ثقافة وفن

اللون الأحمر هو من اختارني … ريم طراف لـ «الوطـن»: أنا لا أخطط للشكل النهائي للعمل بل أترك نفسي لإبداعي

| سوسن صيداوي

اللون الأحمر لم يكن هذه المرة دموياً نازفاً، لقد كان بوحاً لمشاعر متنوعة ربما تكون حباً أو ربما تدّل على غضب، وربما يعبّر أيضاً «الأحمر» عن لون باعث لبدايات حياتيّة جديدة بعد الحرب والدمار.
إذا هذا البوح، هو صارخ لأفكار ومشاعر صاغتها الفنانة التشكيلية ريم طراف بتعبيراتها عبر معرضها التشكيلي الذي حمل عنوان«red» أو«أحمر» بلوحات عددها 14 واحدة، في مساحات لونية بين الأحمر والأسود، فيها من الرحابة التجريدية التي تأخذ المشاهد إلى آفاق واسعة وبعيدة، وتحمل من الأفكار الكثير عند النظر إليها والإمعان بها، مع التلوين بمشاعر متباينة، صاغتها وفق تقنية الإكريليك والكولاج، وفق سماكات اشتغلت عليها الفنانة بجدّ كي تتماشى مع موسيقاها الإبداعية للأعمال التي تعرضها صالة الآرت هاوس بدمشق. وحول المعرض نزيدكم بالتالي:

كلمة الفنانة
لقد انقطعت الفنانة التشكيلية ريم طراف فترة طويلة عن العمل في الرسم التشكيلي، لكونها اتجهت نحو رسوم الأطفال الكرتونية، الآن هي مستمرة منذ عودتها منذ ثلاث سنوات وفي الرسم التشكيلي، وتضيف: «هذا المعرض، هو معرضي الفردي الثاني، ولكنني شاركت في معارض جماعية، ولوحاتي الأربع عشرة التي احتواها المعرض، هي نتاج عمل السنة الحالية 2018/2019».
وفي سؤالنا للفنانة التشكيلية عن سبب اختيارها لعنوان المعرض بـ«red» أو«أحمر» تجيب: «الحالة سيطرت عليّ، وبالتالي اللون الأحمر هو الذي اختارني، فلا يشير للدموية فقط، بل يمكن أنه يدّل على الحب والشغف. وحول اللون الأسود الذي يتناوب مع اللون الأحمر في اللوحات، أنا أجد الأمر طبيعياً لأن السواد موجود في حياتنا، وبالتالي التناوب بين اللونين يعود لحسب الأهواء والمزاجية التي تحكمني وأحب أن أعبر عنها على سطح اللوحة. وهنا أرغب في أن أشير إلى أمر، أنا لا أخطط للشكل النهائي للّوحة، ففي البداية اللون يسيطر عليّ ومن ثم الموضوع. إذاً أنا لا أخطط لأي أمر، بل أترك نفسي لإبداعي، فلا أعمل أي دراسة، حتى إنني أبدأ بمسار معين لأجد نفسي أعمل وفق مسار آخر، فاللوحة هي التي تأخذني. وبقي هنا أن ألفت إلى أن المشاهد يجد بالفعل بعضا من الملامح البشرية العابرة، وفي جوانب أخرى من لوحات ثانية يجد تكاوين لبعض العناصر الطبيعية».
وأما بالنسبة للتقنية التي تستخدمها الفنانة طراف في هذه اللوحات بالذات، فلقد عملت بجد على موسيقا السطح واللون، وبالتالي فإن المشاهد يجد ويشعر بعدة سماكات على اللوحة ذاتها «ورق الكولاج الذي أضعه أعمل عليه كي يحقق الغاية من السماكات التي استهدف إظهارها بشكل موسيقي على السطح. أما بالنسبة للتعامل مع المساحات الكبيرة في الأعمال، فهو أمر يشعرني بالراحة، ولا أنكر أنني بدأت العمل على لوحات أصغر حجما، ولكنني توجهت على الفور نحو المساحات الكبيرة الرحبة، حيث عبّرت بهذا الحجم عن الكثير من المشاعر التي فيها كمّ واضح من النزق والغضب وغيره».
وفي سؤالنا عن مشهدية الفن التشكيلي السوري تجيب ريم -بتواضع- بأنها ما زالت بمكان لا تستطيع أن تقيّم فيه هذا الفن، لكنها تسلّط الضوء على بعض النقاط المهمة، فتقول: «ما أحب أن أركز عليه حول الفن التشكيلي السوري، هو أن سورية غنيّة بالفنانين المهمين الذين لهم بصمتهم الواضحة في هذا المجال، ولكن للأسف في هذه الفترة بالذات، بدأت سورية تفتقر للمواهب الشابة، فمعظمهم انصرفوا لإكمال دراستهم أو للاستمرار بحياتهم بعيداً عن ظروف الحرب، فالموجودون يمكن عدّهم على أصابع اليد، وهم -وحدهم- غير كافين للمتابعة والاستمرار في الحركة الفنية التشكيلية السورية. وبالنسبة لي أجد نفسي مختلفة عما يُطرح في الساحة، وعدت بتقديم شيء جديد، هذا من دون الانتقاص من أهمية ما يتم تقديمه لبعض الفنانين والمهمين، لهذا أعمالي في الفترة الراهنة أكثر معاصرة وبعيدة عن المحلية، حتى لو كان تذوق هذا الفن أو انتقاؤه محدوداً من الجمهور ولا يعود عليّ بالربح المادي، إلا أنني متمسّكة به لكون ما أرسمه تجريديّاً ويشبهني. هذا كما أنني متفائلة بالفن التشكيلي السوري لكوننا نشاهد تجارب من الشباب جميلة جداً وهي مختلفة عما تعودنا مشاهدته من الفنانين الكبار، هذا عدا ندرة مشاهدة فن تشكيلي هويته سورية، فكل الفنانين يأخذون من الغرب وهم متأثرون به».

ريم طراف وموسيقا اللون
وقد تحدث الدكتور باسم دحدوح عن تجربة طراف الحالية قائلاً: «تعزف الفنانة التشكيلية ريم طراف في معرضها الفردي، المقام في صالة الآرت هاوس، على نغمة بصرية شديدة الوضوح والسطوع. ففي لوحاتها لا حياد، أحمر مجرد، حتى تكاد العين أن تسمعها».
كما أن هناك حالة في الاختزال والتكثيف والشغف في ممارسة شهادتها في مرآة الذات خاصتها، بمقاربة لأصوات اللوحة المعاصرة. وأيضاً اعتمدت الفنانة في أدائها الانفعالي على تصعيد مخزونها من أصوات الطبيعة للوصول بملوناتها الإيقاعية والنغمية إلى عناق السماء من التجريد الحر.
في النهاية الأعمال تستحق المشاهدة، ففيها دعوة للمتعة والتبصر».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن