافظين البريطاني في البرلمان الأوروبي (جيفري فان أوردن) قال بالحرف: (أنه لا يوافق على أن تكون الأولوية لحقوق الإنسان… بل الأولوية لأمننا، وتماسك مجتمعاتنا…) في حين أن هؤلاء المنافقين يطالبون الحكومة السورية أثناء قتالها الفاشيين الجدد بمعايير لحقوق الإنسان، وفي الوقت نفسه (فإن الأخ البريطاني) يعطي الأولوية لأمنه، وتماسك مجتمعه، أما الرئيس بشار الأسد، والجيش العربي السوري، والحكومة السورية فليس من حقهم أن يعطوا الأولوية لأمن شعبهم، وبلدهم، وتماسك مجتمعهم وهم يواجهون مرتزقة منذ أكثر من أربع سنوات!!!
الأكثر من ذلك أن تياراً داخل النُخب الأوروبية بدأ يتساءل لماذا يأتي إلينا هؤلاء المسلمون، وهم يعتبروننا (كفاراً)، ويتدفقون إلى بلاد يمقتون طريقتها في الحياة، والحرية، وهو ما عبر عنه (روبرت فيسك في مقال له في الصحافة البريطانية!! والجواب: ليس الرئيس بشار الأسد من يعتبركم كفاراً، ولا النُخب السورية المتعلمة، والواعية بل من يعتبركم كذلك هم حلفاؤكم في مملكة الوهابية في الرياض، وفي مشيخة الوهابية المُحدثة في الدوحة، وفي عاصمة الإخوانية- العثمانية في أنقرة، ولدى حلفائكم من جماعات (المعارضة المعتدلة) وغير المعتدلة وذات الأسلحة الفتاكة، وغير الفتاكة، أليس هؤلاء هم شركاؤكم في إنتاج الفاشية الجديدة التي تتبرمون الآن انزعاجاً، وتأففاً، منها- بعد أن كانت تتصدر شاشات إعلامكم، وصدر صفحات صحفكم، وتصريحات مسؤوليكم المنافقين لسنوات…
إن ما يجب أن تعرفوه جيداً أن فاشيتكم الجديدة التي صنعتموها بأيديكم أو بأيدي البعض منكم- لا فرق- قد سقطت على أبواب دمشق، وتحت أقدام السوريين، وأنه سيكون لكم الشرف العظيم أن تتحالفوا مع جيش وشعب لا يكفر أحداً- لأنه مؤمن بقيم إنسانية وبثقافة متجذرة عبر آلاف السنين، أما الذين يكفرون فهم حلفاؤكم وعنوانهم معروف جداً: المملكة السعودية- دوت- وهابية، جبهة النصرة- دوت- قطر، جيش الفتح- دوت- تركيا، جيش الإسلام- دوت- السعودية، أحرار الشام- دوت- تركيا… وهلم جرة- دوت- تكفيريون…
وكل تحالف وأنتم بخير… فمن المسؤول إذاً عن الفاشية الجديدة؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن