سورية

الهلال: ارتقت في البعد الإنساني إلى مستوى تجاوز البعد السياسي … «حزب البعث» يقيم احتفالاً مهيباً بدمشق بمناسبة الذكرى الـ75 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين سورية وروسيا … المقداد: «إستراتيجية قولاً وفعلاً».. ويفيموف: روسيا لا تترك أصدقاءها أبداً في وقت المصائب

| مازن جبور

خلال حفل استقبال مهيب، أقامته القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، أمس، بمناسبة الذكرى الـ75 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين سورية وروسيا، أكد خلاله الأمين العام المساعد للحزب هلال الهلال، أن العلاقة بين سورية وروسيا ليست علاقة عادية على الإطلاق فهي ارتقت في البعد الإنساني إلى مستوى تجاوز البعد السياسي، على حين وصف نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد، العلاقات بين البلدين بأنها «إستراتيجية قولاً وفعلاً»، في وقت اعتبر السفير الروسي لدى دمشق، الكسندر يفيموف أن الطبيعة الحقيقية للعلاقات الروسية السورية ظهرت بشكل واضح جداً عندما وجدت سورية نفسها وجهاً لوجه مع التهديد الإرهابي، مشدداً على أن روسيا «لا تترك أصدقاءها أبداً في وقت المصائب».
وحضر الحفل الاستقبال الحاشد الذي أقيم في فندق داما روز وسط دمشق، كل من الأمين العام المساعد لحزب البعث، وعدد من أعضاء القيادة المركزية للحزب، ورئيسا مجلس الشعب حمودة الصباغ، ومجلس الوزراء عماد خميس، ونائب رئيس الجبهة الوطنية التقدمية اللواء محمد إبراهيم الشعار، ووزراء الدفاع والنفط والثروة المعدنية والإدارة المحلية والتجارة الداخلية وحماية المستهلك والتنمية الإدارية والنقل والموارد المائية والصحة، ونائب وزير الخارجية والمغتربين، فيصل المقداد، إضافة إلى عدد من أعضاء مجلس الشعب وعدد من ضباط القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة، وحشد من الشخصيات السورية.
كما حضر الحفل سفير روسيا الاتحادية بدمشق، وعدد من أفراد البعثة الدبلوماسية الروسية، وضباط الجيش الروسي، إضافة إلى عدد من سفراء الدول العربية والأجنبية وأعضاء في البعثات الدبلوماسية في سورية.

روسيا أول من أسس تأسيساً صحيحاً للمنطقة

في كلمة له خلال الاحتفال نقل الأمين العام المساعد لحزب البعث إلى الحضور تحية ومحبة الرئيس الأسد ومن ثم تحدث عن تاريخ تطور العلاقات السورية الروسية، لافتاً إلى أنه اليوم وفي هذه الحرب الكونية التي نخوضها معاً ارتقت العلاقة بين البلدين إلى مصافي «الأشقاء».
وأوضح «نحن نخوض هذه الحرب معاً. حرب ضروس لم يرى لها التاريخ مثالاً على الإطلاق نخوضها بكل إباء بكل قوة وبشجاعة لننطلق ولنلقن هؤلاء المجرمين أن التعاون والمحبة والصداقة الحقيقية التي تؤسس تأسيساً صحيحاً تؤتي أكلها بكل قوة وبسالة»، مؤكداً أن هذه الحرب الضروس تجر أذيال الهزيمة والخزي.
ولفت إلى أن فترة العلاقة بين البلدين «هي فترة ليست بسيطة على الإطلاق لكنها كانت دائماً متقدة تسير بخطا ثابتة وتنتقل بقوة من مرحلة إلى مرحلة بثبات ورغم تبدل كل الظروف كانت هذه العلاقة دائماً في حالة تقدم دائم نحو الأفضل ونحو مكانة أعلى وهذا إن دل على شيء يدل على أن الشعبين في كلا البلدين مؤمنين بهذه العلاقة الحميمية حقاً».
وأضاف: «الآن إذا قلنا إن العلاقة بين سورية وروسيا ليست علاقة عادية على الإطلاق، فقد ارتقت في البعد الإنساني إلى مستوى تجاوز البعد السياسي من الصداقة المشتركة المبنية على أسس متينة جداً»، لافتاً إلى أن هذه العلاقة استندت إلى موروث كبير من الثقافة والتاريخ «وهنا يكمن سر هذه العلاقات وسموها الذي نراه».
وبعد أن تحدث الهلال عن الدعم الذي قدمه الأصدقاء الروس لسورية في حرب تشرين التحريرية وبالتالي كان النصر فيها وشركاؤنا الحقيقيون فيه هم أصدقاؤنا الروس، لفت إلى أن الأصدقاء الروس ما زالوا يقدمون دعمهم لكن تحت ظل قيادة القائدين العظيمين بشار الأسد وفلاديمير بوتين.
وقال: «هذا التعاون يؤتي نتائج. يؤتي أكله. يؤتي ثماره. البعض ربما بلحظة من اللحظات يعتبرها حرباً عادية وأنتم تدركون أنها حرب لا مثيل لها على الإطلاق.. لذلك فهذا الانتصار الذي يتحقق اليوم في كل بقعة من بقاع الوطن هو ليس انتصاراً لسورية فقط هو انتصار للإنسانية انتصار لكل شرفاء الأمة انتصار للعالم».
وشدد الهلال على أن روسيا هي أول من أسس تأسيساً صحيحاً للمنطقة وبعيداً عن المصالح الشخصية»، مضيفاً: «لذلك نقول دائماً وأبداً إننا في محور الحق، محور الصدق».
وشدد الهلال على أن «كل ذرة تراب سوف تعود إلى أرض الوطن بكل الوسائل إما حرباً أو سلماً وبالتالي سورية سوف تبقى كما هي، أما المراهنون على أعداء الأمة فنقول لهم أنتم واهمون عودوا إلى حضن الوطن عودوا إلى سوريتكم لأنه لن يحميكم سوى سورية ولن يحميكم سوى هذا الوطن وبالتالي في أول مفترق طرق سوف يبيعونكم في سوق النخاسة وهذا ما عملوه سابقاً كثيراً وبالتالي لا تراهنوا عليهم».

مثال يحتذى به في العلاقات الدولية

بدوره نائب وزير الخارجية والمغتربين، وفي كلمة له خلال الحفل أكد المقداد أن العلاقات بين بلدينا «علاقات إستراتيجية ومميزة منذ قدم التاريخ وفي ظل مختلف الحكومات والأنظمة السياسية سواء الروسية منها أو في إطار الاتحاد السوفييتي».
وقال: يشرفنا أن نكون شهوداً عليها وهي ترى مزيداً من التعمق والثبات بقيادة الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية والرئيس فلاديمير بوتين رئيس الاتحاد الروسي، حيث أصبحت علاقات إستراتيجية قولاً وفعلاً وتجسدت بامتزاج دماء شهدائنا السوريين والروس في معارك البطولة والشرف والكرامة في حربنا المشتركة على الإرهاب الدولي».
وأشار المقداد إلى أن سورية والاتحاد الروسي بقيادة الرئيسين الأسد وبوتين يسطران سفراً سيسجله التاريخ بحروف من الذهب لأن العلاقات التي تم بناؤها ستصبح مثالاً يحتذى به في العلاقات الدولية، وستظهر أن هذا التحالف بين بلدينا سيفجر طاقات جديدة لدى شعوب العالم التي أصبحت تنظر إلى هذه العلاقات على أنها مثالاً للهدف المنشود وبديلاً لا غنى عنه لشعوب العالم للحفاظ على استقلالها وسيادتها، وللدفاع عن مبادئ العدل والسلام والمساواة والقانون.
وأكد المقداد أن العلاقات الدبلوماسية التي نشأت بين بلدينا في رحم الانتصارات التي حققها الجيش السوفييتي في الحرب العالمية الثانية على النازية وأدواتها تؤكد أن وقوفنا المشترك الآن ضد النازية الجديدة التي تمثلها داعش وجبهة النصرة ومن يدعمهما من إرهابيين في الولايات المتحدة وأوروبا توحدنا دائماً عبر الأزمنة وفي الظروف الصعبة، وتثبت مرة أخرى أن الصداقة لا تقوم فقط على المصالح المشتركة، ولا تقوم فقط على المبادئ الانتهازية، ولا تقوم فقط على خدمة مصالح مؤقتة زائلة بل إن الصداقة الحقيقية هي التي تستمر وتترسخ طيلة العصور والأزمنة ولا تخضع للتقلبات السياسية وللضغوط الرخيصة التي نراها تتراكم في علاقات الولايات المتحدة الأميركية مع حلفائها الذين لا تستخدمهم إلا لابتزاز أموالهم وسرقة شعوبهم.
وأكد المقداد، أن الأوساط التي يعرفها كل العالم تحاول بدعمها للإرهابيين والقتلة إطالة الحرب الإرهابية على سورية خاصة بعد فشلها وفشل أدواتها من الإرهابيين والقتلة في تحقيق أي شيء يذكر في حربهم على سورية وذلك نتيجة لالتفاف الشعب السوري حول قائده الرئيس الأسد وصمود جيش سورية الأبي والعصي على الإرهاب في وجه هذه المؤامرة التي لم تشهد سورية والعالم لها مثيلاً لها، مشيراً إلى أنهم قد فشلوا وفشلت في مقدمتهم «إسرائيل» التي قادت الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها الغربيين في هذه الحرب المدمرة على سورية.
ووجه المقداد رسالة واضحة لا لبس فيها إلى كل من تسول له نفسه بالاستمرار في خدمة أهداف «إسرائيل» في شمال شرق سورية وفي إدلب بأن يتوقف قبل فوات الأوان، فسورية رقم صعب عصي على الأعداء كما هو عصي على التقسيم والنهب.
وأضاف: «لن أدع هذه المناسبة تمرّ دون التوجه إلى أبطال الجيش الروسي وقيادتهم بالامتنان والاعتراف بتفانيهم في مشاركتنا في الانتصارات التي حققناها وكذلك في الانتصارات القادمة التي سنضع من خلالها نهاية للإرهاب ولأحلام الإرهابيين ومن دعمهم ومازال يدعمهم».
واختتم المقداد بالقول: إن مرور خمسة وسبعين عاماً على العلاقة الإستراتيجية بين سورية والاتحاد الروسي والتي نجحت بامتياز في امتحانات الزمن وأفشلت كل خطط من اعتقد أن استعماره لسورية ولغيرها من الدول العربية سيستمر إلى الأبد هي علاقة لن نسمح لأحد بأن يمسها».

صمدت في اختبار الزمن

من جانبه قال السفير الروسي لدى سورية في كلمة له إنه و«إذا التفتنا إلى التاريخ يمكننا أن نتأكد أن السنوات الماضية لم تفت دون جدوى، فقد صمد التعاون الروسي السوري في اختبار الزمن وما زال يتمتع بالمقدرة الضخمة للاستفادة منها في التطور اللاحق لمصلحة دولتينا وشعبينا».
وأوضح السفير الروسي أن سورية كانت ولا تزال أحد أهم الشركاء والحلفاء لروسيا في منطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن موسكو قدمت دعمها لسورية بشكل دائم في أصعب لحظات تاريخها.
وأوضح أنه في القرن الحادي والعشرين ربطت روسيا وسورية علاقات تعتمد على التفاهم والثقة، مشيراً إلى التنسيق الوثيق القائم بين الدبلوماسيين الروس والسوريين بغية الدفاع عن مصالح بلدينا في المحافل الدولية المختلفة وقبل كل شيء في الأمم المتحدة.
ولفت إلى أن الطبيعة الحقيقية للعلاقات الروسية السورية ظهرت بشكل واضح جداً عندما وجدت سورية نفسها وجهاً لوجه مع التهديد الإرهابي البغيض وحاربت للحفاظ على سيادتها، في حين خان سورية الكثيرون من هؤلاء الذين سبقوا أن لقبوا أنفسهم أصدقاء للشعب السوري.
وشدد السفير الروسي على أن روسيا «لا تترك» أصدقاءها أبداً في وقت المصائب، وقد سمح الدعم الروسي الحاسم للسلطات السورية الشرعية أن تُحرز الانعطاف في الحرب على الإرهاب وأن تكسر شوكة قوة الإرهابيين الرئيسية وأن تبدأ في إعادة الحياة السلمية في الجزء الأكبر للبلاد.
ولفت إلى أن روسيا تشارك بنشاط في إيجاد سبل التوصل إلى المصالحة السورية المستدامة، لكن من غير المرجح إنجازها ما دام الوجود العسكري الأجنبي غير الشرعي مستمراً في الأراضي السورية وطالما بقيت فيها الجيوب التي تسيطر عليها القوى المدعومة من الخارج والمعادية للدولة السورية وشعبها.
وختم السفير الروسي بالقول: «اليوم يقول الأصدقاء السوريون إن بلدينا ليسا شريكين فحسب بل هما فريق واحد ويسعدني أن أؤكد أن هذا الكلام صحيح مئة بالمئة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن