ثقافة وفن

رواية جديدة عن الحرب القذرة على سورية … د. غسان عباس: خلقت الدوافع الإمبريالية الصهيونية .. «قوس الأزمات» الذي يفسر السلوك العدواني على سورية

| سوسن صيداوي

«إنّ العالم يعيش الماضي ويخلطه بالحاضر ويكبّل المستقبل؛لأنّ الماضي جزء من منظومة تقاليدنا الموروثة منذ آلاف السنين، ونحن لا ننسى تاريخ بلادنا، ولاسيما أن أمتنا عانت كثيراً من التشوهات لأسباب واضحة لها علاقة بالصراع بين الشرق والغرب، ولديّ قناعة بأن أوروبا ليست قادرة على قبول العالم العربي قوياً وموحداً وديمقراطياً؛لأنّ هذا يقضي على هيمنتها أو يجعلها محدودة جداً، لذلك رأينا في عهد الاستعمار حرص هذه الدول الأوروبية على السيطرة على بلدان العالم وتقسيمها بحسب المجموعات العرقية، وتطبيق مبدأ (فرّق تسد)، إضافة إلى خلق النُّخب المرتبطة بها، وزرع قنابل موقوتة من خلال زيادة الصراعات الإثنية والدينية، ومن ثم ضمان التدخل تحت ذرائع مختلفة، وبالطبع الذريعة المفضلة دوماً هي (حماية حقوق الإنسان) والتدخل الإنساني». وعليه جاء عنوان الكتاب موضوع البحث(رواية جديدة عن الحرب القذرة على سورية: «السياسات التدخلية والدفاع المزعوم عن حقوق الإنسان»، الصادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب، تأليف:السفير غسان عباس. بواقع 292صفحة، من القطع الوسط متضمناً سبعة فصول، تناولت صفحات من تاريخ سورية، الإسلام والإسلام السياسي، الربيع العربي، استخدام المجموعات الإرهابية، وعن الثورة السورية المزعومة، مع استعراض خطوات نحو إنهاء النزاع في سورية. وللمزيد من التفاصيل حول الكتاب نورد لكم:

في الفصول

يوضح د. عباس في مقدمة كتابه ما يحتويه الكتاب من فصول، حيث يوضح في الفصل الأول التاريخ القديم لسورية، على حين يشرح في الفصل الثاني الإسلام النقي والإسلام الإنكليزي والأميركي، كما يتناول في الفصل الثالث الرمال المتحركة في الشرق الأوسط بين القرنين التاسع عشر والعشرين، فقد قامت القوى الاستعمارية الأوروبية بزرع قواعد عدم الاستقرار، والتقسيم الإقليمي والخلاف الذي نراه اليوم في الشرق الأوسط. كما يبين في الفصل الرابع ما سمي زوراً «الربيع العربي»، و«الفوضى الخلاقة» أو«الحرب القذرة» التي خططت لها القوى الاستعمارية الجديدة؛ ويوضح في الفصل الخامس إستراتيجية استخدام الجماعات الإرهابية، مثل «الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام» (داعش) وأخواتها، ويشرح في الفصل السادس الثورة السلمية المزعومة في سورية، محاولاً إعطاء تفسيرات حول الخطط الحقيقية لدول حلف شمال الأطلسي(الناتو) وبعض دول التعاون الخليجي التي تستهدف سورية؛ أما في الفصل السابع والأخير فيشير إلى الخطوات التي يمكن أن تنهي الحرب القذرة على سورية، مركزاً على مقاومة الشعب السوري وحلفائه لهذا المشروع المخطط له في الغرف المظلمة لوكالات الاستخبارات الغربية من أجل الاستيلاء على ثروات المنطقة، مثل النفط والغاز، ويتعرض في هذا الفصل لمختلف المحافل والمؤتمرات والاجتماعات للوصول إلى حل سياسي للصراع الدائر على سورية.

بلقنة الشرق الأوسط

ما يسمى «إسرائيل الكبرى» في الشرق الأوسط، هو المشروع الذي تسعى المصالح الأنغلوأميركية لخلقه، وتُقدم من خلال هذه اللعبة الكبرى إلى بلقنة دول المنطقة، لتفتيتها وتحويلها إلى دول صغيرة طائفية. ويضيف السفير غسان عباس: «السبب يكمن في المخططات الخفية والدوافع الإمبريالية- الصهيونية، لكل من بريطانيا العظمى والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل خاصة لبلقنة المنطقة، وإضعاف الدول الإسلامية وتفتيتها، وخلق ما يسمى (قوس الأزمات) الأمر الذي يفسر الهجوم والسلوك العدواني على سورية والمنطقة بشكل عام؛ وهذا باختصار ما يسمونه مشروع (الشرق الأوسط الكبير)، حيث يحاولون تحقيق حلم (إسرائيل الكبرى) بوصفه جزءاً عضوياً من هذا المشروع؛ لهذا يرى المتتبع أن القوى الإمبريالية الغازية استعملت كل أنواع أسلحة التدمير الشامل».

ثروات المنطقة الهائلة

هذا الكتاب يعرض لما أسماه المؤلف نظرية الحرب اللامتناظرة التي تقوم على توظيف أطراف العدوان على سورية باستخدام إرهاب ما يسمى بالدولة الإسلامية وجبهة النصرة اللتين حاولتا إقامة فرض ما يسمى بالخلافة الإسلامية التي تقوم على خدمة المصالح الاستعمارية الجديدة للإمبراطورية الأنغلوأميركية. يتابع د. عباس: «هنا نؤكد أن الدعم الغربي للإرهابيين زاد من معاناة السوريين بشكل عام، فقد انتظر الغرب ما يقرب ثلاث سنوات من بدء الحرب القذرة على سورية للحديث عن وجود إرهابيي الدولة الإسلامية، وغيرها من مئات المنظمات الإرهابية التي أنشأها الغرب وحلفاؤه الإقليميّون من دون تقديم تفسيرات موضوعية كالتالي: كيف وصل عشرات الآلاف من هؤلاء المرتزقة والإرهابيين من أكثر من مئة بلد في العالم من دون علم استخبارات حلف شمال الأطلسي؟ لماذا تجاهلت وسائل الإعلام الغربية التي تملكها الشركات المتعددة الجنسية الوحشية والبربرية التي مارستها هذه الجماعات الإرهابية لأكثر من ثلاثة أعوام؟ علماً أن هذه الممارسات تعد جرائم ضد الإنسانية».
لافتاً في مكان آخر إلى أن الحرب القذرة على سورية لا تهدف إلى بناء الديمقراطية، وإنما هي غزو وعدوان يقوم به تحالف عربي-أطلسي بالاعتماد على المرتزقة والإرهاربيين وذلك بهدف التحكم بالطرق التجارية والممرات البحرية وبسط النفوذ على أنابيب النفط والغاز والسيطرة على الثروات الطبيعية للبلدان العربية، وكذلك إطباق الخناق على الجزء الشرقي من البحر المتوسط للتمكن من إغلاقه في وجه الإيرانيين والروس والصينيين.

في الختام

أكد السفير عباس في ختام مقدمة مؤلفه، أن سياسيات الدول الغربية وسياسات بعض الدول العربية الرجعية ساهمت في خلق حالة الفوضى في العالمين العربي والإسلامي، وفي زيادة أجواء العنف الذي قُدم له باسم شاعري:(الربيع العربي) كما لو كان حقيقة، ثورة شعبية، على حين في الأمر الواقع هو فصل جديد من الاستعمار المصنّع في دوائر وكالات الاستخبارات الغربية للاستيلاء على ثروات المنطقة وإخضاع شعبها ويضيف: «لكن شعبنا العربي- ولاسيما في العراق وسورية ولبنان وفلسطين-يأبى الاستسلام لمخطط الإمبرياليين الذين يسعَون لتحويل مهد الحضارات إلى بلدان تابعة، بغية التخلص من عقدة التاريخ والماضي المجيد لهذه الشعوب، لذا يعملون على اجتثاث ذاكرة تلك الشعوب الثقافية، لكنهم لن يستطيعوا؛فقد تغلبنا على إمبراطوريات همجية، وواجهنا عصوراً أكثر دموية، وغزوات بربرية، وها نحن في القرن الحادي والعشرين نتكلم لغتنا العربية الممتدة إلى عصور ما قبل التاريخ، لغة القرآن الكريم؛بينما هناك الكثير من الشعوب انقرضت، ودُفنت تحت أنقاض التاريخ نتيجة السياسات الاستعمارية الإمبريالية، فعلى الرغم من كل ما يجري فإننا نرى النور في نهاية النفق».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن