سورية

مجلس الشعب: شعبنا قادر على صنع النصر.. وأهالي الغوطة احتفلوا بالاستقلال والتحرير من النشابية … السوريون.. كفاح متواصل لتحقيق جلاء جديد للاحتلال والإرهاب والعقوبات

| سامر ضاحي

قبيل بزوغ شمس الذكرى الـ73 لخروج آخر جندي فرنسي محتل من الأراضي السورية والتي تصادف اليوم السابع عشر من نيسان، احتفل أهالي الغوطة الشرقية بتزامن ذكرى الاستقلال مع الذكرى الأولى لتحررهم من الإرهاب، بينما أكد مجلس الشعب أن شعبنا الذي صنع الجلاء بالأمس قادر اليوم على صنع النصر النهائي.
ورغم محاولات القوى الغربية منذ أكثر من 8 سنوات ضرب هذا الاستقلال الذي حققته سورية بإخراج المستعمر الفرنسي، عبر شن حرب إرهابية عليها لم يشهد مثيلاً لها التاريخ، إلا أن السوريين وقفوا لهذه الحرب بالمرصاد، وخطوا، ولا يزالون، سطور النصر والصمود في مختلف المعارك التي خاضوها سياسياً وعسكرياً وإعلامياً وآخرها اقتصادياً، مصرين على استقلال بلادهم وقرارهم الداخلي والخارجي.
فبعد استعادة الجيش العربي السوري للغوطة الشرقية من الإرهابيين في 2 نيسان من العام الماضي، مستخدما سياسته المعهودة «المصالحة بيد والبندقية باليد الأخرى»، شهدت تلك المنطقة إجراءات متلاحقة من إعادة البنى التحتية والخدمات وعودة مستمرة للأهالي، الذين احتفلوا يوم أمس في بلدة النشابية بمناسبة الجلاء والنصر على الإرهاب، مؤكدين أن سورية انتصرت بفضل تضحيات أبنائها الذين سيواصلون تقديم الغالي والنفيس لأجلها ودفاعا عنها، بحسب ما نقلت وكالة «سانا».
وأشار بعض رؤساء المجالس المحلية الذين شاركوا في الاحتفال إلى أن الغوطة الشرقية التي راهنت عليها دول العالم تقف اليوم صفاً واحداً مع جيشها وقيادتها لتحرير كل شبر من سورية.
وعلى ذات المنوال تعامل الجيش مع الوضع في جنوب العاصمة، حيث أخرج تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي من مخيم اليرموك إلى الشمال، على حين أنهى وجود تنظيم داعش الإرهابي في اليرموك والحجر الأسود والجزء الجنوبي من حي التضامن بالقوة وأعلن في أيار الماضي جنوب العاصمة آمناً، لتبدأ بعد ذلك عمليات تقييم الأضرار في تلك المناطق تمهيداً لعودة الأهالي. وبعد أقل من شهر وجه الجيش عينيه إلى جنوب البلاد وأطلق تحذيرات ودعوات للمصالحة أعقبها عمليات متلاحقة انتهت في أواخر تموز الماضي، بإعلان درعا والقنيطرة محررتين بالكامل، وبدأت بعد ذلك عودة تدريجية للخدمات والأهالي إلى تلك المناطق.
وبتحرير درعا والقنيطرة، بقيت بؤرتان تحت نير التنظيمات الإرهابية، الأولى هي: مناطق شمال غرب البلاد الخاضعة للاحتلال التركي، حيث جرى ضبطها مؤقتاً باتفاق روسي تركي سمي بـ«اتفاق إدلب» وجاء بعد تنسيق بين دمشق وموسكو.
لكن «اتفاق إدلب» الذي نص على إنشاء منطقة «منزوعة السلاح» تنسحب منها التنظيمات الإرهابية ضمن مدة زمنية محددة، لم يلتزم به النظام التركي الضامن للإرهابيين، حيث انقضت المدة المحددة من دون انسحاب تلك التنظيمات الإرهابية.
أما البؤرة الثانية فهي شمال شرق البلاد الخاضعة لاحتلال «التحالف الدولي» الذي توقده أميركا وأداته «قوات سورية الديمقراطية- قسد»، حيث جرت مباحثات بين دمشق و«مجلس سورية الديمقراطية-مسد» التي تعتبر الغطاء السياسي لـ«قسد» لتسليم تلك المناطق للدولة، لكن تلك المباحثات لم تفض إلى نتائج، وسط إصرار دمشق على عودة كل شبر من سورية إلى حضن الوطن.
وها هو العالم الذي كان يشكك برواية دمشق حول الإرهابيين الذين أرسلتهم دول غربية وإقليمية وعربية إلى سورية، يعترف اليوم بتواجد هؤلاء فقط في سجون «قسد»، ولكنه يرفض عودتهم إلى بلاده، الأمر الذي يتضح منه الهدف الأساسي من إرسالهم إلى سورية.
كل الانتصارات السابقة وما قبلها تزينت بصور شهداء وجراح أبطال زينت جدران المنازل إلى جانب أبطال الجلاء كسلطان باشا الأطرش وصالح العلي وإبراهيم هنانو وغيرهم في عموم سورية. وبعد سنوات من الحرب الإرهابية التي تشن على سورية وتواطؤ غربي وعربي وإقليمي لم تتحقق نبوءات المبعوث الأممي الأسبق الأخضر الإبراهيمي عندما قال قبيل انتهاء مهمته: «أخشى أن تتحول سورية إلى دولة فاشلة» فالسوريون لا يزالون متمسكين بمؤسسات دولتهم وهذه المؤسسات تعمل وفق مهامها الاعتيادية وعلى أكمل وجه، وما يحصل فيها من تقصير أو مظاهر فساد إنما يتم معالجته داخلياً في إطار «مشروع الإصلاح الإداري».
وها هي سورية اليوم تخط رؤيتها للحل السياسي، فمع «المصالحة» ومكافحة الإرهاب في الداخل، انخرطت دمشق في الخارج بأكثر من عشرين جولة تفاوضية موزعة على مساري جنيف و«أستانا» ولم تقدم فيهما أي تنازلات، بل كانت ولا زالت تؤكد وتتصرف وفق قرار مستقل، وها هي مقبلة على جولة جديدة من مباحثات «أستانا»، بعد بدء انفتاح عربي أواخر العام الماضي كانت بوادره بإعادة فتح السفارة الإماراتية واستمرار عمل السفارة البحرينية وزيارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير، إلا أن واشنطن كبحت جموح الدول العربية الراغبة في الانفتاح على دمشق وفرضت عليها تغييب سورية عن القمة العربية في تونس الشهر الماضي.
وخرجت الإدارة الأميركية ببدعة لا قانونية جديدة باعتراف رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب بـ«سيادة» مزعومة للاحتلال «الإسرائيلي» على الجزء المحتل من الجولان العربي السوري، لكن الشارع السوري انتفض في وجه ترامب وأعلن بشيبه وشبابه رفضه القاطع لهذا الإعلان، معلناً عن تطلعه إلى جلاء آخر بتحرير الجولان، مدعوماً بإدانات دولية كاملة لإعلان ترامب، دون أن ينسوا لواء الاسكندرون السليب الخاضع للاحتلال التركي أيضاً.
ومع إعادة فتح معبر نصيب في منتصف تشرين الأول الماضي أمل السوريون بانفراجة اقتصادية تعززت مؤخراً بالإعلان عن قرب افتتاح أول المعابر مع العراق، لكن أميركا والقوى الغربية لم يرق لها ذلك، فسارعت لخنق أي منفذ لتنفس السوريين وفرض حزم من العقوبات عليه، وانشغلت مجالسها التشريعية طويلاً بسن القوانين التي تتيح لها ذلك، مما يسمى بـ«قيصر» و«سيزر» وصولاً إلى فرض محاصرة سورية على الدول الأخرى وذلك بإصدار وثيقة توجه بمنع وصول أي ناقلة نفط إلى سورية، وضغوط على دول عربية للامتثال.
ويبدو اليوم أن محاولات اللعب بأسعار الليرة السورية، ومنع وصول بعض المنتجات الدوائية وحظر الكثير من السلع والمواد الخام عن سورية، وأزمة الوقود في البلاد، من تجليات هذا الحصار. وعلى الرغم من طوابير السيارات على محطات «البنزين»، والطوابير التي سبقتها على مؤسسات وسيارات توزيع «الغاز»، ومحطات «المازوت» إلا أن كل السوريين ثقة بأن حكومتهم ستجد الحلول بما يتاح لها من موارد وعلاقات مع الحلفاء، وأنها كما نجحت بحل أزمة الغاز قادرة على حل أي أزمة أخرى من دون التخلي عن مبادئها واستقلال قرارها السياسي والاقتصادي.
ولا شك أن مطالبة السوريين حكومتهم بالبحث عن حلول تتأتى من عدم فقدان الثقة بمؤسسات الدولة، فمن لا يثق بأحد لا يناشده للحل، وهاهم السوريون في الخارج يؤكدون هذه الثقة بعودة أكثر من 191 ألفاً منذ 18 تموز الماضي منهم إلى مناطقهم وكذلك عودة أكثر من 420 ألف نازح في الداخل إلى مناطقهم منذ 30 أيلول 2015. ورغم فداحة الأثمان التي يقدمها السوريون في مواجهة الحصار إلا أنهم حولوها إلى «نكات فيسبوكية» لشعب خرج من رحم المعاناة.
ويوم أمس، أكد مجلس الشعب، أن ذكرى الجلاء تمر هذا العام «ووطننا الحبيب يواجه منذ ثمانية أعوام حرباً شرسة ووحشية وظالمة لم يعرف التاريخ لها مثيلاً من حيث الإرهاب والإجرام والدعم بمختلف أنواعه، حرباً هدفها تدمير الدولة السورية بكل مقوماتها والنيل من سيادتها الوطنية وحرية قرارها السياسي وتجربتها النضالية ودعهما لفلسطين والمقاومة في محاولة يائسة لحرفها عن خطها القومي والوطني».
وشدد المجلس في بيان تلقت «الوطن» نسخة منه على أن شعبنا الذي انتزع الاستقلال بالأمس قادر اليوم بهمة وصمود وبسالة جيشه وحكمة وشجاعة قائده السيد الرئيس بشار الأسد على صنع النصر النهائي حفاظاً على سيادة سورية وقوتها وعزة وكرامة الاستقلال.
وفي بيان مماثل لـ«الوطن» شددت رئاسة هيئة أركان جيش التحرير الفلسطيني بهذه المناسبة على رفض كل أشكال الهيمنة والضغوط التي تستخدم الإرهاب والحصار الاقتصادي والقرصنة والإرهاب الدولي المنظم في المياه الدولية وما يرافقها من إرهاب سياسي، مشيرة إلى أن الشعب السوري الأبي صارع أعتى أنواع الحروب بفضل حكمة وشجاعة الرئيس بشار الأسد وتضحيات وبسالة الجيش العربي السوري المقاوم.
وفي بيانات مماثلة نقلتها «سانا» أكدت «حركة الاشتراكيين العرب» أن الجلاء «يأتي في وقت تواجه فيه سورية قوى الإرهاب وتخوض معركة صمود وتحد ودفاع عن البلد» على حين أكد «حزب الاتحاد العربي الديمقراطي» أن «ما نقوم به اليوم من الدفاع عن الوطن واقتلاع الإرهاب من جذوره هو استمرار لمعاني وقيم الجلاء».
ولفت «حزب العهد الوطني» في بيان له إلى أن سورية لا تزال تخوض حربها على الإرهاب، على حين أكدت «الهيئة الشعبية لتحرير الجولان» استمرار النضال لاستكمال مسيرة التحرير والعودة إلى جولاننا الحبيب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن