رياضة

استنساخ الطفرات!

| مالك حمود

ثمة قاعدة أساسية في عالم الإبداع تقول إن المبدعين لهم طباعهم الخاصة، وسماتهم الخاصة أيضاً، وليس من مشكلة في ذلك ما دامت تلك الطباع لا تؤثر على تميزهم وإبداعاتهم، بل ربما لو لم تكن لديهم تلك الخصوصية لما تميزوا وأبدعوا.
يقودني إلى هذا الكلام لقائي المطول مع بطل سورية الذهبي بالوثب العالي مجد غزال بعد فوزه الأخير بذهبية آسيا.
مجد يعيش في عالمه الخاص المتخم بالطموحات والأحلام، والبعيد عن الصخب الإعلامي البراق وحياة النجومية وما فيها من تفاصيل اجتماعية ومجتمعية واسعة.
مجد ذلك الإنسان الطامح والمثابر والدؤوب الذي يتمرن وحده في الملاعب وبعيداً عن أنظار المعجبين والمحبين والمحفزين، وحتى في مشاركاته الخارجية يجد نفسه بعيداً عن أهله وناسه، على اعتبار أن كل مشاركاته في الخارج، لتراه يطلب الدعم من الجمهور الغريب المتواجد في الملعب، ورغم ذلك يصنع من نفسه بطلاً ويصنع من الصبر والعزيمة بطولة.
مجد حالة بطل وبطولة، وحكاية إصرار ورجولة، ولكن ماذا بعد مجد؟!
وهل تبقى ألعاب القوى السورية قائمة على لاعب واحد؟!
بالالتفات إلى حكاية تفوق دول المغرب العربي بألعاب القوى سواء كانت المغرب أو الجزائر أو تونس نرى أن اعتمادها لا يكون على بطل واحد أو بطلة واحدة، بل على كوكبة من الأبطال والبطلات على المضمار مع اختلاف التخصص في المسابقات، وبالطبع ليس الجميع في المسافات الطويلة التي تمتاز بها دول المغرب العربي.
نجاح دول المغرب العربي بألعاب القوى نابع من القاعدة الفنية القوية لهذه اللعبة وما تتمتع به من جماهيرية كبيرة، إضافة لانفتاحها على أوروبا من خلال المعسكرات والمشاركات الدولية الواسعة، وهذا ما يتحقق للاعبنا مجد غزال الذي يقضي معظم أيام العام في المعسكرات سواء الداخلية أم الخارجية وما يتخللها من مشاركات في البطولات الدولية سواء كانت بالدوري الماسي وجولاته الست، أم في بقية البطولات الإقليمية والقارية والأولمبية والعالمية، ولكن أين البطل الثاني؟
وهل تنتظر قوانا ظهور بطل فذ في كل ربع قرن؟! أم أن ظهور غادة شعاع ومجد غزال مجرد طفرات لا أكثر؟!
أم الألعاب السورية تبدو سعيدة بإنجازات لكنها بحاجة للبحث عن البدائل لاسيما مع انتهاء الأزمة وتحسن الظروف في المحافظات، كي لا يبقى الكلام عند الطفرات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن