ثقافة وفن

الأطفال على درجة واعية وعلينا أن نكون عند حسن ظنهم … آمال سعد الدين لـ«الوطن»: الفاصل الأهم في حياتي بعملي بالدوبلاج لكونه يقدم الفائدة للأطفال ومن ثم المتعة

| سوسن صيداوي

أن يكون المرء صاحب حدس صاف وقادر على الاتجاه وفق ما تمليه بوصلته الداخلية التي لا تخطئ أبداً، وأيضاً بأن يكون صاحب سلام داخلي نابع عن رضا تام عما يقدمه ويقوم به من أعمال، فهذا أمر إن دل على شيء فهو يدل على إيمان كبير بالموهبة، وحسن توظيف لها، مع إخلاص كبير في المحافظة عليها لتقديم الأفضل مهما بلغت عروض شركات الإنتاج من قلة أو كم. الكلام يعود للممثلة آمال سعد الدين التي استطاعت أن تكون رقما وشخصية صعبة التكرار بالبساطة والامتهان، هي مقلة في الظهور الدرامي التلفزيوني، لكن أنصفها عمل واحد من الصعب أن يتكرر(ضيعة ضايعة) إخراج الليث حجو في شخصية (بديعة)، وأيضاً تستمر من وراء المايكريفون في الأستديو سواء عبر الإذاعة أم في دبلجة الشخصيات الكرتونية (المحقق كونان)-لتكون الرقم واحد ولها الصدارة في المتابعة. حوار سريع حكمته ظروف امتحانات الشهادة الإعدادية لابنتها الصغرى، ولكنها كانت كريمة بوقتها وعطائها.

بداية حلَلْتِ ضيفة في مسلسل (ناس من ورق) بدور أم لشاب يعاني شللاً دماغياً.. بعيداً عن الحالة المطروحة، برأيك أليس من الضرورة أن يتم حقاً دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع بشكل فاعل وبأن يقوم بالدور صاحب حالة حقيقية وليس بممثل؟
بالفعل… من الضروري جداً دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع، وهناك الكثير من المؤسسات والجمعيات المعنية بهذا الشأن والتي تعمل جادة لتحقيق هذه الغاية، كما أنّ الأهل صار عندهم وعي أعلى تجاه هذه الحالات، ولكن بالمقابل وللأسف بعض الأهالي عندهم حرج منها، تماما كما طرحتها الحلقة التي شاركت فيها في مسلسل (ناس من ورق)، فلقد كان ابني يعاني من شلل دماغي، وأنا أقرب الناس إليه وأعلم حقا ما يدور في فكره وما يشعر به وما يعانيه، وخصوصاً أن أقرب الناس إليه يعامله بجفاء، وفي أحد المشاهد يقول لي ابني: (خرجت من المنزل وبحثت في الملجأ عن الكنز، كي أعطيه لأبي كي يتغير ويحبني). إذاً، تطرح الحلقة هذا الجانب من الأهالي الذين لديهم أبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة وهم بالفعل محرجون منها ولا يعلمون كيف يتجاوزون هذه الأمور. أما بالنسبة لدور ذوي الاحتياجات الخاصة وضرورة دمجهم بالمجتمع وعن دور الفن في السعي لتطويع هذا الموضوع أكثر وتجاوز عقباته وصعوباته، لابدّ من الإشارة إلى أن هناك بعض الأعمال الفنية التي تطرقت إلى هذه القصص، وبالفعل قام بأداء الأدوار فيها ممثلون هم حقا من ذوي الاحتياجات الخاصة، وبالطبع أثبتوا وجودهم وكانوا كالآخرين على قدر كبير من المسؤولية والإتقان لما قاموا به.

ارتبط اسم القدير دريد لحام بشخصية (غوار الطوشة)، القديرة نجاح حفيظ بشخصية (فطوم)، وآمال سعد الدين ارتبط اسمها بشخصية (بديعة) من مسلسل ضيعة ضايعة إخراج الليث حجو. السؤال: إلى أي مدى برأيك، هذا أمر إيجابي أم سلبي؟
إنها أمنية أن يصل اسمي ويقارن باسم الأستاذ دريد لحام أو السيدة نجاح حفيظ. أما بالنسبة لاقتران اسمي بالشخصية (بديعة) فأنا أعتبر أن هذا الأمر هو إيجابي، وهو يدل في حقيقته على الكم الكبير الذي تمكنت عبر الشخصية من أن أبقى في ذهن الناس أو أستوطن قلوبهم مهما مرّ الوقت على المسلسل.

وأيضاً ارتبط اسمك بالشخصية الكرتونية (كونان)، وفي الفترة الحالية تشاركين في دبلجة الجزء التاسع منه، إلى أي مدى الدوبلاج جزء أساسي في مسيرة سعد الدين الفنية؟
نعم. وأحب أن أشير إضافة إلى مسلسل (كونان) الذي بلغ عدد حلقاته 421 حلقة، قمنا بدبلجة فيلمين سيتم عرضهما قريباً في دور السينما، إضافة إلى أنني شاركت في دبلجة الكثير من الأعمال الكرتونية والدرامية، وهذا كلّه في جوابي بإشارة مني إلى أن للدوبلاج مرتبة مهمة في مسيرتي، ومن ثم كانت بدايتي في تجربة الدوبلاج كنوع من الفنون، ولكنني أحببت التجربة ومع الوقت اكتشفت مدى الفائدة التي أقدمها من خلال الأعمال التي شاركت بها، فهناك الكثير من الأطفال الذين تأثروا بالأعمال، ومنهم من امتهن الصحافة أو الطبابة، وحتى الغناء والتمثيل، وأيضاً هناك صبية أحبّت أن تكون دكتورة مخبرية وتختص في تحليل الـDNA، إذاً، هذا هو الفاصل الأهم في حياتي بعملي بالدوبلاج من حيث إنه يقدم الفائدة للأطفال أولاً، ومن ثم المتعة ثانياً.

على الرغم من أن الدوبلاج فن معقد ويتطلب مجهوداً عالياً في الأداء والتمييز بمخارج الحروف أو إتقان الفصحى.. فهناك البعض من الفنانين كانوا ابتعدوا عن المسرح والدراما التلفزيونية والتزموا بالدوبلاج لكونه يبادلهم الإخلاص، وهو قادر على تلبية احتياجاتهم وتأمين معيشتهم واستمرارهم في السيرة الفنية.. ما تعقيبك؟
في الحقيقة في بداية الدوبلاج هذا النوع الجديد من العمليات الفنية، كان في صعوبته لا يقارن مع الوقت الحالي، وحتى أجوره كانت أقل. وبما أننا ممثلو الحلقة كنا نجتمع كلنا، ونقرأ أولاً الحلقة كاملة، ومن ثم كان كل ممثل يقوم بتفريغ دوره، ونشاهد الحلقة كاملة، وأخيراً.. نبدأ بعملية الدبلجة، وفي أوقات كثيرة كنا لا ننجز إلا نصف حلقة، وأحياناً أخرى نستغرق لإنجاز حلقة كاملة وقتاً يستمر من العاشرة صباحاً وحتى الرابعة بعد الظهر. ولكن اليوم الحال تبدل وتطور فن الدوبلاج أكثر، وأصبح بالإمكان بأن يدخل كل ممثل وحده إلى الأستديو ويسجل دوره وفي وقت يختلف تماماً عن الممثلين الآخرين، وفي أوقات يمكنني أن أنجز وحدي أدواري الخاصة لحوالي 13 حلقة بيوم واحد، بالطبع تطور التقنيات وتطور هذه المهنة خفّف عن الممثل عدد الأيام بجهدها وتعبها، ولكنه أفقده الحس الجماعي، وتجدر الإشارة إلى أن وجود عاملين من تقنيين وممثلين في هذا المجال أعاد المجد للدوبلاج، والآن الأجور أفضل بكثير، وصار عدد الشركات أكثر من قبل، لهذا وجد الكثير من الفنانين راحتهم بالدوبلاج -إضافة إلى ما ذكرته- لكونه يبعدهم عن التنقل في مواقع التصوير أو التعرض للظروف المناخية المختلفة، عدا عن حرية الممثل بأن يختار الوقت المناسب له.

أنت محبوبة ولديك حظوة عند الكبار بالعموم والأطفال على الخصوص. لماذا لا تفكرين باعتلاء خشبة مسرح الأطفال- انطلاقاً من خبرتك بالتعامل معهم عبر الإذاعة والدبلجة وحتى الدراما-كي تحدثي فرقا؟
بصراحة لقد فكرت كثير بأن أقدم أعمالاً تخص الأطفال، ولا أنكر بأن المشروع ما زال قائماً بذهني، ولكن ما يجعلني أتمهل هو أنني على قناعة تامة بأن الأعمال التي سأقدمها لهم، يجب أن تحترم عقلية الأطفال، فهم على درجة كبيرة من الوعي، ومن ثم يجب أن نكون عند حسن ظن هذا الوعي.

من بعد مسرحية (الآن وأمس) أين أنت اليوم من مسرح الكبار؟
بعد هذا العرض والذي قدمناه في غاليري مصطفى علي في دمشق… لا يوجد جديد.

في الموسم الرمضاني الماضي لم نشهد كوميديا سورية. كان هناك بعض اللوحات الساخرة الناقدة في مسلسل(كونتاك).. ما الأسباب برأيك؟
صحيح. بالنسبة لما شاركت به من أعمال كوميدية، لقد شاركت بلوحات (ببساطة) والتي عُرضت خارج رمضان، على حين مسلسل (كونتاك) من الأعمال التي شاركت بها وعُرضت برمضان. وأظن بأنه في هذه الفترة ستكون الأعمال الكوميدية بمعظمها في إطار نقدي أكثر منها كوميدية.

ما المسلسلات التي تابعتيها برمضان.. وبرأيك هذا العرس الدرامي ألا يظلم العديد من المسلسلات ويكون التقييم غير مدروس لكون المتابعة على عجالة وفيها الكثير من المزاحمة؟
بصراحة تمكنت من متابعة بعض الأعمال، ومن المستحيل على أي شخص أن يتابع كل المسلسلات، وبالطبع هذا الزحام فيه الكثير من الظلم لبعض الأعمال التي تجدر متابعتها، ولكن التواقيت المتضاربة والكثير من الأسباب التي تعوقنا، وهنا أختم بأنني أرى أنه من الضرورة بمكان أن يتم عرض الأعمال على مدار العام.

أخيراً أنت من النشطين على وسائل التواصل الاجتماعي كمتابعة فقط، ولكن تعاملك معها حذر جداً ولا تنشرين إلا ما يتعلق بالعمل.. ما ردك؟
وللصدق.. في كثير من الأحيان أفكر بأن ألغي كل وسائل التواصل من على هاتفي النقال، لأنني من فترة كنت قرأت عبارة وأحببتها كثيراً وتقول «أصبحت أصابعنا تحكي وتتكلم أكثر من شفاهنا». إذاً، أصبحنا محبوسين ضمن جهاز صغير، وللأسف أصبح حالة عامة عند الكل.
وأعود لأتكلم عن نفسي، أحاول أن أتفادى وسائل التواصل الاجتماعي كثيراً، وكما أعمل على إغلاق حساباتي حتى ولو مدة شهر، كي استمتع براحتي واستقلاليتي بعيداً عن تبعيتها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن