شؤون محلية

العاصمة

| نبيل الملاح - باحث ووزير سابق

يعلم الجميع أن مدينة دمشق تعاني منذ ما قبل الأزمة اكتظاظاً بالبشر والحجر والسيارات، أدى إلى ظهور أزمات تتعلق بالبيئة والعمران ومياه الشرب والكهرباء ازدادت يوماً بعد يوم بسبب عدم وجود رؤية إستراتيجية تخص محافظة دمشق باعتبارها عاصمة سورية.
وأدت ظروف الأزمة إلى تراجع كبير في الخدمات التي تقدمها الجهات المختلفة في محافظة دمشق منها ما ينحصر بالمحافظة ومنها ما يتصل بوزارات ومؤسسات أخرى.
ظهر جلياً في عدم قيام دوائر الخدمات بمتابعة أعمال الصيانة والإصلاحات اللازمة للأرصفة والطرقات خاصة في المناطق والأحياء الشعبية ومناطق التخطيط التي يعاني سكانها ضيق حاراتها وأرصفتها وعدم صلاحيتها لكثرة الحفر والأذى اللاحق بها، وإقامة منشآت من دون ترخيص نظامي وبعضها لمهن لا يجوز أن تكون ضمن الأحياء السكنية، وبقيت أعمال النظافة في المحافظة تتم بشكل منتظم ومقبول رغم قلة عمال النظافة، وعدم التزام الناس بوضع القمامة في أكياس مغلقة ورميها على أطراف الحاويات وأمام الأبنية، وللأسف نجد ذلك أيضاً في الأحياء الراقية لكن بنسبة أقل.
وزاد الوضع سوءاً غياب الرقابة الميدانية لأعمال دوائر الخدمات وتقوقع المسؤولين في مكاتبهم وإغلاق أبواب مكاتبهم أمام المراجعين والشاكين، ما زاد من معاناة الناس واتساع دائرة الفاسدين والمفسدين، والتراخي في تطبيق القوانين والأنظمة لقمع المخالفات والتجاوزات.
إن الأزمة التي مرت بها سورية أدت إلى اتساع دائرة الفاسدين والمفسدين والانتهازيين والمستفيدين بشكل غير مسبوق، وأصبح هؤلاء غير آبهين بحساب أو مساءلة مستغلين ظروف الأزمة وما أفرزته من تداخلات كبيرة بين سلطات مؤسسات الدولة.
لذلك كله، أدعو السيد محافظ دمشق المشهود له بالخبرة والنزاهة، أن يكثف جولاته الميدانية في مختلف أحياء ومناطق دمشق، وأن يرافقه فيها المعنيون في المحافظة ودوائر الخدمات، وأن يعطي الأولوية لصيانة وإصلاح الطرق والأرصفة وإعادة تأهيلها وتنسيق وضبط الحفريات التي تقوم بها دوائر الصرف الصحي والمياه والكهرباء والهاتف، وأن تتم محاسبة المقصرين والمهملين.
وأدعو الحكومة إلى دعم ذلك وتخصيص الاعتمادات والسيولة اللازمة لتنفيذ مشاريع إعادة تأهيل الشوارع والطرقات والأرصفة لتكون صالحة للاستخدام وتليق بدمشق الحضارة والتاريخ، وأن تعتبر هذا المشروع استراتيجياً ضمن إطار إعادة الإعمار وتعطيه الأولوية.
وفي هذا السياق أدعو الجهات المعنية بالتربية والإرشاد إلى وضع البرامج اللازمة لتوعية الناس وحثهم على التعامل الأمثل مع قضايا المحافظة على الشوارع والأرصفة ونظافتها ونظافة أبنيتهم وتجميلها لتكون في أبهى صورها، وأدعو خصوصاً وزارة الإعلام والقنوات التلفزيونية إلى تضمين برامجها والمسلسلات الدرامية المشاهد التي تؤدي إلى ترسيخ ثقافة المحافظة على البيئة والمرافق العامة وآداب استخدام الطريق.
ما نشاهده في الشوارع والطرقات لا يليق أبداً بسورية مهد الحضارات، ولابد من القضاء على كل الظواهر السلبية التي تسيء إلى سمعة الشعب السوري، وتؤثر في السياحة التي نعول عليها لتنشيط الاقتصاد السوري.
لنعمل جميعاً لتكون دمشق كما كانت تزهو بالأزهار والياسمين والأشجار، وتنعم بشوارع وأحياء نظيفة، ولتكون العاصمة التي تستحقها سورية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن