ثقافة وفن

روح وريحان نيسان..

| سمية بلطة

تتتالى أزهار نيسان في تفتحها، ليعبق برائحتها الكون، وتملأ الفضاء أملا بربيع الحياة، كتتالي أيام عمرنا التي نطويها، لنخبئها في سجل الأيام، فتهيم أرواحنا تأملا بغد مشرق كإشراقة نيسان، نعم نيسان، إنه شهر الأمل والعطاء، شهر الأعياد المجيدة، شهر المحبة والتسامح، شهر القداسة والطهارة من رجس المعتدين، شهر سطعت فيه شمس جلاء عتمة المستعمر، لتعلن الحرية والاستقلال، وتنسج من خيوط التضحيات والبطولات رداء المجد والإباء، فتكسو به قمم الجبال، لتحكي للسهول والوديان حكايات الفخر والاعتزاز، حكايات الجلاء الذي وضع حجر الأساس للوحدة الوطنية.
في نيسان تتفتح زهور البيلسان، كتفتح الآمال بالنصر الكبير، نيسان يفترش الأرض بشقائق النعمان، كافتراش بواسلنا ساحات الوطن ليسطروا في كل يوم ملاحم الصمود والفداء، نيسان يزهو ويتباهى بمنتوره ودحنونه على كل الشهور، كزهو واختيال قاسيون بجباه أبطالنا الصناديد، على جبال العالم أجمع، في نيسان ينعقد اللوز والتفاح كما انعقاد دماء شهدائنا مع أديم الأرض، لتتبرعم وتثمر مجداً ورفعة، نيسان خلف وراءه تجهم برد التشرينين وعواصف الكانونين، كما خلف نسورنا البواسل وراءهم هزيمة الإرهابيين، بانتصارهم على أعاصير المعتدين الحاقدين، فقد ودع فرساننا منذ ثلاثة وسبعين عاما طقوس الذل والهوان. يوم كان جلاء آخر جندي فرنسي عن أرضنا الحبيبة، لننشر حكايات الصمود والفداء والبطولة كما ينثر نيسان أزهاره في كل مكان، وفي نيساننا هذا نستذكر استبسال أفراد جيشنا الذين عزفوا على أوتار الصمود والثبات لحن الحرية والكرامة في الغوطة الشرقية التي تنبض اليوم بالحياة، عادت لألقها من جديد بعدما طهرها بواسلنا من رجس الإرهابيين، فأذابوا ويذيبون منذ عقود وإلى اليوم مدن أحلام المعتدين والطامعين الجليدية، بحرارة عشقهم لأرض تستحق التضحية، إذاً نيسان محطة للأيام والشهور تحط رحالها فيه لتستريح من عناء ليل الشتاء الطويل، كما تحط بطولات جيشنا رحالها في محطة النضال والكفاح لتحيي ذاكرة حافلة بالأمجاد لوطن سينحني له كل العالم احتراماً وتقديراً لعظمة صموده وقداسته.
فيا أبناء جيشنا الأبي مع إيماني وقناعتي أنه لا يوجد في الكون ما يوازي عظمتكم لكن حاولت المقاربة بين نيسان بدفئه وجماله وعظمته وروعته وشموخه وبينكم. وشبهته بكم لأنه الشهر الذي يتجدد الربيع فيه، كتجدد الجلاء مع كل انتصار تحققونه، ومع كل شهيد يرتقي للسماء، دفاعا عن ثرى الوطن وإعلاء شأنه، لتزهر دروب الخير والسلام، ويعود الأمن والاستقرار إلى ربوع سوريتنا الحبيبة. ويا جيشنا العظيم فليعلم الكون بأسره، إن كان نيسان هو الشهر الذي تربع بتفاصيل ربيعه وعطائه على عرش الشهور، فأنت الجيش الذي تربع بثباته وتضحياته وعقيدته على عرش الجيوش، وإن كان نيسان يفوح منه أريج الزهور وشذاها، فأنت أكسيره الذي يصنع هذا الأريج، وأكسير حياة هذا الشعب الصامد، وإن كان هو شهر الروح والريحان فأنت روحه وريحانه..

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن