من دفتر الوطن

اللغم الأكبر

| حسن م. يوسف

قبل يومين قام (كويتب) سعودي خرمان على الشهرة، بالتطاول على الشعب الفلسطيني المناضل إذ أطلق عليه صفات مفرطة في الوقاحة وقلة الذوق، وقد بلغت به الصفاقة حدَّ أنه اعتبر المسجد الأقصى «معبداً يهودياً»!
المضحك في الأمر هو أن بعض (وسائل الإعلام) وصفت ذلك الـ(كويتب) بأنه (إعلامي)! بعضها فعل ذلك عشوائياً من باب الجهل، وبعض آخر منها تعمد ذلك بقصد تلميع الرجل ووضعه في مرتبة أعلى من الصحفي. علماً أن صفة (إعلامي) لا تشير إلى مهنة محددة، وليست معتمدة في كليات الصحافة، بل هي (اختراع) نحته قبل نحو عقدين بعض الخرمانين على الشهرة في محاولة منهم لإضفاء شيء من التميز الاجتماعي على أنفسهم!
لست أريد أن ألوث هذه الصفحة باسم ذلك (الكويتب) السعودي، كما لن أستعرض أياً من (مقولاته) الصفيقة، لأنها ليست مقولاته أصلاً، فالببغاء لا يلام عندما يكرر عبارة ما! الملام أولاً وأخيراً هو من يلقن الببغاء تلك الفكرة! وهذا المنطق يقودنا إلى الكاتب المصري يوسف زيدان، صاحب (عزازيل) الذي سمح لنفسه أن يعلن هذه المقولة المسمومة قبل مدة عندما صرح أن «المسجد الأقصى المذكور في القرآن ليس هو المسجد في القدس»، وبناء على ذلك استنتج أن مدينة القدس «ليست مكانا مقدسا». لذا أسمح لنفسي بتجاهل الببغاء السعودي والتركيز على اللغم الثقافي الأكبر يوسف زيدان.
لست أريد أن أحكم على الكاتب يوسف زيدان ومواقفه، لأن سفارة (إسرائيل) بالقاهرة وفرت علي هذا العناء بشكرها لزيدان «على موقفه من قضية القدس».
فقد قالت السفارة (الإسرائيلية) في منشور على صفحتها «إسرائيل في مصر»: «أسعدنا سماع أقوال الكاتب والمؤرخ يوسف زيدان في برنامج كل يوم الذي قدمه عمر أديب على قناة ONTV أول أمس الأحد، ووصف زيدان للعلاقات الحميدة بين اليهود والمسلمين حتى قبل مجيء النبي محمد (ص) وحتى أيامنا هذه، مشيراً إلى أن جذور الحروب بين الطرفين تعود إلى المتطرفين».
وأضافت السفارة: «لا شك أن الرسالة التي يحملها تفسير الكاتب زيدان بضرورة نبذ ثقافة الكراهية بين الطرفين، هي رسالة مهمة في نظرنا وأن التعاون بين اليهود والمسلمين من شأنه أن يعود بالفائدة على المصريين والإسرائيليين على حد سواء، خدمة لأبناء الجيل الصاعد لدى الشعبين».
وكان زيدان قد فجر (قنبلة تاريخية) عندما قال إن «المسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة، ليس هو المسجد الأقصى ذا القدسية الدينية الذي ذُكر في القرآن الكريم، والذي أسرى إليه الرسول (ص)، وأن ذلك مجرد خرافات، والمسجد الأقصى المقصود موجود «في الجعرانة على طريق مدينة الطائف في السعودية».
كما تطاول زيدان في نفس اللقاء على محرر القدس صلاح الدين الأيوبي. صحيح أن صلاح الدين لم يكن معصوماً عن الخطأ، لكنه وصف من قبل خصومه بأنه: «أكثر الأشخاص تقديراً واحتراماً (…) بسبب تسامحه وإنسانيته ومعاملته الحسنة التي تميز بها. «رغم ذلك فقد سمح يوسف زيدان لنفسه بأن يجرد صلاح الدين من كل فضيلة، وفي نفس الوقت أطنب في مدح عبقرية طبيبه اليهودي موسى بن ميمون. (!)
… وفي المقابلة إياها غمز يوسف زيدان من قناة الزعيم جمال عبد الناصر عندما قال: إن «حالة انحدار الثقافة المصرية بدأت منذ عام 1952».
يعلم قارئي المتابع أنني سبق أن رددت على زيدان في هذا الركن بالذات، وتساءلت: هل نحن أمام حالة إدمان للشهرة أم تحطيم للقدوة، أم الاثنين في آن معاً؟
نعم لست معنياً بالرد على ذلك (الإعلاكي) السعودي، فهو مجرد ببغاء يجتر مقولات يوسف زيدان المسمومة!
وخير ما أرد به على الطروحات الزيدانية الانبطاحية، هو ما قاله عالم التاريخ كيث وايتلام في كتابه «اختلاق إسرائيل القديمة، إسكات التاريخ الفلسطيني» إن: «إسرائيل ما هي إلا برهة في التاريخ الفلسطيني الطويل».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن