قضايا وآراء

هيستيريا حلف الإرهاب.. جعجعة أم قطب مخفية..!؟

عبد السلام حجاب :

لم يعد مخفياً أن هيستيريا من القلق والارتباك تسود دوائر صناعة القرار السياسي والعسكري في واشنطن، وهو ما يجري التعبير عنه بتصريحات إعلامية عالية السقوف حتى تكاد تتجاوز الخطوط الحمر أحياناً والتي يترجمها بالسياسة حلفها الإرهابي وعبر أدواته الإرهابية على الأرض.
حيث تتصاعد أعمال الجماعات الإرهابية المسلحة في داخل الجغرافيا السورية وبدعم لوجستي وتسليحي من خارج الحدود في محاولة يائسة ترمي بكامل أوراقها في مواجهة الصلابة السورية الشجاعة في محاربة الإرهاب، تحظى بتأييد ودعم سياسي وعسكري روسي على أساس القانون الدولي بعد أن أصبح الإرهاب تحدياً للمجتمع الدولي بأسره.
ولعل الصورة الحالية للمشهد السياسي تطرح السؤال التالي:
هل هذه الهيستيريا السياسية بتجسيداتها الإرهابية جعجعة صاخبة تترجم عناوين سياسية في ربع الساعة الأخير من الأزمة في سورية، أم إنها تذهب أبعد من ذلك لتظهير قطب مخفية بينها فرض حلول على السوريين من الخارج وهي أمر يرفضه السوريون والحلفاء والأصدقاء ورهان خاسر بمقدماته وبنتائجه، وتداعياته الخطرة لا تستثني أحداً في المنطقة وخارجها!؟
ويمكن القول مع اتضاح الصورة وسقوط الكثير من عوامل تزوير وبروباغندا إعلامية لحقت بها يتبين للمتابع أنه كان المطلوب ذات يوم أن تكون أحداث 11 أيلول الملتبسة بوابة عبور دامية إلى المنطقة والعالم، وإلى سورية باعتبارها نقطة التقاطع الأهم في السياسة وخطوط النفط والغاز فكان الغزو الأميركي المباشر وتنظيم القاعدة الإرهابي في خدمة مصالح الهيمنة الأميركية والصهيونية، لكن قراءة موضوعية لهيستيريا حلف الإرهاب الذي تقوده واشنطن حالياً على ظهر «داعش» والتنظيمات الإرهابية سواء من خلال التصعيد السياسي أو عبر دفع المزيد من قطعان الإرهابيين ودعمهم بالمال والسلاح إلى داخل الجغرافيا السورية، إنما يكشف عدة قطب مخفية من بينها.
1- بحث أميركي متعدد الاتجاهات والأهداف لدى الجانب الروسي، عن سبل لتخفيف الخسائر التي تطول هيبتها الدولية بعد الانزياح الذي أصاب قطبيتها الأحادية السياسية والعسكرية، ما استوجب نزقاً سياسياً وتصريحات نارية لامست الخطوط الحمر مع روسيا، وقد كشفت اتصالات الوزير كيري الهاتفية المتعددة مع نظيره الروسي لافروف، جوانب من محاورها الرئيسية حيث أكد الوزير لافروف ضرورة محاربة التنظيمات الإرهابية في سورية بشكل جماعي مشيراً إلى أن موسكو تدعم الجيش السوري لأنه الأكثر فعالية في محاربة داعش الإرهابي مع تقديم مساعدات إضافية.
2- قلق أميركي وغربي استعماري على مصير التنظيمات الإرهابية باعتبارها أدوات تنفيذية لهذه الدول تتحرك بغطاء لوجستي إسرائيلي وتنسيق مع حكام تركيا والسعودية وقطر والأردن، لتحقيق أهداف مشتركة ضد سورية ودول المنطقة!؟
3- تأكد القناعة بأن قواعد العمل وفق منطوق القطبية الأحادية الأميركية أصبحت في طريقها إلى التلاشي، وقد تجلى ذلك بوضوح عبر مواقف الكرملين التي حثت دول الغرب على التعاون مع الحكومة السورية في المعركة ضد الإرهاب وعدم اللجوء إلى انتقائية غير مجدية!؟
4- تراجع قدرة الخداع والتضليل التي اعتمدها الغرب بحكوماته وإعلامه أمام وقائع المتغيرات السياسية والميدانية التي أكدها الصمود السوري في مواجهة الإرهاب بكل مسمياته حتى أصبحت الحقيقة التي تحدد الاتجاهات والمواقف السياسية في العديد من دول العالم بما فيها دول القارة العجوز وهو ما أوجد انكسارات وتبدلات في داخل حلف واشنطن فيما يتعلق بالتعامل مع المسار السياسي لحل الأزمة في سورية الذي يشكل جوهره محاربة الإرهاب، وقد كشف هذه القطبة المخفية الوزير لافروف بقوله: إن محاولات إسقاط بعض الأنظمة في الشرق الأوسط سمحت لتنظيم داعش الإرهابي بالتحول إلى خطر يهدد الجميع، كما أوضحت زاخاروفا الناطقة باسم الخارجية الروسية بأن موسكو تنطلق من أن التنسيق مع القوات المسلحة السورية يجب أن يمثل جزءاً مهماً من توحيد الجهود التي تبذلها في سياق محاربة الإرهاب وذلك في إطار مبادرة الرئيس بوتين الخاصة بتشكيل تحالف واسع لمواجهة الخطر الإرهابي. وهو الموقف الذي أكد المبدئية السياسية والعسكرية الروسية التي تقوم على رفض استخدام مفهوم الإرهاب لانتهاك سيادة الدول، والحاجة إلى حلف دولي إقليمي يضم سورية يترجم حركة الرئيس الروسي بوتين، ورؤيته بأن روسيا تأخرت عما تراه واجبها بالمشاركة المباشرة في الحرب على الإرهاب والعمل وفق صيغة تحت مظلة الأمم المتحدة، تجمع إلى جانب سورية المعنيين والراغبين.
وعليه، فإنه بعيداً عن سياسة الهيستيريا أو الجعجعة والتهويل وما بينهما من قطب مخفية تحتفظ بها سلة المؤامرة الكونية التي تقودها واشنطن ضد سورية شعباً وجيشاً وقائداً منذ أكثر من أربع سنوات، فإن الحقائق تبقى أشد ثباتاً ووضوحاً من النفاق السياسي والمعايير المزدوجة بحيث فضحت الخارجية النمساوية والإيطالية.
التضليل الدعائي والتزوير السياسي الأميركي والأوروبي المشدود إلى تاريخ استعماري وأحلام بائدة، وما تسعى إليه من مشاريع لتقسيم سورية، والاستثمار الخبيث في الأزمات الإنسانية متجاهلة الدور الإجرامي لحلف المؤامرة الذي بدأ بالإجراءات الاقتصادية النقابية ضد السوريين ومؤسساتهم الوطنية وصولاً إلى العبث بمصير السوريين الهاربين من بطش الإرهابيين، مروراً بتعطيل تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمحاربة الإرهاب.
وما من شك بأن السوريين جيشاً وشعباً بقيادة الرئيس بشار الأسد يواصلون التمسك بحقوقهم الوطنية السيادية، مجددين تذكير الجميع أن صمود السوريين يزداد صلابة وثباتاً وأن انتصارات القوات المسلحة لن تتوقف حتى دحر الإرهاب وأجنداته وأما من أصابه القلق ويداري الهزيمة بهيستيريا الجعجعة فليس أمامه سوى إعادة النظر بحساباته، والتفكير ملياً بأن أصحاب الحق لهم الانتصار، وهو ما يسطره بدمائهم رجال الجيش العربي السوري.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن