اقتصادالأخبار البارزة

ما قبل العيد.. الدولار من المفترض أن ينخفض بسبب التحويلات الخارجية.. فماذا حدث حتى ارتفع؟!

علي نزار الآغا :

ارتفاع مفاجئ في الدولار قفز فيه فوق مستوى 340 ليرة سورية لساعات يوم أمس، بعد ارتفاع تدريجي على مدى الأسبوع الحالي والماضي.
المفاجأة في هذا الارتفاع هو تعارضه مع التوقعات والحالة الطبيعية لسوق الصرف قبيل عيد الأضحى حيث ينخفض الدولار مع زيادة حوالات المغتربين لأهاليهم وتصريف بعض الدولارات لتلبية متطلبات العيد أضف إلى ذلك تزامن العيد مع موسم المدارس والمونة لهذا العام.. فماذا يحدث في سوق الصرف؟!
بدأت الليرة السورية بالتحسن أمام الدولار بعد ظهر الأمس بعد انتشار أخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بتدخل مصرف سورية المركزي في السوق بشكل مباشر عبر شركات صرافة محددة، فانخفض الدولار قرب مستوى 335 ليرة سورية بعد أن تجاوز 340 خلال ظهر الأمس، فأغلب شركات الصرافة لا تبيع الدولار لأحد، لعدم بيع المصرف المركزي أي دولارات لها، فاشتد الطلب على السوق السوداء، ومعه تحكم الصيارفة غير المرخصين بسعر الصرف، ومن خلفهم المضاربون.
مصدر مطلع على عمل شركات الصرافة وعمل المصرف المركزي، أكد لـ«الوطن» ضخ الدولار عبر أربع شركات صرافة، ترافق ذلك مع ضبط لعمليات الإيداع والسحب في المصارف، مبيناً أن سعر البيع للعموم في هذه الشركات كان 335 ليرة سورية صباح الأمس، أما التمويل التجاري فبسعر 319 ليرة سورية. مشيراًً إلى أن الطلب على الدولار لغرض السفر ارتفع بشكل ملحوظ هذه الفترة وهو السبب الرئيسي في ارتفاع الدولار.
وهنا أشارت مصادر أخرى في شركات الصرافة المرخصة، بأن متابعة وضبط المكاتب السياحية المتورطة في موضوع السفر إلى أوروبا بشكل غير نظامي سوف يخفض الطلب على الدولار في السوق.
مع تأكيد جميع المصادر التي تحدثت إليها «الوطن» أن سعر صرف الدولار سوف ينخفض، إذ إن أسعار مصرف سورية المركزي تتغير يومياً مع السوق.
ونظراً لأن المهم في الاقتصاد استقرار سعر الصرف عند مستوى اقتصادي توازني، مع ضبط المؤثرات غير الاقتصادية والأساسية، نقترح حصر تمويل مستوردات التجار بالمصارف العاملة في سورية (قطاع عام وقطاع خاص) وحصر عمل شركات ومؤسسات الصرافة بتلقي الحوالات الشخصية وتمويل حاجات المواطنين للأغراض غير التجاري فقط.
إضافة إلى ملاحقة تجار العملة غير المرخصين، بشكل حاسم، ومحاسبتهم بصورة عاجلة، وبإشراف عالي المستوى، وإغلاق جميع قنوات السوق السوداء. وبالتزامن مع ذلك يجب العمل على دك معاقل التهريب في الأسواق، وفرض رقابة وأتمتة عبر المصارف لكل ما يدخل البلد من بضائع. مع ضرورة توفير الدولار عبر القنوات النظامية.
إضافة إلى أتمتة جلسات التدخل وآلية ضخ الدولار في السوق حسب الحاجات الفعلية، لمنع التلاعب وتمكين جميع شركات الصرافة من العمل، وذلك من خلال تصميم برنامج تداول لليرة السورية أمام العملات الأجنبية، يتم اعتماده من المصرف المركزي وجميع الجهات المعنية في التدخل وبيع وشراء القطع الأجنبي، وتسجيل طلبات الشراء من التجار الكترونياً، حيث يتم العمل بنظام الباركود وبصمة اليد، للحد قدر المستطاع من التلاعب بعمليات البيع والشراء. وهذا ما يمكنه تحديد دقيق لحجم العرض والطلب والتداول للقطع الأجنبي، كل لحظة، ونشر أسعار صرف محددة يتم على أساسها تسعير السلع، بدلاً من صفحات الفيسبوك وتطبيقات الموبايل المشكوك فيها.
ويمكن العمل على أتمتة عملية ترشيد الاستيراد، لضمان منح الموافقات الإلكترونية المباشرة وفق الشروط المحددة من وزارة الاقتصاد وتحديثاتها وفقاً للاحتياجات ولموارد القطع الأجنبي، وحساب دقيق لطرفي ميزان المدفوعات وتحديد قيمة العجز والمطلوب لدعم استقرار الليرة وطرق الضخّ عبر التشغيل والتوظيف في الاقتصاد.
إضافة إلى تركيز العمل على جانب الطلب على القطع الأجنبي أكثر من العرض، وذلك من خلال حصر قنوات الطلب على الدولار وضبطها، وأولى القنوات تكون بمنح تسهيلات كبيرة لتمويل المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر وحتى المتوسطة، وإعداد خرائط استثمارية خاصة بها، على أساس إحلال جزئي للمستوردات، ليتم تصنيع ما نستهلكه محلياً ونستورده، وذلك قبل تجميع الإنتاج لأغراض التصدير، فالتصدير مصدر للقطع الأجنبي، وهذا صحيح، ولكن الاستيراد يستهلك القطع الأجنبي، لذا يجب التركيز على تصنيع السلع المستوردة محلياً، وفق شروط ومعايير الجدوى الاقتصادية، بالتوازي مع تشجيع تصدير الفائض، وخاصة في السلع الزراعية وغيرها مما نمتلك فيها ميزات نسبية. وهذا يقتضي الإسراع بفتح باب الإقراض مع فرض ضوابط على حركة رؤوس الأموال، لمنع خروجها، وتعويضها بتوفير بيئة استثمارية داعمة، في المناطق الآمنة، إضافة إلى خلق بيئة داعمة للمشروعات الصناعية الكبيرة ذات الإمكانات التصديرية العالية، من خلال تسهيل تأمين التمويل اللازم، وحماية المستثمرين من عمليات الابتزاز التي يتعرضون لها، وخاصةً في مراحل الحصول على الترخيص الإداري مع ضرورة الانطلاق بمؤسسات لضمان القروض وإدارة المخاطر.
ومن المهم التفكير جدياً بإنشاء مركز للتنبؤ الاقتصادي وإدارة المخاطر، مهمته إعداد خرائط اقتصادية زمنية، وتقويم المخاطر في الاقتصاد بشكل دوري، وتقديم النصح والمشورة لدى اتخاذ أي قرار اقتصادي، ويكون مساهماً في رسم السياسات والإستراتيجيات الاقتصادية.
وإنشاء فرق تقص للمعلومات والبيانات الاقتصادية من الواقع المعيش، وتصميم استبيانات رأي لإشراك المواطن في عملية تقويم وصنع القرار الاقتصادي.
بالإضافة إلى إعادة النظر بآلية الدعم، وتصميم آلية دورية لتعويض خسائر المواطنين، كإحداث بطاقة صراف آلي «بطاقة الدعم» وتحويل مبالغ نقدية للأسر المحتاجة فقط، بعد إجراء مسح للحالة المعيشية للمواطنين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن