قضايا وآراء

قواعد اللعبة الأميركية في الحرب على اليمن والثمن السعودي فيها

تحسين الحلبي :

في نيسان وأيار من هذا العام نشرت أهم وسائل الإعلام الأميركية: مثل «واشنطن بوست ونيويورك تايمز ويو إس نيوز ونيوز ويك» تحليلات للإجابة عن سؤال: «هل ستتمكن السعودية من الانتصار على اليمنيين؟ وكانت الاستنتاجات تؤكد أنها لن تستطيع الانتصار وهذا يعني أنها لن تحقق أهداف هذه الحرب التي لا ناقة للسعودية فيها ولا جمل.
فلا يعقل أن تكون واشنطن صاحبة أكبر المصالح الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط والأشد تحسساً لأي خطر داهم عليها هي التي توقع مع طهران على اتفاقية بمشاركة خمس دول كبرى وترفع العقوبات عنها ثم نرى أن السعودية تشن حرباً على اليمن بحجة توجيه ضربة للنفوذ الإيراني في اليمن؟! ومن الواضح أن مجرى أحداث هذه الحرب منذ آذار الماضي حتى الآن تدل على أن إدارة أوباما هي التي دفعت السعودية لشن حرب شاملة على اليمن وهما الدولتان الأكثر تعداداً للسكان في شبه الجزيرة العربية لكي تحقق عدداً من الأهداف التالية:
أولاً: إعادة تفتيت الدولتين اللتين كانتا حليفتين لها أثناء (حكم علي عبد الله صالح) وكذلك أثناء حكم (هادي عبد ربه) فقد وضعت المخابرات المركزية الأميركية دراسات حول ضرورة تفتيت السعودية إلى دويلات للطوائف والقبائل في هذه المرحلة لأسباب إستراتيجية تخص مستقبل المنطقة ولأسباب اقتصادية يتوافر من خلالها تصدير النفط الأميركي الصخري بشكل ينافس التصدير السعودي بعد تقسيم البلاد.
ثانياً: تقدر وزارة الدفاع الأميركية أن حرب السعودية على اليمن من المتوقع لها أن تطول وتستنزف بالتالي جزءاً كبيراً من الأسلحة والذخائر الأميركية التي تستخدمها السعودية وهذا ما سوف يوفر أرباحاً لصناعة الأسلحة الأميركية بعشرات المليارات من الدولارات سنوياً إضافة إلى فوائد تكثيف وجود الخبراء الأميركيين في السعودية.
ولهذا السبب فرضت واشنطن في مجلس الأمن قراراً تدرك أن أنصار الله وجيش علي عبد الله صالح لن يوافقوا عليه لأنه يطالبهم بالاستسلام دون قيد أو شرط.
وهذا ما سوف يوفر استمرار الحرب بين تصعيد ومناوارت تطول لسنوات كثيرة.
ثالثاً: يبدو أن واشنطن وضعت في توقعاتها إمكانية أن تزج موسكو نفسها في هذه الحرب فتقوم بتقديم دعم عسكري لأنصار الله وجيش صالح بمجرد أن تبدأ الغارات السعودية على اليمن ولكن روسيا أبدت حذراً وانتهجت سياسة تدعو إلى الحل السلمي من دون أن تتدخل إلا فيما يخص هذا الحل. لكن تحقيق هذه الأهداف الأميركية ما زال يصطدم بقدرة صمود منقطعة النظير للشعب اليمني رغم الفرق الهائل بين قدرة السعودية العسكرية والقدرة العسكرية اليمنية الشعبية المناهضة للهيمنة السعودية والأميركية، بل إن القوى اليمنية المسلحة لأنصار الله والجيش الذي يقوده علي عبد الله صالح بدأت تزداد خبرة وقدرة خلال الأشهر الستة الماضية على اختراق الحدود السعودية والوصول إلى مواقع عسكرية قرب مدن سعودية، ويكشف الموقع الإلكتروني (بابليك راديو انترناشيونال) الخاص بإذاعة لندن الإنكليزية في تحليل بعنوان: «من الذي يربح في حرب السعودية على اليمن؟».
إن الدولتين السعودية واليمن هما الخاسرتان مع شعبهما ومصادر ثرواتهما من هذه الحرب وأنه ليس من المتوقع أن تنتصر السعودية وتحقق ما تريد في اليمن بل إنها لن يكون بمقدورها تحقيق ما ترغب داخل السعودية حين تنتهي هذه الحرب أي إن السعودية ستدفع ثمناً باهظاً على الرغم من أنها تعتقد أنها تفرض ثمناً باهظاً بشرياً ومادياً على الشعب اليمني.
وقد أصبح من المؤكد الآن أن الحرب الأميركية الإرهابية على سورية وحرب السعودية على اليمن تحولتا إلى أول بوابة يدخل فيها الشرق الأوسط مرحلة (الحرب الباردة) الجديدة والاستقطاب والفرز على مستوى الساحة العالمية والصراع المحتمل فيها بين معسكرين سيكون من الطبيعي أن تكون سورية واليمن فيها ضمن المعسكر الروسي الصيني ودول البريكس وأن تكون فيها السعودية ضمن معسكرها الأميركي نفسه، فهل ستتمكن السعودية من حماية نفسها داخل المعسكر الأميركي من الولايات المتحدة وخطتها التقسيمية لها؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن