قضايا وآراء

الكونغرس.. الرئيس.. الحرب

| دينا دخل الله

تحرش الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإيران قد يكون هدفه استدراجها إلى خطأ إستراتيجي بمهاجمة إحدى القطع البحرية الأميركية في الخليج فتكون هي البادئة بإشعال النار وليس أميركا. فمسألة إعلان الحرب متشابكة في النظام السياسي الأميركي. فهي من حيث المبدأ من صلاحيات الكونغرس ولا يستطيع الرئيس إعلان الحرب دون موافقة النواب والشيوخ.
الأسبوع الماضي ناقش الكونغرس هذه المسألة حيث أكد على الرئيس عدم إعلان الحرب على إيران دون موافقته، كي لا يقوم الرئيس بأي هجوم تحت ذريعة الدفاع فقط أو حماية الأمن القومي وليس إعلان حرب.
التجربة الأميركية تشير إلى أن هناك إمكانية كي يتلاعب الرئيس عملياً على الدستور ويورط الكونغرس بإعلان الحرب. أثناء الحرب العالمية الثانية كان الرئيس الديمقراطي فرانكلين روزفلت يميل إلى إعلان الحرب على ألمانيا واليابان دعماً لبريطانيا، لكن الكونغرس عندها كان متمسكاً بنظرية مونرو الانعزالية منذ بداية القرن التاسع عشر، وهي النظرية التي تفرض على الولايات المتحدة عدم التدخل بصراعات الدول الأوروبية. كان الرئيس بحاجة ليورط الكونغرس في الحرب. واليوم هناك شكوك كبيرة بأن روزفلت منع استخباراته من اطلاع الكونغرس على معلومات تقول بأن الطيران الياباني يخطط لهجوم كاسح على القاعدة البحرية الأميركية بيرل هاربور في جزيرة هاواي.
فعلاً، باغت الطيران الياباني القاعدة بهجوم شديد ودمرها في حين كان الجنود في عطلة والمناوبون منهم في استرخاء تام. كان الحدث مؤلماً فاضطر الكونغرس لإعلان الحرب على اليابان وبالتالي على كل دول المحور بما فيها ألمانيا. هكذا يكون روزفلت ورط الكونغرس، أما الضحية فهي قاعدة بيرل هاربور والجنود الذين فقدوا حياتهم، ناهيك عن البواخر الأميركية المدمرة.
فعلها أيضاً الرئيس الديمقراطي ليندون جونسون منتصف الستينيات حيث رفض الكونغرس إعلان الحرب على فيتنام الشمالية. وبما أنه القائد العام أمر جونسون إحدى قطع الأسطول السابع بالاقتراب من المياه الإقليمية لفيتنام فقام «الفييتكونغ»، أي «جبهة تحرير فيتنام» بقصف الباخرة الأميركية مما اضطر الكونغرس لإعلان الحرب.
عام 1973 قام الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون أيضاً بأعمال استخباراتية تخص قضايا تتعلق بالحرب من وراء ظهر الكونغرس. أخفى نيكسون عن إسرائيل معلومات مهمة عن حشد المصريين لجيشهم على الضفة الشرقية لقناة السويس، فباغت المصريون الإسرائيليين وهم في عيد «يوم الغفران»، وكان هدف نيكسون مزودجاً:
1- تحريك الصراع العربي الإسرائيلي للتوصل إلى معاهدة سلام بين إسرائيل ومصر.
2- رفع أسعار النفط للحصول على «البترودولار» تعويضاً عن خسائر أميركا في فيتنام، وقد حقق نيكسون الهدفين بامتياز أمام كونغرس حائر ومرتبك.
لذا ليس مهماً ما يفعله الكونغرس، وإنما ما يفعله الرئيس، وعلى الجميع أن يكون حذراً تجاه دفع ترامب الأمور إلى حافة الهاوية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن