قضايا وآراء

ترامب بين الدوحة والرياض

| تحسين الحلبي

ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية في 9 تموز الجاري أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن أمام الجميع عند اجتماعه بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن قطر تقدم استثمارات كبيرة للولايات المتحدة، وتتيح لنا توزيع وظائف هائلة العدد، كما أنها تشتري كميات هائلة من الأسلحة والمعدات العسكرية بما في ذك الطائرات.
ووقع الأمير تميم على خمسة اتفاقات بعشرات المليارات من الدولارات وخصص 8 مليارات دولار لمشروع أميركي بتروكيماوي على الساحل الأميركي. وكانت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية قد ذكرت في 20 أيار 2017 حين زار ترامب الرياض وجمع له ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز زعماء وممثلين عن 55 دولة عربية وإسلامية، أن ترامب وقع مع الملك سلمان على صفقة شراء أسلحة أميركية بقيمة 110 مليارات دولار، وأنه حصل منه على استثمارات يجري توظيفها في الولايات المتحدة بقيمة 500 مليار دولار، وقال ترامب أمام ممثلين عن 55 دولة في مؤتمر صحفي: إنها أكبر استثمارات تحصل عليها أميركا، إنه يوم عظيم حقق لنا وظائف ووظائف كثيرة للأميركيين، وكان «سمسار» العقارات الأميركي ترامب الذي أصبح رئيساً قد حقق للمصالح الأميركية السياسية والمالية والاقتصادية حين جمع ممثلين عن كل هذه الدول الإسلامية في الرياض التي تعد عاصمة تمويل كل خطط ومشاريع الولايات المتحدة في دعم حروبها ومجموعاتها الإرهابية، أكثر مما حققه الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما من قبله.
فقد عمل ترامب على تسخير وتوظيف كل دولة من الدول المتحالفة مع واشنطن بطريقة خاصة بهدف سلب أموالها النفطية ونقلها للولايات المتحدة وخططها المعدة للمنطقة. ولذلك بدا يتلاعب بشكل مكشوف بحكام إمارة قطر والمملكة السعودية ولم يعمل على حل النزاع الذي افتعله بينهما حين اتهم هو والسعودية، قطر بدعم الإرهاب، برغم أن الدولتين قطر والسعودية كانتا تدعمان معاً كل أشكال الإرهاب ضد الدول الوطنية والقومية لمصلحة الإسلاميين والإخوان المسلمين وخصوصاً في سورية ومصر. وبقي النزاع المجاني المفتعل بين الدوحة والرياض مستمراً حتى الآن بل من الطريف أن تعد وسائل الإعلام القطرية أن الأمير تميم انتصر على آل سعود حين وقع مع ترامب خمسة اتفاقات عسكرية ومالية مثلما كانت العائلة المالكة السعودية قد أعلنت أنها انتصرت على قطر حين وافق معها ترامب قبل عامين على اتهام قطر بدعم الإرهاب، ثم تبين أنه ألغى هذه التهمة من مفرداته علماً أنهما دفعا معاً ثمن هذه اللعبة الأميركية أكثر من 700 مليار دولار لترامب مجاناً، وبقيت لعبة ترامب في تسخير وتوظيف العائلتين لتحقيق المصالح الأميركية في المنطقة مستمرة، فترامب على استعداد للقول للأمير تميم بأنه لا يهتم بالعائلة المالكة السعودية وأنه لا يخاف منها مثلما هو على استعداد لقول العبارات نفسها للعائلة المالكة السعودية ضد عائلة تميم! فكلتاهما جزء من الملعب الأميركي وكلتاهما تدير سياسته الإدارة الأميركية بل تحدد لكل واحدة سياستها، لذلك يتساءل الأميركيون: ألا يستطيع ترامب إعطاء أوامره لقطر بالكف عن الحملات الإعلامية ضد العائلة المالكة السعودية والعكس بالعكس؟ وهل يصدق عاقل أن تتمرد قطر أو السعودية على تعليمات يوجهها ترامب؟ والاستنتاج المنطقي هو أن كل عائلة حاكمة من العائلتين راضية بدورها هذا حتى لو اشتكت لترامب من العائلة الأخرى!
وكانت هيئة تحرير افتتاحية المجلة الإلكترونية الأميركية الشهيرة «بلومبيرغ» قد أشارت في 29 أيار الماضي إلى أن النزاع المجاني بين قطر والسعودية ولد محاور داخل مجلس التعاون الخليجي، لأن عمان والكويت لهما موقف شبه حيادي تجاه هذا النزاع الذي تقف مع السعودية فيه البحرين والإمارات من دون أن تتحقق أهداف السعودية من حصارها لقطر، واستمرت كلتا الدولتين بتقديم الدعم للمجموعات التابعة لكل منهما في الساحة العربية، ولا خلاف بينهما تجاه معاداة سورية والوقوف مع الرئيس التركي رجب أردوغان ضدها أو معاداة قطر لمصر وتقديم الدعم للإخوان المسلمين ضد رئيسها ووقوفها إلى جانب أردوغان ضد مصر، فالانقسام بين معظم الدول اللاعبة مع الولايات المتحدة أصبح القاسم المشترك من أردوغان إلى السعودية والمستفيد الأكبر هو ترامب وأردوغان بشكل رئيس، لأن ذلك يتيح لكل منهما التحرك بين حكام يخافون على خسارة سلطتهم فيتحولون إلى أدوات بيد ترامب وأردوغان بشكل خاص ضد مصالح شعوبهم وشعوب أشقائهم في المنطقة! ومع ذلك يتوقع المختصون بشؤون دول الخليج في الولايات المتحدة أن يصبح مجلس التعاون الخليجي مجلسين وأن يفقد أردوغان ورقة قطر ويبقى لاعباً وحده داخل أزماته في تركيا وفي جوارها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن