سورية

شدد على أن من يراهن على اجتثاثهم «واهم» … زكي: تركيا و«إسرائيل» المستفيدتان من إفراغ سورية والمشرق من المسيحيين

| الوطن

أكد الكاتب والباحث ورئيس مجلس الأعمال السوري الأرميني ليون زكي، أن المستفيد من إفراغ سورية والمشرق العربي من المسيحيين وتهجير ما تبقى منهم هما النظام التركي والاحتلال الإسرائيلي، وشدد على أن كل من يراهن على اقتلاع المسيحيين من المشرق «واهم».
وخلال ندوة بعنوان «المسيحية المشرقية في تعدد حضورها ووجوهها»، أقامتها «مركزية مسيحيي المشرق» في مبنى بلدية الجديدة- البوشرية- السد في بيروت، وبحضور راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس مطر ونائب رئيس مجلس النواب اللبناني إيلي فرزلي، ألقى زكي كلمة قال فيها: إن المستفيد من إفراغ سورية والمشرق العربي من المسيحيين وتهجير ما تبقى منهم ومحو تاريخهم دولتان رئيسيتان في المنطقة هما تركيا الحاضنة الرئيسة للعمل المسلح في سورية، وغايتها القضاء على العيش المشترك وتدمير سورية لتحضير أرضية مناسبة للعثمانيين الجدد، بالإضافة إلى «إسرائيل» التي تؤمن بأن فكرة الدولة اليهودية العنصرية تنجح فقط عندما تصبح المنطقة بلا مسيحيين، عدا دول أخرى إقليمية ودولية ذات أهداف وأجندات مختلفة.
وأضاف: «لا بد من التوقف طويلاً أمام المشهد السوري على اعتبار أن سورية أكبر بلاد الشام وموطن أقدم الحضارات، حيث دمشق أقدم عاصمة مأهولة بالعالم وحلب أقدم مدينة مأهولة بالعالم، فها هي كنائسهم تحرق، تدنس رموزهم، يخطفون، يذبحون، وهم في نظر التكفيريين كافرون، مهدورة أملاكهم وأموالهم ودمائهم».
وشدد زكي على أن دماء المسيحيين «ليست أغلى من دماء المسلمين، وكنائسهم ليست أغلى من مساجد المسلمين، لكن لدى المسيحيين شعور بأنهم الحلقة الأضعف في المجتمع السوري، فهم أقلية غير مسلحة وغير قادرة على القيام بدور الحماية الذاتية(…)، وأصبح لدى المسيحيين رعب وخوف من المصير الذي ينتابهم وينتظرهم ولاسيما بعد أن فرضت الجماعات الدينية المتطرفة أنماطاً حياتية لا تناسبهم».
وأضاف: «ولا أعلم بأي دين يبشرون، وهم حتماً يعملون ضد إرادة الخالق الذي قال في قرآنه الكريم: وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا… لا لتتقاتل وتتصارع».
وأكد زكي أن الإسلام الوسطي المعتدل «هو الضمانة الحقيقية لإنقاذ المسيحيين، وتطرق إلى دور مسيحيي المشرق في تطوير الحضارة العربية، مبيناً أن النخبة من المسلمين تدرك في قرارة نفسها أن المسيحيين ساهموا بفعالية في تأسيس الحضارة العربية قبل الإسلام وفي الإسلام، وهم رواد للقومية العربية، لذلك عليهم عدم اختيار الهوية الإسلامية على حساب الهوية الإنسانية لأن وجود المسيحيين في الشرق خيار إسلامي من أجل الظهور على الساحة الدولية بمظهر الأمة الحضارية التي تحترم حقوق الإنسان والأقليات.
وتساءل زكي: أين هي مواقف أصحاب الضمير الحي للحد من موجة القلق المسيحي، وإلى متى ستبقى حقوق المسيحيين في الشرق مهدورة ومستباحة؟، وتابع: «إننا جميعاً نستنكر المبدأ الذي يقوم عليه الفكر التكفيري الإرهابي وهو: من دخل في دعوتنا فله ما لنا وعليه ما علينا؟
وذكر زكي خلال الندوة بضرورة الجهر بالحقيقة وإدانة الجرائم المرتكبة وتسمية الأشياء بأسمائها كـ «أضعف الإيمان»، وذلك «عبر التشهير بالمجرمين وفكرهم الإقصائي الزائف والتكفيري الذي يشرّع الانتحار».
واعتبر أن على المسلمين أن يتمردوا قبل أن يفقدوا إنسانيتهم شيئاً فشيئاً، وعلى المرجعيات الدينية المسلمة قبل المسيحية أن تتخذ موقفاً مشتركاً وقوياً من اضطهاد وتهديد المسيحيين فثمة من يريد تدمير العلاقة التاريخية الإسلامية المسيحية في المشرق العربي عموماً وفي سورية خصوصاً، فالاستهداف ليس للمسيحيين فقط بل للإسلام المعتدل أيضاً، أي أن الأزمة ليست خاصة بالمسيحيين، أنها أزمة الحضارة، وهي أزمة المسلمين فكراً وسلوكاً».
وشدد زكي على أنه من المهم راهنا المسارعة للحفاظ على مسيحيي المشرق كي يتشبثوا بأرض أجدادهم، مبيناً وجوب اتخاذ ثلاثة قرارات مهمة حيال ذلك، أولها الانتقال من موقف الدفاع إلى موقف الهجوم الفكري والثقافي والسياسي والقانوني، بما أن الكنيسة لا تدافع (كما يجب) عن المسيحيين، بدعوى ابتعادها عن التدخل في السياسة، ويستدعي ذلك تعرية السلفية الجهادية والتكفيرية الإرهابية كحركات رجعية.
ودعا للإسراع بإطلاق حملة عربية وإسلامية ودولية لتجريم هذا الفكر دولياً مثل الفكر النازي والفاشي، وتجفيف منابع الإرهاب والتكفير مالياً وأمنياً وعسكرياً وثقافياً وتربوياً في أوسع تحالف نهضوي حضاري عالمي.
أما القرار الثاني برأي زكي فهو الاستفادة من المغتربين في مخاطبة العقل الغربي، وذلك بتشكيل لوبي مسيحي مشرقي يدافع عن المسيحيين.
واعتبر أن القرار الثالث هو توحيد القوى للقيام بثورة إصلاحية لفصل المؤسستين الدينية والدنيوية (المدنية) مثل ما حدث في أوروبا.

وخلص زكي، في كلمته إلى أنه «وعلى الرغم من نهب وتدمير الممتلكات وتدنيس الكنائس وخطف المطارنة وخيرة الشباب، وعلى الرغم من عشرات آلاف المهجرين خارجياً وداخلياً وممارسة الوعيد والتهديد والابتزاز والاغتصاب والذبح، لكن من المستحيل أن يدمروا الإنسان، وسيظل المسلمون والمسيحيون جنباً إلى جنب كالعروة الوثقى لا انفصام فيها، فليس بمقدورنا حتى مجرد التفكير بأن يصبح المشرق خالياً من المسيحيين، وكل من يراهن على اقتلاعهم من المشرق فهو واهم».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن