ثقافة وفن

قريباً مسابقة لاختيار أعضاء هيئة تدريسية لسد النقص الحاصل في بعض الاختصاصات … رئيس جامعة دمشق لـ«الوطن»: مسابقاتنا نزيهة والسكن الجامعي تضاعف ثلاث مرات ولدينا مشاريع طموحة

رجاء يونس :

كان لجامعة دمشق النصيب الأكبر في تحمل الأعباء العلمية والتدريسية خلال السنوات الأربع الماضية نتيجة ظروف الأزمة، ورغم عدد طلابها الكبير الذي تجاوز 160 ألف طالب في التعليم النظامي استقبلت المئات من طلاب الجامعات الأخرى، ما أدى إلى تزايد هائل في عدد طلابها لتتحول إلى مركز امتحاني كبير على مستوى سورية في فترة الامتحانات الجامعية، ورغم ذلك امتلكت العديد من الأفكار والرؤى الخاصة بها لتطوير العملية التعليمية والبحث العلمي.
كيف تستعد لاستقبال عامها الدراسي الجديد الذي يبدأ اليوم 13/9/2015؟ ما جديدها وما أبرز التحديات التي تواجهها وما رؤيتها لتطوير خطط الدراسات العليا فيها وما المعايير المعتمدة في اختيار قياداتها العلمية والإدارية الجديدة؟

رئيس جامعة دمشق الدكتور محمد حسان الكردي في حوار لـ«الوطن» أكد أن اهتمام جامعة دمشق ينصب على تأمين جميع مستلزمات العملية التعليمية في الكليات والمعاهد من قاعات تدريسية ومخابر وكتب دراسية، مشيراً إلى أن أنه خلال العام الدراسي الحالي 2015- 2016 سيتم استيعاب عدد كبير من الطلاب وسيكون لجامعة دمشق النصيب الأكبر من الطاقة الاستيعابية وخاصة لجهة استقبالها أعداداً كبيرة من الطلاب الوافدين من جامعتي حلب والفرات.
واعتبر الكردي أن تعيين قيادات علمية وإدارية جديدة في الجامعة مع بداية العام الدراسي الجديد سيسهم بضخ دماء جديدة في الجامعة والاستفادة من أفكارهم ورؤاهم لتطوير العملية التعليمية والبحثية، مؤكداً أن عملية اختيار هذه القيادات بنيت على أساس الكفاءة والنزاهة بعيداً عن أي اعتبارات أخرى.
وحول الشكوك في نزاهة مسابقتي القبول في كليتي الهندسة المعمارية والفنون الجميلة نفى الكردي إمكانية حدوث أي تلاعب في النتائج، موضحاً أن الأوراق الامتحانية للمسابقتين يتم نقلها إلى رئاسة الجامعة ويجري تحكيمها من قبل لجنة مؤلفة من عدد من الأساتذة المختصين ويتم فتح الأوراق أمام كاميرا الإعلام والصحافة المحلية، كما لفت إلى أن مراكز المفاضلة العامة والتسجيل المباشر للفرع الأدبي تشهد إقبالا كبيراً من قبل الطلاب حيث تجاوز عدد المتقدمين خلال الأسبوع الأول من التسجيل 20 ألف طالب وطالبة.

السكن الجامعي.. هموم وشجون
وحول أزمة السكن الجامعي كشف عن وجود تحديات كبيرة تواجهها المدينة الجامعية بسبب التزايد الكبير في أعداد الطلاب خلال السنوات الأربع الماضية نتيجة ظروف الحرب ما أدى إلى تضاعف العدد نحو ثلاث مرات عما كانت عليه قبل الأزمة حيث وصل إلى 27 ألف طالب وطالبة خلال العام الماضي، علماً أن القدرة الفعلية للاستيعاب تقدر بـ13 ألف طالب وطالبة فقط، مشيراً إلى أن الجامعة بادرت بالتعاون مع الاتحاد الوطني لطلبة سورية لوضع أسس وآليات جديدة للقبول بالسكن الجامعي وتجديد مرافق المدينة الجامعية وضبط حركة الدخول إليها بهدف تفادي المشكلات التي حدثت العامين الماضيين جراء الزيادة الكبيرة بعدد القاطنين فيها، حيث صدرت مؤخراً التعليمات الجديدة الخاصة بالسكن لطلاب جامعة دمشق والجامعات الأخرى والمعايير العامة والخاصة لتحديد أولويات للسكن.
وعن الآلية التي تتبعها الجامعة لسد النقص الحاصل في أعضاء الهيئة التدريسية فيها نتيجة تسرب البعض، أكد رئيس الجامعة أن هذا النقص موجود في بعض التخصصات وليس في كل الكليات، كاشفاً عن أن الجامعة بصدد إجراء مسابقة لاختيار أعضاء هيئة تعليمية تستقطب من خلالها الكفاءات العلمية الموجودة في الوزارات ومؤسسات الدولة للاستفادة من خبراتهم العلمية والتدريبية.

الارتقاء بأداء الدراسات العليا
وبالانتقال إلى الدراسات العليا وخطط التوسع بها وما أثير حولها من انتقاد ومن ثم التراجع عن بعض الشروط الخاصة بها، أكد الكردي أن التوسع في إحداث برامج الدراسات العليا الأكاديمية (الماجستير والدكتوراه) ليس أولوية لدى الجامعة في الوقت الحالي وإنما الهدف يتجه نحو رفع مستوى البرامج الموجودة وإعادة تقييمها من أجل الارتقاء بأدائها وأن تكون مواضيعها جديدة تلامس هموم وشجون المجتمع وتلبي متطلباته للاستفادة منها على ارض الواقع لكي لا توضع على الرفوف من أجل فانتازيا البحث العلمي فقط، معتبراً أن الأزمة تحتم على المؤسسات الأكاديمية والبحثية في الوقت الحاضر تسخير البحث العلمي نحو قضايا ملحة ذات أولوية في المجتمع ولهذا فإن جامعة دمشق تشجع باحثيها وتوجههم نحو الأبحاث الاجتماعية التي تدرس العلاقات الاجتماعية بين الأفراد في المجتمع نتيجة الشوائب التي أصابت المجتمع، وكذلك التركيز على الأبحاث الاقتصادية وما يخص إجراء دراسات اقتصادية للوقوف على المشاكل التي تواجه الصناعة السورية والمعامل والشركات للمساهمة في إيجاد الحلول المناسبة لها ويسهم في دعم الصناعة السورية.
كما أوضح أن إحداث برامج جديدة على مستوى الدراسات العليا يتطلب توفير البنية التحتية ومستلزمات البحث العلمي وتأمين العدد المناسب من أعضاء الهيئة التدريسية، مشيراً إلى أن مجموع عدد الطلاب الحاصلين على الدراسات العليا في الجامعة خلال عام 2015 بلغ /145/ طالبا في الماجستير الأكاديمي و/46/ دكتوراه و/33/ ماجستير تأهيل وتخصص مقابل /425/ طالب ماجستير أكاديمي و/110/ دكتوراه و/46/ طالب تأهيل وتخصص عام 2013 وأما في عام 2014 فقد وصل عدد أطروحات الدكتوراه /123/ والماجستير/ 380/ والتأهيل والتخصص /49/ مرجعا أسباب انخفاض عدد طلاب الدراسات العليا إلى ظروف الأزمة وجانب الإشراف العلمي على طلاب الدراسات العليا بسبب النقص الحاصل في أعضاء الهيئة التدريسية في بعض الكليات والنقص في مستلزمات وأدوات البحث العلمي في الكليات العلمية نتيجة الحصار المفروض على سورية.
كما اعتبر أن الظروف الحالية فرضت نفسها على موضوع الدراسات العليا حيث انصب اهتمام الجامعة في السنوات الأخيرة على افتتاح المزيد من برامج وماجستيرات التأهيل والتخصص والتوسع في اختصاصاتها بحسب حاجة سوق العمل التي يتم التواصل معها باستمرار للاطلاع على متطلباتها، حيث تجاوز عدد هذه البرامج 30 ماجستير تأهيل وتخصص توزعت على الكليات العلمية والنظرية، لافتاً إلى أن معظم هذه الماجستيرات أحدثت بناء على رغبة وحاجة عدد من الوزارات ومؤسسات القطاع العام والخاص من خلال إبرام اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع الجهات الطالبة لرفدها بالكوادر المدربة أو لتدريب وتأهيل بعض كوادرها في بعض المسائل الملحة.
كما رأى أن تزايد أعداد الخريجين وخاصة في الكليات العلمية والطبية يجعل من الاستحالة قبول عدد كبير من الخريجين في الماجستيرات الأكاديمية ولكن هذا الأمر يمكن تعويضه بماجستيرات التأهيل والتخصص، ومثال ذلك ما حدث في كلية طب الأسنان حيث تجاوز عدد خريجيها العام الماضي 400 طالب فكان توجه الجامعة نحو إحداث ماجستير في تجميل الأسنان والفكين، الأمر الذي فتح المجال لعدد لا بأس به من الخريجين للالتحاق بهذا الماجستير الهام لتلبية حاجة السوق من هذا الاختصاص نتيجة تزايد حالات التشوه في ظل ظروف الحرب كما أن الجامعة تحضر لإحداث ماجستيرات تأهيل وتخصص في مجال الصناعة الدوائية في كلية الصيدلة لدعم الصناعة الدوائية الوطنية.

توظيف إبداعات الطلاب
ولفت الكردي إلى أن الجامعة تعمل بشكل حثيث لوضع برامج أكاديمية جديدة تتصل بمستويات متقدمة من خلال اعتماد المعايير الوطنية والدولية لجودة التعليم ووضع خطط درسية متكاملة في الكليات بما يتناسب مع توجهات مجلس التعليم العالي ويتلاءم مع التطورات العالمية لتلبية احتياجات المجتمع المحلي والإقليمي والدولي مشيراً إلى أن الأنظار تتجه الآن نحو الخطة الدرسية للسنة التحضيرية للكليات الطبية التي اعتمدت هذا العام حيث ستقوم الجامعة بوضع جميع المحاضرات التعريفية الخاصة بها على موقعها الالكتروني.
وأضاف الكردي إن توفير بيئة جامعية خلاقة مبنية على الإبداع والتفاعل هاجس كبير لدى الجامعة ومن أجل بلوغ هذا الهدف قامت بتوجيه مشاريع التخرج والأبحاث العلمية في مختلف الكليات وخاصة كليات الهندسة والاقتصاد والتربية نحو قضايا تهم مرحلة إعادة الإعمار بما يسهم في توظيف إبداعاتهم نحو هذا الهدف الذي تعده الجامعة الهدف الأسمى لها في الوقت الحالي وصولا لتخريج وخلق أجيال واعية ومدركة للتحديات التي تواجه بلدهم.
وبالحديث عن الطلاب وماهية المساعدة التي تقدمها الجامعة لهم للحصول على فرص عمل بعد تخرجهم لفت الكردي إلى أن شعار الجامعة ربط النظري بالتطبيق العملي، وفي هذا الإطار قطعت الجامعة شوطا لا بأس به بما يتعلق بربط مخرجاتها بسوق العمل وذلك من خلال تضمين المناهج الدراسية جانبا من التدريب العملي إيماناً منها بأن تلقي الطلبة لجوانب تطبيقية قبل استكمال متطلبات التخرج يسهل عليهم الانخراط في سوق العمل ويسهم في اكتسابهم الخبرات الكافية للحصول على فرص عمل مناسبة، علما أن الجامعة لديها مراكز تهتم بالإرشاد الوظيفي مثل مركز التوجيه المهني وعيادات العمل اللذين يقيمان دورات وبرامج تدريبية مستمرة للطلاب والخريجين تتعلق بموضوعات مختلفة وفق حاجة سوق العمل والتواصل مع أرباب العمل في حال وجود شواغر لديهم لتوظيف حاجتهم من الطلبة.
وبما يتعلق بمصير الإيفاد أكد أن الإيفاد الداخلي تقوم الجامعة بتطويره وتأمين مستلزماته وأما الخارجي ونتيجة الحصار بات مقتصراً على بلدان مثل روسيا وإيران والصين والهند كما تم تأمين عدد من المنح من روسيا وإيران لتأهيل المعيدين بجامعة دمشق.

المعاهد التقانية وتقييم كفاءتها
وبما يخص الدعم المقدم للمعاهد التقانية أكد الكردي أن المعاهد التقانية تلقى كل الاهتمام من أعلى المستويات في الدولة حيث أقيمت مؤخراً ورشة عمل بجامعة دمشق برعاية رئيس مجلس الوزراء لتطوير واقع المعاهد بالجامعة البالغ عددها 124 معهداً تقانياً وتقييم كفاءاتها العلمية والإدارية، وتعمل الجامعة حالياً على إعادة صياغة المناهج والخطط الدرسية ومفردات المقررات في جميع المعاهد وفق المنهجية العلمية بهدف تعريف سوق العمل بمخرجاتها ودراسة انعكاسات واقع السوق على اختصاصات المعاهد واحتياجات سوق العمل بما يعزز ثقافة التعليم التقاني والمهني في المجتمع.
وحول واقع برامج التعليم المفتوح بالجامعة أشار الكردي إلى أن التعليم المفتوح بشكل عام يواجه تحديات كبيرة على مستوى الجامعات السورية وهو بحاجة إلى إعادة النظر في أهدافه واعتماد آليات وإجراءات جديدة لتطويره، لافتاً إلى أن التحضير جار في وزارة التعليم العالي لتنظيم ورشة عمل على مستوى الجامعات السورية لمناقشة واقع تجريه التعليم المفتوح على الشريحة المستهدفة وطريقة القبول والتركيز على تحديد نوعية المدخلات واعتماد طرائق علمية بما يتوافق مع مضمون الاختصاصات والبرامج.
وعن خطوات الجامعة لتحسين الخدمات المقدمة للعاملين فيها أوضح أن لدى الجامعة مشاريع طموحة لتسهيل الخدمات المقدمة لعامليها حيث تم الانتهاء من مشروع توسع في طبابة الجامعة من أجل إحداث مركز طبي متكامل يخدم العاملين في الجامعة بعيادات تشمل جميع الاختصاصات بالتعاون مع نقابة المعلمين كما جرى توسيع صيدلة النقابة بدعم مالي من الجامعة.

765 حالة مخالفة امتحانية
وبما يخص العقوبات الامتحانية قال الكردي إن الجامعة تصدر في كل عام دليلاً إرشادياً وتوجيهياً للطلاب يتضمن التعليمات الامتحانية والعقوبات المستحقة في حال وقوع المخالفة يتم تعميمه على كل الكليات ووضعه في لوحة الإعلانات والقاعات الامتحانية، مشيراً إلى أن التشدد بالعقوبة ليس الغاية وإنما الهدف إشعار الطالب أن مخالفته تستلزم العقوبة الشديدة كاشفا عن تزايد في حالات الغش، وسجل الفصل الدراسي الثاني من العام الحالي نحو 680 مخالفة في التعليم النظامي و75 مخالفة في التعليم المفتوح.
ورداً على سؤال عن إمكانية إحداث رابطة لخريجي جامعة دمشق أسوة بباقي الجامعات أو مكتب يهتم بشؤون الخريجين لمتابعتهم والتواصل معهم بعد التخرج رأى الكردي أنه في ظل الأعداد الكبيرة لطلاب الجامعة يصعب إنشاء رابطة تضم خريجيها كافة وقد استعيض عنها بمجموعة من الروابط وفق التخصصات مثل رابطة الجراحين والحقوقيين والكيمائيين والصيادلة، مشيراً إلى أن اعتماد الخاتم الذكي أو اللصاقة الأمنية على مصدقات التخرج والتي ستمهر بها المصدقات الحديثة يتيح للجامعة مستقبلاً إنشاء قاعدة بيانات لطلابها وخريجيها من خلال أتمتة البيانات والمعلومات الخاصة بالطالب منذ تسجيله في الكلية أو المعهد والتغييرات التي تطرأ على وضعه خلال سنوات دراسته الجامعية.
وأكد الكردي أن الجامعة تعمل على تعزيز مكانتها في المجتمع من خلال إقامة العديد من الفعاليات والأنشطة والبرامج الاجتماعية التطوعية بالتعاون مع الاتحاد الوطني لطلبة سورية وبعض الفعاليات من المجتمع الأهلي حيث جرى تشكيل مجموعات وفرق من الطلاب بمختلف اختصاصات دراستهم واهتماماتهم بشكل تطوعي بهدف نشر الفكر التوعوي حول مختلف القضايا الحساسة وخاصة البيئة والصحة لتسهم هذه المشاركات في صقل شخصيتهم وإثراء الحياة الجامعية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن