ثقافة وفن

الطفل الذي في داخلي حافظ على إيجابيتي رغم إصابتي بالسرطان مرتين … لجينة الأصيل لـ«الوطـن»: فخورة برسوماتي التي لا تقل بقيمتها عن اللوحات… ولن أتوقف رغم النظرة لهذا الفن

| سوسن صيداوي

من الداخل القابع في خبابا النفوس.. والعالم بمشاعر القلب وهواه. من الإرادة المُصمِمة في قرارة العقل.. مع الثقة والإيمان بأهمية ما تُقدم.. كلّها عناصر تنطلق من الأصالة والجذور، مُمسّكة بالانتماء مبتعدة من الغرابة ومسافرة نحو الغربة، لتقول أنا سورية الوطن والانتماء والهوى، وطفلي سوريّ رائع أحلم بأن يكون مرحاً قوياً وصلباً برفقة الأيام… هذا خليط مما تفكر به الفنانة التشكيلية لجينة الأصيل، الرائدة في رسومات الأطفال. فنانة يجرحها قلة التقدير لإبداعها الطفولي الذي لم نصل بعد إلى درجة النهوض به أو الاكتراث بأهميته، لكنها رغم الأقاويل تثابر وتبني الجسور بين الحضارات، معرّفة على جماليات وبساطة الوطن المحبوب.. إنها ترسم بعيون طفل، وتتخيل بفكره، وتحب وتبعثر ألوانها بانتظام، جاعلة من الموضوع أساساً، مسلطة عليه الضوء رغم عتمة الواقع وألوانه الداكنة. أصابها المرض الخبيث، لكنها تعافت من لؤمه وانتصرت عليه متناسية همّه ومتفوقة، بسلام طفلها الساكن أعماقها مع صفاء لبّها، وختمت حوارها معنا بالعبارة التالية:(الأم هي وحدها من تقبل العثرات).
ولمعرفة عما دار في الحوار الذي أجرته «الوطـن»، نترككم مع أهم التفاصيل:

لننطلق في حديثنا من الورشة الأخيرة والتي احتوى لوحاتها المركز الثقافي في أبو رمانة، حيث لاحظنا بأن الأسماء اقتصرت على الشابات، على أي أساس تمّ الانتقاء؟
لم نخطط لهذا الأمر وبالفعل اقتصرت الورشة على الصبايا بسبب أوضاع الأزمة التي فرضت فقرنا لطاقات الشباب من الذكور، الذين لبّوا النداء للدفاع عن الوطن، أو سافروا ليستمروا في علمهم والعيش في ظروفهم الخاصة. أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال، هنا أوضح، الورشة ضمّت شابات من جميع الاختصاصات الدراسية، ولم تشمل فقط خريجي كلية الفنون الجميلة، بل المتقدمات للورشة كلهنّ على اطلاع بالمبادئ الأساسية بالرسم، وتم الاختيار بناء على طلبنا بتقديم مجموعة من الأعمال، الأخيرة التي تمكنتُ من خلالها أن أستشف قدرات الرسّمات وقوة المستوى بالرسم الواقعي أو تصوير الإنسان والحيوان، مع قدرتهن على التلوين. وبقي أن أشير إلى نقطة مهمة وهي أن هناك الكثير من الشباب السوري الموهوب، وإلى جانبهم هناك من يقلّد في رسوماتهم، فالمقلّدون لا يمكنهم المشاركة معنا في ورشات العمل ونحن نستبعدهم على الفور، لأننا لا نستطيع تطوير أسلوبهم، في حين نحن نتمسك بالموهوبين والمبدعين ونسعى معهم جاهدين كي نمكّنهم من أسلوبهم.

أنت من رواد الرسم للأطفال وتشاركين في المعارض ولك حضورك حتى في الحصول على الجوائز.. من خبرتك لماذا مازلنا مختلفين ومتخلفين عن الخارج في هذا الاختصاص؟
بالرغم من أنني أرسم للكتب والقصص والمجلات المصورة الخاصة بالطفولة مدة لا تقل عن خمسة وعشرين عاماً، ولي ريادتي واسمي المعروف في هذا المجال ليس فقط محلياً بل عربياً وحتى عالمياً، إلا أنني ومن خلال أسفاري ومشاركتي في المعارض في الدول الأجنبية، لاحظت إلى أي مدى هم مختلفون عنا في الأسلوب، وبالمتابعة تنبّهت إلى أمر وهو بأن كل القواعد التي كنت أسير وفقها وأنا أرسم، هي العكس تماماً للأسلوب العالمي المتبع، وهنا أشدد على نقطة بأنني لا أرغب في أن أقلد ما هو عالمي، ولكنّ هذه الدول الأجنبية هي السباقة في هذا الاختصاص من الناحية الثقافية وبالاهتمام بالطفل، وبالتالي عندما رغبت في أن أنقل تقنياتهم وقواعدهم على لوحاتي، تعذبت كثيراً، وخصوصاً أن طموحي مجتهد لتوسيع الدائرة ولنقوم بتطوير هذا الفن، كي يكون مشروعاً جاداً تحقيقه في سورية، ونقدم لوحة للأطفال في كتبهم.
طبعاً أنا وحدي غير قادرة على تحقيق هذا المشروع، بل أحتاج إلى كل خامة وموهبة قادرة على الإبداع، وسأبذل كل ما أمكنني من التوجيه والإرشاد للمواهب الشابة، وهنا أحب أن أشير إلى نقطة مهمة، بأنني لست (شيخ كار) يستأثر بحرفته لنفسه ولعائلته التي تتوارثها، بل أنا أعطي ما حصلت عليه من مهارات وخبرات كي لا يَضيع الوقت كما حصل معي، فلقد استغرقت نحو عشرين عاماً وأنا أبحث وأجتهد، وهنا أعود للورشة الأخيرة كمثال عن واقع الحال. لقد قوبلت بشغف كبير من المشتركات، ولمست حماسهنّ الكبير كي يتقنوا هذا الفن- وبالطبع هذا الحماس لاقيته حتى في ورشات سابقة ومنها التي أقمناها في اللاذقية- إذا ما أقصده بأن الحماس والشغف لإتقان رسومات الأطفال هو حالة عامة عند الجيل الشاب الأمر الذي سيسّهل إنجاز هذا المشروع، طالما أن مثابرتهم متقدّة ولا يُثني تدريبهم استمرار ساعات الورشة أو التمرين في المنزل، مع الإصغاء للملاحظات، وما هو مبشر أكثر، متابعة بعض الشابات والمواصلة في ورشات لاحقة ولو على حسابها الشخصي، وأخيراً سنتمكن من تحقيق غايتنا وتطوير هذا الفن كي تستقطب دور النشر العربية هذه الطاقات الشابة وتتعاقد معها من أجل رسوماتهم.

لماذا تفتقر كلية الفنون الجميلة لهذا الاختصاص في الرسم؟
هذا أمر مؤلم للغاية، وهو لم يعد سراً على الإطلاق. للأسف الشديد يعامل فن رسوم الأطفال بشكل مهمّش، بل ويعتبر أقل قيمة من اللوحة التشكيلية، وبمناسبة الحديث أتذكر مرة أنني توجهت إلى أحد الفنانين الكبار، حينها كنت متحمسة لرسومات كتاب للأطفال أعمل عليه، فقال لي:ماذا تفعلين في هذه الأيام؟. واعتبر أن ما بين يديّ ليس فنا. هذا الأمر آلمني للغاية، وللأسف هذا هو التفكير العام في بلادنا، والإهمال في ما يتعلق بسوء تثقيف الطفولة ممتد إلى الكتابة وحتى التمثيل.
أنا رسمت للأطفال سنين طوالاً وكان همي أن رسوماتي تندرج تحت مسمّى اللوحة من حيث القيمة والنضوج، وفي فترة كنت قد أتممت كل أعمالي، قررت أن أبتعد فترة عن رسومات الأطفال، فاتجهت نحو اللوحة التشكيلية وأقمت ستة معارض فردية بالإضافة إلى مشاركاتي في المعارض الجماعية، طبعاً أثبت وجودي، وكثيراً ما سمعت- ولازلت أسمع- بأنه علي البقاء ورسم اللوحة التشكيلية، ولكن الرسم للأطفال يسيطر علي ولا يمكنني الابتعاد عنه، وبقي أن أضيف هنا بأن الكثير من الفنانين حاولوا الرسم للأطفال ولكنهم لم ينجحوا كون هذا الفن يحتاج إلى خاصية وتميّز لا يملكه إلا القلّة.

ألم يكن عبئاً عليك التغريد خارج السرب والاجتهاد من أجل ما تؤمنين به؟
في الحقيقة أنا دائمة السفر والمتابعة للأعمال المعروضة في المعارض الأجنبية وهذه الأمور سهّلت لي اكتساب التقنيات والأسلوب المتبع لديهم، حتى إنني شاركت في معارض خارجية وهي كثيرة ومنها في سلوفاكيا والتي تقام كل عامين، كما وسجلت في ورشة عمل كي أطلع على كل ما هو جديد وتدربت فيها، وبالطبع الأمر لم يكن صعباً بل مكلفاً وليس الكل قادراً على هذا، الأمر الذي دفعني كي أن أنقل معرفتي للشباب، وعندما يقولون بأن المعرفة عبء، الأمر صحيح، فكانت أول ورشة قمنا بها هنا في سورية في معهد (غوته) وبحضور فنانة ألمانية، حيث تشاركنا المعلومات المقدمة وكانت الورشة ناجحة جداً ومتميزة، ومرة بقينا في ورشة لمدة شهر مع طلاب السنة الرابعة في كلية الفنون الجميلة. بعدها أقمنا ورشات مع وزارة الثقافة، كما أنني أشارك في ورشات عربية ولكن هنا لابد من التوضيح بأن في الورشات الخارجية لا نلمس نتائجها، بعكس ورشاتنا المحلية التي نلمس أثرها من خلال إبداع المشاركين وحتى الطلب عليهم في دور النشر، وأنا سعيدة كما ذكرت أعلاه بحماس الشباب لهذا الفن.

كي يصبح فن رسومات الأطفال في مصاف العالمية إلى ماذا يحتاج؟
يتميز فن رسومات الأطفال كي ينال التقدير العالمي بميزتين، الأولى بأن يكون منتمياً إلى مكان منشئه، والثانية القدرة العالية للفنان على التجريب والاختلاف. ففي الانتماء تكمن الأصالة وهي ما يسألونا عنه عند المشاركة في أي معرض، يسألوننا: أنتم تمثلون أي بلد؟. إذا أعمالنا تعكس بلدنا وجذورنا وطريقة عيشنا، وهذا الأمر حصل معي مرة، حيث رُفضت رسوماتي من قبل دار نشر، وعندما استفسرت عن الموضوع، قال لي البروفسور المختص بالتقييم بأن عملي جميل جداً ولكن هويته غير معروفة، وهو غير غني بالانتماء. هذا الأمر استنتجته بعدها، لأننا عندما نقدم عملاً للطفل فهو يثق ببيئته وبالتالي عندما يرى أن الرسمة تشبه بيته ومحيطه وعائلته سوف يثق بنفسه وبهويته وبجذوره.
أما عن الميزة الثانية لفن الأطفال، يجب أن يكون الرسام ليس أنانياً، بل عليه أن يجرّب كثيراً، بمعنى ألا تعزّ عليه أعماله. سأشرح أكثر:لقد كان أساتذة كلية الفنون الجميلة ومنهم على سبيل الذكر: نذير نبعة، فاتح المدرس، إلياس الزيات، يعلموننا وفق المقولة التالية(كنّس الشوائب التي في ذاكرتك). فمثلاً أنا من الأشخاص الذين تربوا على مشاهدة الرسوم المتحركة لـ(توم وجيري)، وعندما أرسم صورة قطة، فباللاشعور أرسم شخصية (توم) القط، وهذا الأمر غير مقصود لأن هذه الصورة محفورة في ذاكرتي، وبالتالي هذا أمر خاطئ فعلي أن أنظف ذاكرتي مما هو عالق في مكنوناتها كي أواكب كل ما هو جديد وأستطيع أن أطور مهاراتي، وهذا الأمر صعب لأنه يتطلب من الفنان أن يكون شغوفاً وصبوراً، وأيضاً أن يكون شجاعاً بأن يكب في سلة مهملاته -إن جاز التعبير- الأعمال كي لا يبقى متمركزاً في مكانه، لأن ذهنية الطفل تحتاج إلى التحديث المتواصل، والطفل بذكائه ودقة ملاحظته هو القادر على تقييم الرسمة بشكل أفضل من الأشخاص الكبار، وأخيراً عندما نقدم عملنا بحب سيتلقاه طفلنا بكل الحب.

برأيك ألم يحن الوقت ليكون تفكير الطفل السوري موجها نحو الإنسانية جمعاء من دون طرح أي اختلافات؟
من الضروري جداً أن تكون الرسومات بأي كتاب موجهة للإنسانية قاطبة، ولكن يجب أن تكون جذوره واضحة كما أسلفت، بل أيضاً أن نتمسك بها ونُبرزها، وأن نفتخر بأصولنا بعيداً عن الغرور. كما أحب أن أشير هنا للأزمة، فقد أثرت جداً في نفسيات الأطفال والفنانين أيضاً، ولكن لابد من القول إن هناك الكثير من الفنانين على الرغم من الظروف القاسية التي يصعب تحملّها، تمسّكوا بالفن ومضوا بالحياة نحو النجاح والإبداع، متخلّين عن الآثار السلبية للحرب من تهجير وتدمير وفقد للأعزاء، وهم اليوم ينشرون أعمالهم في دور نشر عربية، وهذا أمر يدعونا للفخر لكونهم خرجوا رغم الأنقاض المتراكمة.

هل لك أن تحدثينا عن الطفل الساكن في قلبك والمسيطر على بنات فكرك؟
أنا لا أستطيع مقاومة التعمق والإبحار في خيالاتي بقصص الأطفال التي بين يدي، هنا أعود طفلة صغيرة، تحلم وترسم وتلون، فالطفل الذي في داخلي هو أكبر مني ومسيطر عليّ، ولما عدت للعمل في رسومات الطفل، قلت في نفسي بأنني سأصرخ بالصوت العالي بأنني فخورة جداً بهذا الأعمال التي لا تقل قيمة فنية وأهمية عن اللوحات التشكيلية، وإيماني كبير بطفلي الداخلي، وبعملي للأطفال ولن أتخلى أو أتوقف رغم نظرة وآراء الآخرين حول هذا الفن.

هل توضحين أكثر عبارتك «الطفل الذي في داخلي هو أكبر مني ومسيطر عليّ»؟
الطفل الذي في داخلي موجود بشكل خارج عن إرادتي، فهو مسيطر علي وحتى موجود في كل حياتي وجنبات أماكني، والأمر الذي أصبح مألوفا لكل من يعرفني بشكل شخصي، بأن كل ما يخص الطفل هو موجود في دائرة محيطي، ففي غرفتي هناك ألعاب للأطفال، وحتى علّاقة مفاتيحي على شكل لعبة، إذاً هذه التفاصيل موجودة دائما، وهي تعنيني كثيراً وخصوصاً أنها أصبحت من الصداقات التي عقدتها، مثلها مثل الأطفال الذين تابعوا رسوماتي في مجلة أسامة، واليوم هم شبان وأصادفهم ويقولون لي: «نحن تربينا على رسوماتك»، ومرة حدث الأمر معي مع معاون وزير الأوقاف الذي التقيته في دار للأيتام، وعندما عرّفوه علي لمعت عيناه، وقال: عندما كنت صغيرا كنت أقف على باب السّمان منتظرا كي أشتري مجلة أسامة لأرى (رسومك). في الحقيقة شعرت بطفولته من خلال بريق عينيه، فلقد استيقظ الطفل الذي في داخله. وهذا الأمر أصادفه دائماً من المحبين والأشخاص الذين تربوا على الرسومات حيث يشكرونني على جهدي المبذول في رسومات الأطفال، وهذا الامتنان هو من الجوائز التي لم أحلم يوماً بأنني سأحصل عليها وأنا في الحقيقة فخورة بهذا الشعور.

على سيرة الجوائز والتقديرات، مؤخراً حصلتِ على جائزة «بام» التي تمنحها الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط في مدينة بلغراد في صربيا. لنقف هنا قليلاً.
خلال مشاركاتي في المعارض ومنذ الثمانينيات من القرن العشرين وأنا أسمع إطراءات تُشيد بجهودي ويقولون «أنت تبنين جسرا بيننا نحن الدول الغربية وبين بلدك، ونحن نتعرّف على سورية من خلال رسوماتك وأعمالك». وبالتالي الجائزة التي نتحدث عنها، لقد حصلت عليها لأن عملي كان صلة وصل بين البلدين، والطريف بالموضوع أن منظمي الجائزة لا يعلمون عنواني ولكنهم راسلوا داراً للنشر بالأردن كنت أتعامل معها منذ نحو عشرين عاما، بعدها تم التواصل معي وكنت أنا في مسقط ولم أتمكن من الحضور لتسلّم الجائزة، فأرسلوها مع فريق إلى مجلس الشعب في سورية، والحمد لله جاءت الجائزة من دون أي تخطيط، ولم أفكر بها يوما، ولكن في النهاية حين يعمل المرء بإخلاص وبحب كبير فلا شك سيحقق الصدى المطلوب.

عالم الطفل زاهي الألوان، في حين الداكنة منها يكون استخدامها قليلاً وإن حصل يحدث ذلك بدقة شديدة.. ما تعقيبك؟
هذا صحيح لأنه على الفنان أن يقوم بإبراز الحدث الأساسي بتسليط الضوء عليه عن طريق الألوان ولو كانت داكنة، فبعثرة الألوان من الأمور غير المفيدة إذا لم تكن موظفة بالشكل الصحيح، بمعنى أنه لا مانع من استخدام الألوان الداكنة، ولكن علينا توظيف الألوان الزاهية بدقة وانتباه، كي تفيد الفكرة المراد إبرازها، حيث نوظف اللون لإيصالها لذهنية الطفل، ويجب ألا نشغل باله بالثرثرة بالألوان المبعثرة والعناصر الموجودة بلا مبرر، فالموضوع الأساسي يجب أن يكون واضحاً وعليه الضوء باللون المطلوب.

هل هناك فرق بين رسومات المجلات المصورة والرسومات المخصصة لقصص الأطفال؟
المجلات المصورة من الأمور الطباعية فهي سريعة وتحتاج من الفنان أن يخفف من التقنيات لأنها لن تظهر عبر الطباعة، على حين الرسوم المخصصة للقصص فهي تعامل معاملة اللوحة، لأن الورق من نوع خاص ويكون اختيار الطباعة والألوان دقيقاً، وهنا كما يأمل الكاتب أن يوصل إحساسه بدقة عبر الكلمة كذلك الرسام، وبالتالي لكل من الأمرين عالمه الخاص والأسلوب فيه مختلف.

ما مدى أهمية إشراك الأطفال في رسم قصص خاصة بهم أو مشاركتهم في ورشات لرسم قصص تعبّر عنهم؟
في الورشات الخاصة للأطفال لا يمكنني أن أصحح لهم ما يقومون به بعكس الورشات الإبداعية الاحترافية، فحرية الطفل هي التي تخلق الخيال وتقوي الإبداع لديه وتمكنه من النجاح في حياته مهما كان الاختصاص الذي سيتابع دراسته أو عمله خلاله، ونستطيع عبر الخيال خلق جيل قادر على البناء وفي الحرية تكمن المسؤولية، وخصوصاً أنه ليس درس رسم بل هو درس خيال، ما يتطلب مني ألا أعطيه أي أمر أو أصحح له أي خط، بل إن أكثر ملاحظة أدقق عليها هي أن يقوم الأطفال بتنظيف أدواتهم كي يتمكنوا من التلوين بألوان نقية.

في الختام ماذا تقولين للطفل السوري؟
الحب هو أثمن شيء إن كان صادقاً، والطفل السوري هو أملنا وحلمنا، والطفل السوري هو حلمي الخاص، وبصدق كبير ما زلت -الحمد الله- أحافظ على الطاقة الايجابية بسبب الطفل الذي بداخلي رغم إصابتي بمرض السرطان مرتين، لكنني تجاوزت محنته بمساعدة ما يسكنني من أمل وفرح طفولي يرافقني في ساعاتي وأوقاتي مع فرشاتي وألواني وخيالاتي الصافية النقية. وفي النهاية يجب علينا أن نعمل لأجل بلدنا، وبالطبع بدايتي كانت في مجلة أسامة، وأقولها دائماً إنها هي الأم التي قبلت عثراتي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن