اقتل.. واشرب نخب القتيل
إسماعيل مروة :
اقتل! إن طريقتك في القتل تعجب المشاهدين! رمياً بالرصاص مرة، شنقاً مرة، قطعاً للرؤوس مرات، حرقاً مرة، بالخازوق مرات! اقتل فأنت وكيل الإله، عذّب، دعه يستغث طويلاً، وما من مجيب، فلا الإله سيقوم بإنقاذه مهما استنجد به واستغاث، ولا روحك تشعر أو تحس، الاستمتاع بالقتل يمنعك من سماع استغاثاته! اقتل، اجمع الجثث المتراكمة فوق بعضها، ليست أكثر من كتل من اللحم المكوم!
اقتل طفلاً قد يكون مخترعاً! جزّ رقبة عالم عليه سيكون الغد! اقطع أصابع كهل رسم أهم اللوحات التي تعبر عنك وعن أبيك، اقطع لسانه قبل أن تقتله، فهذا اللسان ردد كثيراً موطني وحماة الديار وسورية يا حبيبتي! إنه يستحق القتل، لم يغير أغنيته، لم يسبح بحمدك بكرة وعشية!
اقتل، كلما قتلت اقتربت منك الشيخوخة، وأنت لا تدري، غرّتك قوتك والقتيل مربوط إلى زاوية لا عشب فيها ولا ماء، عندما يصرخ عطشاً انجده ببولك المالح، غداً لا تعيه، لا تعرفه، لست على إيمان بقدرة المرآة على نقل الصورة، قف أمامها، ارقب خطوط الطول والعرض في وجهك، تمعّن في التجاعيد والتهدلات، وأنت احلق لحيتك لتقف على حقيقة الهرم الذي يقترب منك ولا تدري خاتمته!
اقتل فالقتل تسلية لا جريمة، رسالة أرسلك الرب لفعلها، أنت أدرى بما يريد الرب، فقد خشي الرب أن يكون الطفل عالماً بالذرة أو البارود، لذلك كان لابد من قتله حتى لا يؤذي الناس، قد يعق أبويه الصالحين، لذلك يجب أن يقتل، قد يخرج على تعاليم الرب ويصبح ملحداً، لذلك أرسلك الرب لقتله، وإراحة الأرض من ملحد جديد!
لا تكترث لمشاهد الشاشة، إنها تضخم، لم تعرف الشاشة أنك تنفذ أمر الرب، لم تعرف أنك مللت ويجب أن تتسلى، لا تهتم لكلمة تقال، فكاتبها رجل مريض ضعيف القلب، مهمته الثرثرة، والقصائد التي نظمها الشعراء في تمجيد الإنسان تدل على جهلهم بمن أرسل الرب إلى الأرض من طغاة وشريرين محتملين!
اقتلهم جميعاً، فقد يصبحون بنائين، قد يبنون مدائن للتاريخ، قد ينحتون أصناماً قطعنا قروناً ونحن نتخلص منها، أزل الأعمدة، دمّر المعابد، كلها إشراك بألوهتك، عفواً بألوهة الرب الذي اصطفاك..!
الماء نادر فاشرب دماً يا هذا
العواس نادر وغال، كل دم هذا المارق ولحمه، كل لحمه وغمّس بدمه
اغتصبها، ليست أمك وإن نزلت من رحمها
ليست أختك وإن شاركتك الرحم
اغتصب، استمتع
لا وجود لضوء يفضح استمتاعك واستمتاعها
لا كهرباء تنير قذارة الوجه وتجاعيده
افعل ما يحلو لك، لا أحد يراك، الكل عاجز عن رؤيتك!
خذ ما تشاء من مال وثروة، فكل ما في الصندوق لك
اسرق، ليست سرقة هذه الفعلة، إنك تأخذ من حقك، اشتر بالمال باروداً لتهدم معبداً، لتقتل إنساناً أمرك الرب بقتله، خذ المال اشتر به نبيذاً من دم المارق، اشتر شراباً، اشتر مخدراً، استأجر به غانيات صرن على قارعة الطريق!
أسعار الغانيات قليلة، لم يعد لهن من سند أو معيل أو عمل، لا تكترث إن كانت أختك بيد النخاس فقد مات زوجها الذي قتلته، وابنها الذي صلبته، وفقدت عملها بعد أن هدمت المقر،
اشترها من النخاس
ضاجعها أنت، اغتصبها، أنت أولى بها
لقد تعبت في تنشئتها، وآن لها أن تعود إليك
افعل ما تشاء، فالتجاعيد اقتربت أكثر، وقد لا تمنحك فرصة جديدة.