من دفتر الوطن

يوم من عمري!

| عصام داري

بالإذن من الفريق الذي أنجز فيلم «يوم من عمري» (عام 1961) بداية من المنتج السوري صبحي فرحات، وزوجته زبيدة ثروة، وأبطال الفيلم: عبد الحليم حافظ وعبد السلام النابلسي ومحمود المليجي وسهير البابلي والمخرج عاطف سالم.
فإذا كان هذا الفيلم يحمل الفرح للمشاهدين منذ يوم إنتاجه (1961)، فإن اليوم الذي مر من عمري منذ يومين يستحق أن يتحول إلى فيلم سينمائي، أو سهرة تلفزيونية، أو حتى مسلسل!
يسعدني أن أشارك القراء المتعة التي حصلت معي، فقد كنت طوال النهار أتنقل من مكان إلى آخر بسيارتي الخاصة، وإذ أذكر أنها خاصة فذلك لأن تنقلاتي استهلكت (البنزين) وصار علي ملء خزانها بالوقود، لكن بيني وبين تحقيق هذا الحلم أنهر وبحور.
قررت العودة إلى البيت لتوفير الوقود لمشوار مهم، مع أن المشاوير صارت أشبه بأحلام اليقظة! وهكذا فعلت، لكن المصيبة أنني أقطن حالياً في مشروع دمر قريباً من محطة البنزين القريبة من الـ «أب تاون» والمشكلة أنني دخلت في زحمة السيارات التي تنتظر دورها لتعبئة البنزين! فقد استغرق قطع مسافة مئة متر فقط لأركن سيارتي أكثر من ساعة وعشرين دقيقة! صدقوني أنني أنقل ما شاهدته حرفياً.
اكتشفت خلال هذا الوقت أن شعبنا الطيب رائع فعلاً فقد تبادل الناس وهم في سياراتهم الأحاديث الودية، منها الجادة والساخرة، والباكية والمضحكة، وصار طابور السيارات الطويــــل جداً مدار تندر، ولو أردت جمع كل النكت التي قيلت لتمكنت من كتابة مسرحية كوميدية ساخرة موجهة وناقدة.
لكن الطريف أن أحدهم سألني: هل تريد تعبئة خزان سيارتك؟ فأجبته بما يشبه الغضب والتعصيب: يا سيدي لا أريد البنزين سامحكم اللـه به، وحتى سيارتي هذه سأبيعها «بتراب الفلوس» كما يقول أشقاؤنا المصريون.
فقال: وماذا تفعل هنا؟ أجبته:غلطة، أبحث عن مكان أركن فيه سيارتي، فسمعت موجة ضحك صاخبة من(جمهور) الواقفين بالدور! هنا لمعت في ذهني فكرة: لماذا قلت إنني سأبيع السيارة؟ أليس الهدف من أزمة البنزين أن تصل الأمور بأصحاب السيارات إلى التفكير الجدي في بيع سياراتهم؟ ووجدت أن الحكومة حريصة على أن يكون لكل مواطن سيارة وراقصة ومطرب، فتنخفض أسعار السيارات بشكل كبير وبسرعة، واذهبوا واشتروا سياراتكم بأنفسكم، وألف مبارك.
المهم وبينما أنا غارق في التفكير شاهدت سائق سيارة «قاعد يفصفص بزر» ويبدو أن هذا السائق كان يعرف أنه سينتظر كثيراً، فأحضر البزر والموالح، وربما السندوتش والعصائر.
سائق آخر استغل الوقوف الطويل فأخذ غفوة لم توقظه منها إلا أصوات منبهات السيارات «الزمامير» التي تحثه على التقدم بضعة سنتيمترات!
المشكلة أن سيارة إسعاف تنقل مريضاً في حالة حرجة لم تستطع التحرك مطلقاً، ولا أدري ما حصل مع سائق الإسعاف، وهل لديه بنزين كاف ليصل إلى المستشفى؟
المهم أن الحكومة قلبها على المواطن، وأرادت أن تشاركه معاناته، فقررت تخفيض مخصصات البنزين للدوائر الحكومية بنسبة خمسين بالمئة، لكن السؤال: هل تمتلك تلك الدوائر بطاقة ذكية للحصول على البنزين؟
لكن الحديث لم ينته، وتستطيعون إكمال هذه الرواية.. عيب!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن