قضايا وآراء

بعد السيطرة على باب المندب أصبح الكونغرس «إنسانياً»

| دينا دخل الله

بعد دخول حرب التحالف العربي على اليمن عامها الخامس قام الكونغرس الأميركي، قبل أيام، بإصدار قرار يدعو إلى إيقاف الدعم الأميركي للتحالف العربي. لم تكن هذه المحاولة الأولى التي يقوم بها الكونغرس لإنهاء الدعم الأميركي لهذه الحرب. إذ قام مجلس الشيوخ بالتصويت على مشروع القرار في كانون الأول الماضي إلا أن مجلس النواب الذي كان ذا أغلبية جمهورية في ذلك الوقت صوت ضد القرار.
استطاع الكونغرس في هذه المرة، أي في بداية الشهر الحالي، إصدار القرار عملاً بقانون «صلاحيات الحرب لعام 1973، War Powers Act1973»، ما دفع الرئيس الأميركي المثير للجدل، دونالد ترامب، إلى استخدام حق الفيتو المعطل ضد مشروع القرار، معتبراً أن القرار هو محاولة خطرة لإضعاف سلطته الدستورية وتدخل في شؤون الرئاسة. كما أن القرار، في رأي ترامب، يعرض أرواح أكثر من 80 ألف أميركي يعيشون في دول التحالف للخطر الآن وفي المستقبل.
من جهة أخرى اعتبر أعضاء في الكونغرس أنه من الضروري إنهاء الدعم الأميركي للحرب وكبح جماح ترامب في دعمه لولي العهد السعودي محمد بن سلمان من دون الأخذ بعين الاعتبار سمعة الولايات المتحدة ومصالحها. إذ قال السناتور الديمقراطي كريس مورفي: إن حركة أنصار اللـه اليمنية سيكون لها دور مهم في مستقبل حكم البلاد.
من الناحية الدستورية إعلان الحرب هو حق مشترك بين السلطتين التشريعية (الكونغرس) والتنفيذية (البيت الأبيض). فالرئيس هو من يوجه القوات المسلحة بشكل مباشر باعتباره القائد العام، على حين الكونغرس يحتفظ بحق إعلان الحرب ومساعدة الجيوش، ما يعني أن موافقة الكونغرس هي الأساس في مشاركة الجيش الأميركي في عمليات عسكرية خارج البلاد.
لكن عبر التاريخ السياسي الأميركي قام رؤساء كثر بتخطي الكونغرس والدخول في حروب، كالرئيس الأميركي السابق هاري ترومان في حرب كوريا، وكينيدي وجونسون في حرب فيتنام. ما دفع المشرع الأميركي في عهد الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون إلى إصدار قانون صلاحيات الحرب لعام 1973»، الذي بموجبه على الرئيس إنهاء أي عمليات عسكرية في الخارج بعد 60 يوماً إلا إذا أصدر الكونغرس إعلاناً بالحرب أو وافق على استمرار العمليات العسكرية.
على الرغم من ذلك يحق للرئيس استخدام حق النقض الفيتو ضد أي قرار صادر من الكونغرس ولا يحق للثاني أبطال فيتو الأول إلا في حال موافقة ثلثي المجلسين.
يرجع هذا التداخل بين سلطات الكونغرس والبيت الأبيض إلى إيمان الآباء المؤسسين في الولايات المتحدة، واضعي الدستور، بضرورة وجود قيود لصلاحيات كل من سلطات الحكم (السلطة التشريعية – السلطة التنفيذية – السلطة القضائية) وتقسيم الصلاحيات لضمان عدم أخذ القوة من شخص أو طرف.
قد يرى مراقبون أن ما حصل هو خلاف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية حول الحرب على اليمن وعلاقة الإدارة الأميركية مع السعودية. على حين يقول آخرون إنه تحدٍ لسياسة الرئيس بشكل عام ويندرج ضمن إطار صراع السلطات.
لعل المهم في الموضوع هو أن واشنطن قد حصلت على ما تريد من حرب التحالف العربي على اليمن والتي دعمتها منذ البداية، فمضيق باب المندب عاد إلى أميركا بعد سيطرة حكومة عبد ربه منصور هادي على عدن، أي إن واشنطن ضمنت السيطرة التامة على البحر الأحمر من مضيق باب المندب في الجنوب إلى قناة السويس في الشمال وهذا الطريق يستخدمه أكثر من نصف السفن التجارية في العالم بين آسيا وأوروبا، فما دامت أميركا قد سيطرت على باب المندب فلماذا لا يظهر الكونغرس وجهه الإنساني ضد الحرب؟!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن