رياضة

مناصرون بالآلاف شدوا الرحال إلى القاهرة … كيف ينظر الجزائريون لنهائي الغد؟

| الجزائر - عادل صوالح

يقيم الجزائريون الأفراح والاحتفاليات منذ تجاوز نبجيريا فخرجوا كبيراً وصغيراً نساء ورجالاً للشارع للتعبير عن فرحهم، كل بطريقته وبعضها فيه نوع من المخاطرة إلا أن المشهد العام الذي دام حتى الصباح أعطى صورة عن حب ومساندة الجزائريين لمنتخبهم الذي لعب نصف النهائي بعد 9 سنوات وتأهل للنهائي بعد 29 سنة هو إنجاز لا ينساه الجزائريون، وسيخلد اسم جمال بلماضي ولاعبي الفريق الوطني في تاريخ وذكرى كل جزائري.
كل المؤشرات كانت تظلم المنتخب وتتوقع خروجه مسرعا، ما زاد من فرح الجزائريين المعروفين بعقلية التحدي والمغالاة، ما جعل هذا الإنجاز بمنزلة أمر شخصي لكل جزائري، على مدار 48 ولاية.
الكثير كان يشك في قدرة الناخب الوطني جمال بلماضي في تولي أمور الفريق والمرور به بسلاسة في النهائيات، بعدما لاقى المعنيون انتقادات لاختياره بعد رابح ماجر الذي عاش الفريق معه نتائج سلبية ومستوى لم يرق لتطلعات المناصرين، واختيار مدرب محلي كان مخاطرة من اتحاد اللعبة إلا أن بلماضي كان الورقة الرابحة لرئيس الاتحاد خير الدين زطشي الذي صرح سابقا أن اختيار ماجر لم يكن عبثا وأنه كان بإمكانه أن يحقق نتائج حسنة ولكن الأمور تسارعت عليه، وكان بلماضي متتبعاً للوضعية وجاهزاً لخوض المسؤولية، والنتائج هي الفيصل أمام منتقديه.
بعد متابعة النتائج الطيبة في الدور الأول ومنها إبراز المدرب الوطني جاهزية اللاعبين من احتياطيين وأساسيين، ومنها مباراة تنزانيا التي أظهر فيها لاعبو الاحتياط قدرتهم على المشاركة بقوة، ومنهم أسماء عيب على بلماضي اختيارهم منهم وناس وديلور وبلعمري، الذين أثبتوا أن اختيار المغمورين ليس بالضرورة خطأ لأن نظرة المدرب للمنافسة هي ما اقتضت اختيارهم.
الكثير من الوجوه الرياضية الجزائرية اعترفت بقدرة الناخب الوطني على تشكيل فريق قوي افتقدته الجزائر منذ سنوات كثيرة، لأن الجزائر لم تستطع خلال مناسبات قارية ودولية توفير تشكيلة بإمكانها أن تمثل الألوان الوطنية أحسن تمثيل.

تاريخ جديد
أكد أحد الوجوه الرياضية المعروفة في الجزائر الرئيس السابق لنادي أهلي برج بوعريريج صالح بودة لصحيفة «الوطن» السورية، أن الفريق الوطني حاضر وبكل قوة في النهائيات الإفريقية منذ بداياتها وأثنى على الدور الكبير الفعال للمدرب بلماضي الذي استطاع كتابة تاريخ جديد للكرة الجزائرية بعد التذبذبات مؤخراً، وقال بودة عن لقاء الغد: جاهزية الفريق النفسية أكبر سلاح سيلعب به وخاصة أن الكأس أصبحت في متناوله، وجل اللاعبين يعرفون قدر المسؤولية الملقاة على عاتقهم وهم في مستوى تطلعاتنا وآمالنا، وصرح اللاعبون للصحافة الجزائرية أن حلم الكأس على مقربة وتحقيقه يحتاج مزيداً من الجهد لإسعاد الملايين، كما صرح أندي ديلور لاعب مونبلييه الفرنسي أنه يحلم بزيارة الجزائر والتعرف عليها جيداً، لكن لا يريد أن يدخلها من دون الكأس القارية.

المدرب المحلي
الإعلامي الرياضي حسام بن عثمان قال لـ«الوطن» إن جاهزية الفريق قوية جداً لنيل الكأس وخاصة أن السينغال تعاني من بعض الإصابات، والجزائر هزمت السنغال في الدور الأول ما يعطي فريقها ثقة أكبر وفكرة جيدة عن طريقة لعب الخصم، مع عدم التغاضي عن قدرة الأسماء القوية الخبيرة، ما يجعل المأمورية صعبة، ولكن الآمال قوية لرسم النجمة الثانية على قميصه خلال90 دقيقة من اللعب الجاد، وإذا حقق بلماضي اللقب فسيغير نظرة المنظومة الكروية ليس فقط في الجزائر، بل في العالم العربي والإفريقي، والنظرة السابقة لاستقدام مدربين أجانب بحجة الخبرة ستزول، ويصبح المدرب المحلي هو الاختيار الأول.

40 مليون جزائري
ذكر وزير الشباب والرياضة الجزائري رؤوف برناوي في تصريح للإذاعة الوطنية الجزائرية أن 40 مليون جزائري يريدون الذهاب لمصر والعدد المقرر مع الحكومة هو 4800 مناصر، وأضاف: لا بلد مشاركاً قام بمبادرة مماثلة، ماعدا تونس التي خصصت أربع طائرات لكن بمبلغ قدره نحو ألف يورو، بينما قمنا نحن بتسهيلات بالتنسيق مع الممولين وكانت قيمة الرحلة 35 ألف دينار جزائري فقط، يدفعها الراغبون في التنقل لتشجيع المنتخب، وليس من خزينة الدولة، كما أكد أن الطائرات الـ28 ستتنقل من مطارات العاصمة، وهران، قسنطينة، إضافة إلى تمنراست وإيليزي، بسكرة، أدرار، تندوف، ورڤلة، بشار، واد سوف وغرداية، وتطرق الوزير لموضوع المناصرين الـ1200 الذين ضيعوا رحلات العودة عمدا لأجل المكوث بمصر قائلاً: سنعمل على إرجاعهم إلى أرض الوطن، وبخصوص الاحتفال في حالة الفوز كشف برناوي أن الجزائريين سيحتفلون في كل ربوع الوطن والاتحادية الجزائرية ستخصص ملعب 5 تموز بالعاصمة لاحتضان الاحتفالية.
ما حقيقة 6000 مناصر؟
تبقى الأرقام الرسمية مرجعاً أساسياً لعدد المناصرين الجزائريين الحاضرين في القاهرة لمناصرة الفريق الوطني، ولكن لأن الجزائريين لن يضيعوا فرصة التشجيع في مصر، فهناك أكثر من 3000 مناصر حسب التقدير الأولي للتنسيقية الوطنية للوكالات السياحية الجزائرية، قاموا بشراء تذاكر طيران للذهاب إلى مصر واستغنوا عن التذاكر الممنوحة من الحكومة والتي تقدر بـ35 ألف دينار جزائري، وتوجهوا للوكالات السياحية التي تخطت فيها سعر الرحلة 100 ألف دينار، والعدد الحقيقي المتوقع سيكون أكثر من 10000 مناصر، حسب تصريح خاص ليعقوب شيريفي، مدير وكالة أنوار الصباح السياحية، بقوله: الجزائريون معروفون بالتضامن والتآزر وحبهم لكل شيء جزائري، ومناسبة مماثلة لن يضيعها الجزائريون فهناك من استغنى عن إجازته الصيفية وتقدم لشراء تذاكر طيران.

أحداث أم درمان تمحوها الأخوة
المتتبعون كانوا يترقبون بتمعن وصول الجزائريين لمصر، لأن بعض الأحداث السابقة كانت من أسوأ الذكريات الكروية وتعود لمباراة الخضر مع الفراعنة في السودان 2009، والتي تأهل فيها الأخضر بهدف عنتر يحي إلى المونديال، وكانت تبعات إقصاء مصر وخيمة على الطرفين إعلامياً فأشعلت شرارة كره بينهما، إلا أن ما يلاحظ من الجزائريين في مصر يعكس صورة مغايرة تماما لما لقيه الجزائريون الآن من كرم ومحبة المصريين، وتعدى ذلك لتشجيع مناصري الفريقين للمنتخب المصري والجزائري، فبعد خروج مصر لم يترك فيها محبو الكرة المصريون مدرجات الملاعب بل كانوا حاضريين لمناصرة تونس والجزائر، وبعد خروج تونس المشرف لم يبق للمشجعين العرب إلا المنتخب الجزائري الذي شاهدنا في مباراته الأخيرة ضد نيجيريا وجود مشجعين مصريين ومغاربة ومن تونس أيضاً.
المناصرون الجزائريون ورغم أحداث أم درمان، إلا أنهم يدركون أن الشعب المصري أعظم من كل الفتن التي كانت توجه خصيصا لتشويه الجزائر وصنع شرخ كبير يفرق الإخوة والأشقاء، ومن المشاهد الطريفة التي تعكس روح المحبة بين الشعبين استضافة المصريين لبعض المناصرين في بيوتهم وأيضاً تقديم المناصرين لقمصانهم لبعض المشجعين المصريين، كما لم تخلُ عروض الزواج والأفراح من المشهد الرائع الذي سجلته شوارع مصر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن