ثقافة وفن

إطلاق فيلم «الاعتراف» بعد عامين على إنتاجه  … باسل الخطيب: تفاعل الإنسان السوري مع أحداث مأساوية في زمنين متقاربين

| وائل العدس- تصوير: طارق السعدوني

بحضور المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان، وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي والفنانين والصحفيين، أطلقت المؤسسة العامة للسينما العرض الأول والخاص بالفيلم الروائي الطويل «الاعتراف» للمخرج باسل الخطيب، وهو سادس أفلامه الروائية الطويلة بعد «مريم» و«الأب» و«الأم» و«سوريون» و«دمشق حلب».
كتب السيناريو باسل الخطيب وابنه مجيد، ومثّل فيه كل من غسان مسعود وديمة قندلفت وكندا حنا ومحمود نصر وروبين عيسى ووائل أبو غزالة وحسن دوبا وقمر مرتضى وسوزان سكاف ورنا العضم ويوسف مقبل وفؤاد وكيل وفارس ياغي وجمال شقير وعبد اللـه شيخ خميس ومحسن عباس ووائل شريفة وأسيمة أحمد وعلا سعيد إضافة إلى الأطفال ربيع جان ورند عباس وحسن رمضان وجواد السعيد.

قصة الفيلم
تدور أحداث الشريط السينمائي في زمنين، الأول مطلع ثمانينيات القرن الماضي الذي شهدت فيه سورية إرهاب التنظيمات التكفيرية «الإخوان المسلمين»، والثاني في 2016، الذي واجهت فيه البلاد جرائم هذه التنظيمات وقد اتخذت طابعاً أكثر وحشية وهمجية.
ولأن شخصيات الماضي كما شخصيات اليوم لا تختلف خياراتها في المواجهة وروح المبادرة التي اكتسبتها من بيئة إنسانية وأخلاقية مرتبطة بها، رغم تباين الأحداث والظروف التي تدفعها لذلك، فإنه توجد شخصيات في الفيلم تبحث في ماضيها وماضي عائلتها، وأخرى تعيش أزمة وجودية لارتباطها بزمن مأساوي غامض من ناحية، ومواجهتها ظروف الحرب الراهنة وتداعياتها من ناحية أخرى، ما يجعل المستقبل هو الآخر أكثر غموضاً.
كما يبحث الفيلم في مبدأ الانتماء، وإن كان ثمة جيل قد أخفق في الماضي إلى حد ما في تكريسها، إلا أنه يسعى اليوم للتأكيد عليها باعتبارها طوق نجاة من الدوامة التي تواجهه.

العائلة السينمائية
وفي كلمته قال مدير المؤسسة العامة للسينما مراد شاهين: «نفخر بانتماء المخرج باسل الخطيب إلى العائلة السينمائية السورية، هذه العائلة الصغيرة بحجمها والكبيرة بتاريخها وعراقة نتاجها والتي لطالما انصب اهتمامنا على حمايتها وتأمين كل أشكال الدعم والأسباب الموضوعية لاستمرار عطائها وتألقها ونجاحها، تلك الأسباب التي شكلت السعي الدائم للبحث عن دماء شابة أكاديمية موهوبة قادرة على التفرد في التعبير والإبداع من أهم واجباتها ومفرداتها لتكون بذلك قادرة على رعاية كل المبدعين السينمائيين السوريين وضمهم إلى كنفها».
وأضاف: لم يكن المبدعون متميزين في هذه العائلة لأنهم مخرجون فحسب، بل لأنهم استطاعوا الحصول على حبكم، والفوز بقلوبكم من خلال أعمال استطاعت أن تحاكيكم وتلمس أحاسيسكم وتترك أثراً طيباً في عقولكم، أعمال مثّلتهم وخاطبت المجتمع وهمومه، تبنتها لهم المؤسسة العامة للسينما وقدمت لإنتاجها كل التسهيلات كي ترى النور وتصبح حقيقةً واقعة فتحولت هذه العلاقة بينهم وبين المؤسسة إلى شراكةٍ حقيقية قائمة في جوهرها على الثقة المتبادلة والاحترام المتبادل، تلك العلاقة التي شكَّلت علامة فارقة بيننا، فكانت محط اهتمامٍ لنجومٍ كثر من عالم الفن، أثمر عنها أفلام كبيرة بقيت حية في ذاكرة ووجدان كلِّ السوريين منذ فترة التأسيس حتى يومنا هذا. لعب فيها العديد من النجوم السوريين أدواراً لا تنسى، شكلت محطة مهمة في تاريخ مسيرتهم الفنية والمهنية، واليوم إذ نفتتح عرضاً جديداً لفيلم جديد، يحمل توقيع المبدع باسل الخطيب الذي لطالما عودنا دائماً في جديده على كم كبير من التشويق والمشاعر والأحاسيس العميقة.
وأردف: يسعدنا أن يكون واحداً من أعمدة هذا العمل هذه المرة نجم سوري أصيل من النجوم الذين لطالما اشتاقت إليه السينما السورية، وآمنت به، نجم شكل على الدوام بقدراته وموهبته وثقافته حالة خاصة في عالم الفن السوري، استطاع من خلالها إلغاء الحدود من قاموسه والانطلاق نحو فضاء أوسع، يشرفنا أن يكون الكبير غسان مسعود اليوم إضافة لكل النجوم المشاركين في الفيلم شريكاً حقيقياً في هذا العمل الذي آمن به من اللحظة الأولى وحرص من خلال العمل الدؤوب والجدية في التعاطي والحرص الشديد أن يسخر كل أدواته المهنية لمصلحة العمل ونجاحه، كما يشرِّفنا دائماً أن تكون السينما السورية محط اهتمام ومحبة وثقة نجومنا الأحبة ونتمنى أن نشهد يوماً يكون فيه هذا الفن في أوج تألقه وازدهاره، وفي حال تطور دائم لنستطيع من خلاله العمل على تكوين ذاكرة المجتمع السوري وهويته الحضارية المعبرة عن أصالته وعمق ثقافته.

أسرة الفيلم
أشار مخرج الفيلم إلى أن مشاركة نجله مجيد بكتابة النص باعتبارهما ينتميان إلى جيلين وأسلوبين مختلفين في الكتابة ومن ثم سيؤدي إلى نتائج مختلفة.
وأكد أنه من خلال زمني الفيلم المتقاربين في أحداثهما المأساوية، يمكن أن نرى كيف تفاعل الإنسان السوري مع هذه الأحداث، بناء على مجموعة قيم أخلاقية معينة تحكم علاقته بالأشخاص الذين يعيش معهم، ومع الأحداث ذاتها.
وأوضح أن التأخر في عرض فيلم «الاعتراف» على الرغم من مرور نحو عامين على إنجازه، كان بسبب جهوزية فيلم «دمشق حلب» في ذات الوقت، فاختار تقديم تجربة مختلفة، مع الأستاذ دريد لحام، لحين أن جاء الوقت المناسب.
بدوره قال النجم العالمي غسان مسعود الذي يطل للمرة الأولى عبر السينما السورية: سعيد بأن تكون أولى تجربة سورية لي من خلال فيلم روائي طويل مع المخرج الصديق باسل الخطيب، وما أريد الإشارة إليه أننا قفزنا فوق العديد من المطبات كي نخرج بهذه التجربة، وخلال سنوات من الحرب أردنا أن نقول شيئاً ربما عن طريق الحب وربما شاركنا القدر في بناء المصير لهذا الفيلم.
وشدد على أن النص كان دافعاً أساسياً لمشاركته ضمن هذا الفيلم، واصفاً النص بالعميق والجدير، لافتاً إلى أن ما شده كفنان ليكون ضمن فريق الفيلم رغم كل العوائق هو الخروج بفيلم محترم يعيش ويوصل فكرة مميزة بالتعاون مع فريق عمل يعمل بشغف في هذه المرحلة والظروف الصعبة ليكون ما يتم تقديمه من فن يحمل صفة الفن المقاوم فضلاً عن دوره في تحريض الذوق العام للارتقاء.
أما روبين عيسى فقالت: إن تجربتي في هذا الفيلم مختلفة عن تجربتي في فيلم «الأب»، لأن فيها شيئاً جديداً أقدمه، ففي أول تجربة شعرت أنني محظوظة بتجربة الأستاذ أيمن زيدان، وفي هذا الفيلم محظوظة بمشاركة الأستاذ غسان مسعود الذي كان أستاذي في المعهد وقام بتخريجي، وسعيدة بوجود باقي الأساتذة.
ورأت أن العمل مع المخرج باسل الخطيب، يحفزك على أن تكون دائماً أمام مسؤولية، فكل شخصيات الفيلم عالمها الداخلي عميق جداً، وتتطلب عملاً على العالم الداخلي.
وقالت كندا حنا: إنني سعيدة جداً بهذه المشاركة، لم أركز على التفاصيل ولم أكن أعرف أحداث الفيلم بناءً على طلبي، ولكنني سلمت نفسي للمخرج باسل الخطيب ليدير شخصيتي كيفما يشأ.
ولفت وائل أبو غزالة إلى أن العمل في السينما يعتبر متعة كبيرة، لأن الممثل يتعلم شيئاً جديداً في كل لحظة، مشيراً إلى الشراكة الحقيقة مع المخرج، ومتمنياً تكرار التجربة في المرات المقبلة.
وشددت رنا العضم على أن التجربة كانت ممتعة ومشوقة، وتمنت تكرار هذه التجربة لأن السينما ذاكرة لا تموت، مضيفة إنها كانت واثقة من أن المخرج باسل الخطيب سيصنع بدعة فنية كما عودنا دائماً.
وأكد فارس ياغي أن وجوده للمرة الثالثة ضمن فريق عمل المخرج باسل الخطيب، يعد شيئاً مهماً جداً بالنسبة له ليكون قادراً على تقديم أدواته وطرحها بطريقة جديدة متنوعة ومكثفة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن