الأولى

داعش.. الحساب قادم

تيري ميسان :

استجابة لدعوة الجمهورية العربية السورية في إطار قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، يعتزم الاتحاد الروسي، الاقتداء بالتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، في التصدي لداعش، بإطلاق عملياته الخاصة به، ضد الجهاديين. وقد أبلغت روسيا مبعوث الولايات المتحدة، ميشيل راتنه بذلك أثناء زيارته لموسكو في 28 آب الماضي.
علاوة على ذلك، دعا سيرغي لافروف علنا إلى التنسيق مع الجيش الأميركي في مواجهة الجهاديين. وهذا بالضبط ما يرعب عصابة بترايوس-آلن-كلينتون-فيلتمان-جوبيه-فابيوس.
روسيا لا تخطط «لتحييد» داعش فحسب، بل لهزيمة جميع الجهاديين الذين ينتمون للإمارة الإسلامية، والقاعدة، والجبهة الإسلامية، أو أي منظمة أخرى.
فجأة أدرك الجميع الآن عدم وجود أي مجموعة مسلحة مناهضة للحكومة، لا ترتبط بالجهاديين.
وقد كان البنتاغون مصيباً حين اعترف بأنه لا يملك أي أخبار عن «المتمردين المعتدلين» الذين دربوهم للقتال ضد داعش، لأنهم، بكل بساطة، انضموا جميعاً، من دون استثناء، لتنظيم القاعدة.
السوريون الذين انضموا إلى المقاتلين الأجانب في بداية الحرب، هم، إما عادوا إلى حضن الجمهورية- من خلال العديد من اتفاقيات المصالحة الوطنية، التي أنشأتها الدولة منذ ثلاث سنوات- أو أنهم تبنوا أهداف الجهاديين.
أعلن الرئيس فرانسوا هولاند السماح لقواته المسلحة بالطيران في الأجواء السورية لجمع المعلومات عن داعش، كما أعلن إمكانية منحهم الموافقة، في وقت لاحق، على قصف المنظمة الجهادية.
في الواقع، لا يخلو هذا الإعلان من إيماءات يائسة.
حاول الرئيس الفرنسي تبرير عدم القدرة على مكافحة داعش بشكل فعال، إذا لم يتم قصفها في العراق، وهي تحديداً الذريعة التي استخدمها الرئيس أوباما عام 2014، محاولاً إقناعه بها، لكنه رفضها في ذلك الوقت.
هناك، بشكل خاص، سوء نية نادرة من نوعها وراء الترويج أن الجيش العربي السوري لن يسقط الطائرات الفرنسية، لأنه لا يسيطر على شمال البلاد، في الوقت الذي أوفدت فيه فرنسا سراً، سفارة عسكرية إلى دمشق، للحصول على الموافقات الضرورية للطيران في الأجواء السورية.
من الواضح أن فرنسا قد أخذت العبر من الاتفاق الموقع بين واشنطن وطهران في 14 تموز الماضي في لوزان، فلم تعد ترغب في أن تجد نفسها معزولة في شرق أوسط، يُعاد تنظيمه من جديد.
ففي حين لم يحقق التحالف الدولي على مدى عام، أي انتصار يذكر على داعش، في سورية، ولا في العراق، بل على العكس، كان يدعمها بإلقاء كميات ضخمة من الأسلحة، وبشكل متكرر، أمر الرئيس أوباما قوات التحالف بمساعدة الجمهورية العربية السورية في الدفاع عن الحسكة. وقد تمكنت القوتان معاً خلال يومي 27 و28 تموز من دحر داعش نهائياً، وسقوط نحو 3000 من الجهاديين تحت وابل قصف طائرات التحالف الدولي.
منطقياً، يجب أن تشمل الخطوة التالية إدخال القوات الروسية ضمن التحالف المناهض لداعش، لكن هذا من غير المرجح الآن.
الأميركيون والفرنسيون الذين يعارضون السلام مع إيران، ينوون نشر الفوضى، ليس في بلاد الشام فحسب، بل في شمال إفريقية والبحر الأسود أيضاً. هم أنفسهم الذين يتهمون روسيا بالسعي «لإنقاذ الأسد» من «الربيع العربي».
لذلك قد نشهد قصف داعش من تحالفين متمايزين، أو تمايزاً في الأدوار، فترة محدودة: الولايات المتحدة تتولى أمر داعش في العراق، وروسيا في سورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن