سورية

ملامح تفاهم روسي – أميركي لمحاربة الإرهاب.. وتحول في الموقف الأميركي من الأزمة السورية

وكالات :

كشفت التطورات الأخيرة عما يمكن اعتباره ملامح لتوافق روسي – أميركي على توحيد الجهود، لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي في ما يبدو أشبه بتأييد أميركي لطرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتشكيل تحالف دولي إقليمي لمكافحة الإرهاب، ما يشير إلى أن منبر الجمعية العمومية وأروقتها ستكون هي الساحة الحقيقية لإظهار شكل هذا التوافق والتنسيق للعلن عبر قمة بين الرئيسين باراك أوباما ونظيره الروسي.
وكشف السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين أن الرئيس بوتين سيعلن خلال خطاب في مقر الأمم المتحدة في 28 أيلول عن مبادرة لحل الأزمة في سورية ومواجهة الإرهاب خلال افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة في 28 أيلول الجاري.
وحسب زاسبكين تتكون المبادرة وهي نتيجة للمشاورات التي أجرتها موسكو مع الدول الفاعلة والمؤثرة في الساحة السورية من ثلاث مراحل، الأولى بحسب موقع قناة «روسيا اليوم»: تنص على ضرورة توحيد جميع الأطراف لضرب تنظيم داعش في سورية تحضيراً للاتفاق السياسي لحل الأزمة، والثانية على المستوى الخارجي تدعو القوى الإقليمية والدولية المؤثرة للضغط على المجموعات المسلحة من أجل القبول بالحل السياسي في حين تقتضي الثالثة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لوقف تمويل المجموعات المسلحة ومنع عبور المسلحين عبر حدود الدول المجاورة لسورية.
وأشار زاسبكين إلى أن موسكو ستقدم أيضاً «مبادرة بوتين لتشكيل جبهة لمواجهة الإرهاب تشمل جميع الأطراف الإقليمية بما فيها دول الخليج خلال اجتماع مجلس الأمن على المستوى الوزاري الذي تترأسه روسيا في 30 الشهر الجاري».
بدروه قال نائب وزير الخارجية غينادي غاتيلوف: إن موسكو لا تستبعد عقد لقاء بين الوزير سيرغي لافروف والمبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا على هامش جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكنه بين أن هذا اللقاء لم يدرج بعد في جدول أعمال لافروف.
بدوره أكد زاسبيكين أن بلاده تعمل على إنشاء تحالف حقيقي عريض لمحاربة الإرهاب تكون قاعدته الدول المتضررة منه والتي تحاربه فعلاً وكل من يريد فعلاً المشاركة في محاربته، مشيراً إلى أن بلاده تدعو إلى أن تكون مكافحة الإرهاب أولوية بعد أن اعترف الجميع بأن محاربته هي الهدف الأساسي.
وقال زاسبيكين في حديث تلفزيوني لقناة «إن بي إن» اللبنانية: «إن الجيش العربي السوري يقوم اليوم بمحاربة الإرهاب على كل الأراضي السورية، وإذا تقدمت سورية بأي طلب للمساعدة من روسيا فسيدرس الطلب»، موضحاً أن روسيا تعتبر جميع التنظيمات بما فيها جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة الإرهابي في سورية.
وأضاف: «إن روسيا ليست بحاجة إلى الإذن من دولة أو دول من أجل القيام بخطوات في سورية لمحاربة الإرهاب لأن كل شيء يتم بالتنسيق مع السلطات السورية الشرعية وفق الشرعية الدولية»، لافتاً إلى أن عدد الخبراء الروس في سورية قليل جداً بالمقارنة مع عدد الخبراء الأميركيين في المنطقة.
وقال زاسبيكين: «نحن ضد ازدواجية المعايير بالنسبة إلى الوجود العسكري في المنطقة بين روسيا وأميركا»، مشيراً إلى أنه عندما تم تداول أخبار عن النشاط العسكري الروسي في سورية كان هناك تضخيم كبير، لافتاً إلى أن المحادثات بين وزيري الدفاع في أميركا وروسيا «شيء إيجابي».
وأوضح، أن هناك تأكيداً على إعطاء الأولوية لمكافحة الإرهاب الأمر الذي قد يشجع على البحث عن التسوية السياسية للأزمة في سورية، وقال: «إن أي تحالف لمكافحة الإرهاب تحت قيادة أي دولة لديها مصالح خاصة لن يؤدي إلى نتيجة ولابد أن يكون تحت رعاية الأمم المتحدة».
وسبق لوزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم أن قال عبر لقاء عبر قناة الإخبارية السوري الخميس: إن سورية قد تطلب قوات روسية لتقاتل إلى جانب قواتها عند الضرورة، نافياً أي وجود قوات مقاتلة في سورية حالياً.
وأكد المعلم، أنه ليس هناك قتال مشترك على الأرض مع القوات الروسية لكن إذا دعت الحاجة فإن دمشق ستدرس الأمر وتطلب ذلك.
وفي هذا الإطار خرجت العديد من المواقف والتصريحات الأميركية المدللة على بوادر التوافق الروسي – الأميركي، فقد خرج وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالأمس ليشدد على ضرورة الاستئناف العاجل لجهود البحث عن تسوية سياسية في سورية.
وقال كيري في ختام مباحثاته مع نظيره البريطاني في لندن: إن روسيا وإيران يمكنهما أن تساعدا في مسألة مشاركة الرئيس بشار الأسد في المفاوضات بشأن التسوية السلمية في البلاد.
وفيما يمكن اعتباره تحولاً كبيراً في المواقف الأميركية، جدد كيري موقف بلاده القائل: إنه «لا مستقبل للرئيس الأسد في سورية، إلا أنه أضاف إن رحيله ليس بالضرورة فورياً».
وقال: «إن الصراع في سورية طال أكثر مما يجب، وإن الوقت قد حان للبحث عن سبل لإنهاء الحرب الدائرة منذ أربع سنوات ووضع حد لأزمة اللجوء التي تزداد تفاقماً».
وأكد كيري في أول يوم من محادثاته في أوروبا، أن محادثات عسكرية مبدئية بين الولايات المتحدة وروسيا جرت يوم الجمعة عبر الهاتف تمثل بدايةً مهمة لتجنب صدام بين البلدين في سورية.
فالجمعة أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية ايغور كوناشينكوف، أن وزيرا الدفاع الروسي سيرغي شويغو والأميركي أشتون كارتر أشارا إلى تقارب أو تطابق وجهات النظر بين البلدين بشأن الوضع في الشرق الأوسط.
وأضاف: «مجرى الحديث أظهر أن وجهات نظر الطرفين متقاربة أو متطابقة في أغلبية القضايا التي قيد النظر». واستمر الاتصال لمدة ساعة وفق وكالة سبوتنيك، ناقش الوزيران خلاله الوضع في الشرق الأوسط بشكل عام، وسورية والعراق بشكل خاص.
وأفاد بيان وزارة الدفاع الروسية أنه «تبين خلال الاتصال تقارب أو تطابق الآراء في معظم القضايا المطروحة».
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أن كارتر وشويغو بحثا «آليات تخفيف حدة النزاع في سورية»، حسب ما نقلته وكالة «رويترز».
وأشار البنتاغون إلى أن كارتر أبلغ نظيره الروسي أن المحادثات في المستقبل ستجري بالتوازي مع «محادثات دبلوماسية تضمن الانتقال السياسي في سورية»، مضيفاً: إن كارتر «أشار إلى أن هزيمة داعش وضمان (حدوث) عملية انتقال سياسية (للسلطة) هما هدفان يجب السعي لتحقيقهما في نفس الوقت». وذكر البنتاغون أن المرة الأخيرة التي تحدث فيها وزير دفاع أميركي مع شويغو كانت في آب 2014 حين كان تشاك هاغل لا يزال في منصبه.
كما تعد هذه المحادثات بين وزيري الدفاع أول محاولة للبحث عن سبل لتجنب أي مواجهة عسكرية غير مقصودة في سورية.
إلى ذلك، قال كيري لمحطة «تشانل 4 الإخبارية» البريطانية: «وصلنا جميعاً لقناعة.. هذا الصراع طال لأكثر مما يجب. ومن ثم نحن نحتاج لاكتساب مهارات جديدة وتقييم الوضع وهذا بالضبط ما نقوم به. هذا هو أحد أسباب وجودنا في أوروبا الآن».
وإضافة للقاء نظيره البريطاني، التقى كيري بوزير الخارجية الإماراتي عبد اللـه بن زايد آل نهيان في لندن، قبل أن يذهب إلى برلين اليوم الأحد.
وقبيل لقاء الوزير الإماراتي قال كيري للصحفيين: إن الرئيس باراك أوباما يأمل في أن تؤدي المحادثات العسكرية إلى «تحديد عدد من الخيارات المختلفة المتاحة أمامنا لدراسة الخطوات التالية في سورية».
وأوضح كيري للصحفيين، «تركيزنا لا يزال منصباً على تدمير داعش وكذلك على التوصل لتسوية سياسية بخصوص سورية».
وفي هذا الإطار، نقلت وكالة «آكي» الإيطالية عن مصادر وصفتها بالمقربة من حزب اللـه أن هناك تحركاً صينياً عسكرياً على خط الأزمة في سورية، وأشارت إلى أن هذا التحرك يتزامن مع آخر تقوم به روسيا في سورية.
ووفق المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها لوكالة (آكي)، فإن هذا التحرك «ليس هامشياً»، وأشارت إلى أنه سيتضح خلال فترة قريبة.
وقالت «آكي»: إنه من الصعب التحقق من دقة المعلومات، لكن يبدو أنه يسير في ذات السياق الذي يدلل على صيغة جديدة لتحالف دولي ضد الإرهاب قد ترى النور قريباً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن