سورية

أعرب عن رغبة بلاده باستعادة التبادل التجاري بين البلدين إلى ما كان عليه وتطويره … السفير بوشه لـ«الوطن»: الجزائر مستعدة للمساهمة في إعمار سورية

| مازن جبور

أكد سفير الجزائر لدى دمشق، صالح بوشه، وقوف بلاده إلى جانب سورية ضد أي تعد أو خطر داهم على وحدتها وشعبها وأرضها، مشدداً على أن كل وجود غير شرعي على الأرض السورية يجب أن ينتهي.
وفي مقابلة خص بها «الوطن» أكد بوشه استعداد الجزائر بما لديها من إمكانيات للمساهمة في إعادة إعمار سورية، معرباً عن رغبة بلاده وطموحها لاستعادة التبادل التجاري مع سورية إلى ما كان عليه قبل الأزمة وتطويره.
وفيما يلي نص المقابلة:
بعد انقطاع لسنوات عديدة بسبب الحرب على سورية استعاد معرض دمشق الدولي نشاطه، كيف ستكون مشاركة الجزائر في الدورة 61 من معرض دمشق الدولي؟
أولا نحرص أن تكون العلاقات الجزائرية السورية جيدة وتتطور قدر المستطاع بما يفيد الشعبين الشقيقين، ونحرص على أن تكون الجزائر موجودة في معرض دمشق الدولي بدورته الـ61 التي تأتي بعد انطلاق عملية إعادة الإعمار واستعادة الاقتصاد السوري عافيته، وأبلغنا الجهات السورية المعنية أن الجزائر ستشارك في هذه الدورة من المعرض، كما نشارك بشكل دائم، خاصة أن سورية تشارك بشكل دوري ونظامي في معرض الجزائر الدولي.
طبعاً المشاركة في المعرض تعني تكثيف التواصل على المستوى الاقتصادي والتجاري والبحث عن فرص شراكة تخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، ومشاركتنا لهذه السنة ستكون جيدة، فهناك أربع مجموعات أعلنت مشاركتها في الدورة الـ61، وهي مجموعة الصناعات المحلية الجزائرية التي تنتج غذائيات وكهربائيات والكترونيات، والمجموعة الجزائرية للآليات وهي تنتج الماكينات الزراعية من جرارات وحصادات وصهاريج تخزين المياه إلى كل وسائل الحرث وغيرها، ونعلم أنه في سورية زراعة جيدة وأن هناك رغبة باستعادة تنشيط القطاع الزراعي بكل مكوناته ولنا في الجزائر الاهتمام ذاته، ونرغب بتعريف الزبون السوري والشركاء السوريين من قطاع خاص وقطاع عام بهذه المنتوجات ونبدأ بالبحث عن فرص شراكة لتصدير هذه الآلات.
المجموعة الثالثة، هي في المجال الكهربائي ولدى شركاتنا خبرة جيدة في ما يسمى بالكهرباء الريفية من مد الكابلات الى التركيب والاستهلاك والتنظيم وكل ما يتصل بذلك، والمجموعة الرابعة، وهي شركة الفورفيال التي تنتج العربات والقاطرات الخاصة بالقطارات، ورغبتنا كبيرة بأن تفتح السوق السورية لهذه الشركات وأن تعرف بنفسها وتصدر منتوجاتها.
لاحظنا من خلال طبيعة المشاركة الجزائرية في الدورة الـ61 لمعرض دمشق الدولي، أنه لا يوجد شركات ذات علاقة مباشرة بعملية إعادة الإعمار من شركات بناء وغيرها؟
المشاركة الجزائرية شاملة وتحت إشراف وزارة التجارة الجزائرية، والمعرض ما هو إلا حلقة من حلقات التعاون ومحطة مهمة في طريق الاقتصاد والتجارة، ولا يستبعد أن يكون من ضمن الوفد الجزائري مشاركون من قطاع البناء، ولا يوجد ما يمنع أن يكون هناك في المستقبل تواصل سوري جزائري في قطاع البناء.
كيف تنظر الجزائر لدورها في عملية إعادة إعمار سورية؟
نحن نبحث عن فرص الشراكة التي نستطيع أن ننفذها وتفيد البلد الشقيق سورية، ونحن جد سعداء بأن تستعيد سورية عافيتها بعد الأزمة التي مرت بها طوال سبع السسنوات الماضية ونحيي الشعب السوري وقيادته وكل العوامل التي ساعدت على أن تبقى سورية صامدة وأن تحفظ سيادتها ووحدة ترابها وشعبها، والموقف الجزائري كان مسانداً لسورية منذ بدء الأزمة، وكنا ضد أي عسكرة لها، وضد التدخل الخارجي وضد مقاطعتها، أو فرض عقوبات عليها، وموقف الجزائر في ذلك واضح على المستوى العربي والإقليمي والدولي، والدليل أن البعثة الجزائرية في دمشق لم تنقطع أو تغلق أبوابها طول الأزمة، كما كان لدينا تواصل دبلوماسي واقتصادي وبرلماني، ونحن لن نكون سعداء إلا باستعادة سورية لعافيتها والبدء بعملية إعادة الإعمار التي نراها جزءاً من سيادة واستقلال سورية، فمن دون الاقتصاد والتنمية يمكن لآثار الأزمة أن تستمر، فالاقتصاد يستطيع أن يستوعب كل المعادلة الاجتماعية والإنسانية والبشرية ويعيد لسورية دورها الطبيعي سواء على المستوى الإقليمي أم الدولي.
هل يمكن القول إن الجزائر مستعدة بما لديها من إمكانيات للمساهمة في إعادة إعمار سورية؟
نعم، نحن عندما نتكلم عن إعادة الإعمار فهذا يعني أننا نتكلم عن جزء مهم من حياة البلد وهو الشق الاقتصادي والمالي والتجاري، وعندما تكون الإرادة السياسية متوافرة والعلاقات جيدة بين البلدين هذا ينعكس آلياً على جميع المشاريع المطروحة ويبقى تنفيذها وبحثها والتفاوض بشأنها، والجزائر منذ البداية كانت تقف إلى جانب سورية لاستعادة عافيتها وتطوير البنية الاقتصادية والاجتماعية، وكان لدينا قبل الأزمة حجم تبادل تجاري يقارب 600 مليون دولار وكانت سورية تقريبا الشريك التجاري الأول على مستوى المشرق العربي للجزائر، ورغبتنا وطموحاتنا هو استعادة هذا الرقم بل وزيادته، والدولتان الجزائرية والسورية تعطيان الفرصة والمناخ اللازم من خلال التشريعات والبروتوكولات والأطر القانونية كإلغاء الازدواج الضريبي وغيرها، كل هذه عوامل مساعدة لإنجاح دور الجزائر أو وجودها في عملية إعادة الإعمار، لكن لا يمكن الحديث عن تفاصيل جزئية فيما يخص عملية إعادة الإعمار.
انتقلت دول العدوان على سورية من العسكرة إلى الحرب الاقتصادية والحصار الاقتصادي، كيف يمكن أن تساعد الجزائر سورية لكسر هذا الحصار؟
الجزائر موجودة في مجموعة الدول الداعمة لسورية تحت إشراف الأمم المتحدة فيما يتعلق بمسار جنيف لحل الأزمة السورية منذ العام 2015، ومن خلال هذا الوجود دائماً دفعنا وسعينا لدعم سورية، وهذا يعني العمل على رفع العقوبات عنها، ونعلم أن العقوبات الأحادية الأوروبية أو غيرها تمس المواطن السوري وتعوقه في بناء قدراته وحياته، لذلك نحن نرى أن هذه الطريقة في التعامل مع سورية خاطئة، وليست سليمة، إضافة إلى ما سبق، على المستوى العربي أو الإقليمي تربطنا علاقات مع سورية، وهي مستمرة في القطاعات التي ننفذها مثل حركة الطيران.
حجم التبادل التجاري انخفض بسبب الظروف التي عاشتها سورية بما في ذلك الحصار، لكن نحن الآن مطمئنون إلى استعادة سورية عافيتها على المستوى العسكري واستعادتها لسيادتها على ترابها بشكل شبه كامل، وبقية بعض النقاط في الشمال، هي الآن تعالج إما في إطار مسار أستانا أو في إطار مسار جنيف، والجزائر لن تغير موقفها إزاء سورية فهي دائماً داعمة لها، وفي آخر بيان باسم الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الجزائرية قبل أيام، رفضنا أي تدخل في سورية ورفضنا أي استعمال لحسن الجوار للاعتداء على أراضي سورية، وقلنا إن سورية تسعى بجيشها وبدولتها وبشعبها لاستعادة سيادتها وهذا حق شرعي لها ونباركه ونؤيده، إذاً ليس لنا أي إشكال مع هذه المسائل من جهة الجزائر التي لم تنخرط بها ولم تؤيدها عربياً ولا إقليمياً ولا دولياً، لكن في الوقت نفسه نسعى جاهدين إلى أن يأخذ الحوار السوري السوري مكانه الطبيعي ويكون هو باب حل الأزمة، ونحن متيقنين بأن سورية بما تملكه من إرث حضاري وتاريخي شعبها له كل القدرات على إيجاد الصيغ المناسبة لتجاوز الأزمة، فعندما يترك الحل للسوريين ويتم دعمهم فأنا متأكد أنهم قادرون على تجاوز هذه الأزمة.
كيف يمكن أن تكون العلاقات السورية الجزائرية بعد التطورات الأخيرة التي شهدتها الجزائر؟
ما يحصل في الجزائر تحت عنوان الأزمة التي مرت بها هو شأن داخلي يهم الجزائريين بنسبة مئة في المئة، وهناك رغبة عند الشعب الجزائري ومؤسساته بالتغيير نحو الأحسن، ونعيش في الأشهر الأخيرة هذه المرحلة مرحلة التغيير والتي تمر وفقاً لرغبة الجزائريين والدستور الجزائري ومؤسسات الجزائر، ونسعى للذهاب نحو انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة يكون للشعب الجزائري اختياره فيها وتتيح الاستمرار في بناء الجزائر، نحن عانينا الأزمة في التسعينيات والشعب الجزائري بكل فئاته لديه الرغبة الآن في الانتقال إلى الأحسن لكن بوسائل سلمية وحضارية وعنوانها الكبير هو الحوار بين كل مكونات الشعب الجزائري الذي لديه القدرة على تجاوز هذه المرحلة وهذه الصعاب نحو الأحسن.
وبالنسبة للعلاقات السورية الجزائرية، فالعلاقات الجزائرية الخارجية قائمة لم تتأثر، اختياراتنا السياسية مبنية على الثوابت الأساسية منذ استقلالنا ومنذ ثورة تشرين الثاني المجيد، وفي مقدمتها القضية العربية المركزية فلسطين، والموقف الجزائري ما زال على حاله وهو مساند لكل القضايا العادلة، وموقفنا بخصوص سورية في بيان وزارة الخارجية الأخير الصادر هو جزء من سياستنا الخارجية فهو ليس جديداً، العلاقات الثنائية بين البلدين لم تنقطع وإن شاء الله لن تنقطع لأنها رغبة البلدين وتخدم مصالح الشعبين.
ما هو موقف الجزائر من القطيعة العربية مع سورية، وهل هناك دور تقوم به الجزائر حالياً لإعادة سورية إلى الجامعة العربية؟
في تشرين الثاني 2011 عندما صدر قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سورية كانت الجزائر من المعارضين له، وقلنا إن هذا القرار غير قانوني وغير مطابق لميثاق الجامعة ولا يمكن تعليق عضوية دولة مؤسسة للجامعة، إذاً ليس جديداً موقفنا، لقناعة منا أن موقف الجامعة غير سليم، وقلنا حينها إن سورية ستتعافى وستستعيد عافيتها ولسنا مع هذا الموقف، ولكن حصل ما حصل، والجزائر بقيت في تواصلها مع سورية، وبخصوص دور الجزائر في استعادة سورية لدورها الطبيعي في العالم العربي والإقليمي، فإنه لدى زيارة وزير الخارجية الجزائري إلى دمشق في 2016 ولدى زيارة الأستاذ وليد المعلم (نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين) إلى الجزائر في نفس السنة نفسها، قلنا الجزائر مع عودة سورية إلى الجامعة دون قيد أو شرط، وقلنا إن الجزائر تساند أي جهد عربي لاستعادة سورية مقعدها في الجامعة العربية واستعادة دورها الإقليمي، وأعتقد أن هناك أقطاراً عربية كثيرة تساند هذا الطرح، إذا نحن موجودون في هذه المساعي وكلما يثار الحديث حول عودة سورية إلى الجامعة تأخذ الجزائر موقفها إلى جانب سورية، إذاً موقفنا ليس جديداً ولم يتغير فهو ثابت منذ بداية الأزمة.
ما هو موقف الجزائر من الوجود العسكري الأميركي غير الشرعي في شرق الفرات؟
لنا مبدأ مقدس ومعروف منذ استقلالنا وهو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لكن عندما يحصل تعدٍ أو خطر داهم على وحدة سورية وشعبها وأرضها لن نكون إلا بجانب سورية، وفي هذا الإطار صدر تصريح وزارة الخارجية الأخير، كل ما هو غير شرعي على الأرض السورية يجب أن ينتهي ولا أتصور أن سورية بقيادتها وبجيشها ستتخلى عن أي شبر من أرضها، لذلك نحن لا يمكن إلا أن نبارك إرادة سورية ورغبتها في استعادة كل سيادتها على أراضيها شرقاً وشمالاً وجنوباً، ونقف إلى جانب الشعب السوري في هذا المسعى الشرعي والطبيعي، وعلى المستوى الدولي نحاول جاهدين إلى جانب دول أخرى تلعب دوراً إيجابياً في الأزمة السورية أن ننسق معها للوصول إلى حل ينهي الأزمة السورية بأقصى سرعة.
في النهاية أود أن أضيف فيما يتعلق بجالية البلدين، أن العنصر البشري جزء مهم في معادلة التنمية والعلاقات الثنائية، والذي بنى العلاقات الجزائرية السورية هو تراكمات الماضي من هجرات متبادلة، والجزائر منذ بداية الأزمة استقبلت أبناء الجالية السورية بما يساويهم مع المواطن الجزائري، ولم نصنف الجالية السورية في خانة النازحين أو اللاجئين، وهذا يعكس برمزيته ومحتواه عمق العلاقة الجزائرية السورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن