قضايا وآراء

دي ميستورا.. والمبادرة الموءودة

سامر ضاحي :

مع الانعطافة الأوروبية اللافتة تجاه دور الرئيس بشار الأسد في المبادرات المطروحة لحل الأزمة في سورية، والتي استبقت زيارة المبعوث الدولي استيفان دي ميستورا المقررة إلى دمشق اليوم, يمكن التوقف عند جملة من القضايا والتعقيدات:
أول التعقيدات هي في تفاصيل خطة دي ميستورا، إذ ترفض دمشق تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة، إضافة إلى رفضها تشكيل مجلس عسكري مشترك من الحكومة والمعارضة، كما ترفض ذلك عدة أطراف، حفاظاً على تركيبة الجيش لأهداف إقليمية بحتة.
اللافت في هذه الخطة أن المبعوث الأممي هو من سيختار أسماء من يمثل معارضات الداخل والخارج التي سترسل له، وبالتالي فإن المفاوضات ستكون بين الحكومة السورية ووفد دي ميستورا نفسه.
الأمر الثاني: التوافق الدولي الحاصل حالياً لمواجهة تصاعد تنظيم داعش، وتبرير موسكو مساعداتها العسكرية لدمشق بـ«مكافحة الإرهاب»، لا يلتقي مع أهداف المعارضة.
الأمر الثالث: تبدل الموقف الأوروبي من نقطة الخلاف الأساسية وهي مصير الرئيس الأسد خلال المرحلة الانتقالية، جاء نتيجة الضغط الذي خلفه طوفان اللاجئين ونتائجه السياسية والاقتصادية والديمغرافية على المجتمعات الأوروبية التي التفتت إلى البحث عن حلول في «منبع اللجوء»، مع استحالة ذلك دون تثبيت منصب الرئيس خلال المرحلة الانتقالية.
الأمر الرابع: النقص الذي اعترى المبادرة الإيرانية، وموقف طهران من مبادرة دي ميستورا إذ يبدو أنها سعت عبر زيارة عبد اللهيان الأخيرة إلى دمشق إلى إقناع العاصمة السورية بكيفية الالتفاف على مبادرة المبعوث الأممي على اعتبار أن طهران راكمت مثل هذه الخبرات عبر مشوارها الطويل في المفاوضات النووية.
الأمر الخامس: تعارض الموقف السعودي مع موقف دي ميستورا إذ قال وزير خارجيتها الجبير إن على الرئيس الأسد الرحيل سواء عسكرياً أو سياسياً مما قد يقود لحراك أميركي سعودي يعرقل جهود الحل.
الأمر السادس: الضغط الداخلي التركي قد يعصف بمصالح الحزب الأردوغاني في سورية، ويدفع أنقرة لعرقلة أي جهود آنية لأي حل لا يضمن مصالحها في الشمال السوري، التي كفلتها واشنطن كشرط لدخول أنقرة في التحالف الدولي.
وأخيراً استعدادات دي ميستورا على الأرض في جنيف، رغم عدم حصوله على موافقة طرفي الأزمة الأساسيين الحكومة والائتلاف، تؤشر ربما على منحه تفويضا أمميا وإقليميا لمبادرته، لكن زيارته الأخيرة للقاهرة أوضحت نيته بتقديم الحل السياسي كأولوية على محاربة الإرهاب، وهو ما ترفضه دمشق ويتناقض مع مبادرة بوتين في الأمم المتحدة التي تقوم على اتباع المسارين توازياً.
التعقيدات السابقة تعبر عن عدم رضا كل أطراف الأزمة السورية عن المبعوث الأممي وبالتالي يتوجب عليه إجلاسها على طاولة حوار قبل مباشرته بخطته مع عدم وجود ثقل للمعارضة على أنواعها على الأرض، ولا ضير بمفاوضات على غرار طهران و5+1 كي يتلافى الدخول في معمعة التفاصيل التي قد تستنزف مبادرته مع الوقت.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن