ثقافة وفن

صاحب شعار معرض دمشق الدولي يرد على اتهامات «السرقة» … جحجاح لـ«الوطن»: الرمز غني ويختلف جوهرياً عن اللوغو الذي يدّعون سرقته

| سارة سلامة

من جديد يعود معرض دمشق الدولي بألقه الذي يؤسس لمرحلة التعافي في سورية حيث شهد في دورته الحالية أكبر مشاركة في تاريخه منذ العام 1954، وبلغ عدد الدول المشاركة فيه 38 دولة عربية وأجنبية. إلا أن ذلك لم ينجه من الانتقادات التي طالت «اللوغو» أو الشعار، لتبدأ الهجمة من صفحات معارضة وتنتشر بعدها كعدوى إلى العديد من الصفحات ومواقع التواصل الاجتماعي.
وجل ما تبينه هذه الأصوات أن (الوردة الشامية التي تحمل في جوهرها تويجات بألوان متنوعة ترسل بحمائم سلامها من سورية إلى العالم، هي لوغو مشابه لمهرجان الطائف في السعودية لعام 2017!).
روايات عديدة ضجت بها الصفحات، بعضها يرمي اللوم على اللجنة التي اختارت ذلك التصميم، وبعضها على المصمم الفنان التشكيلي بديع جحجاح الذي التقيناه لتبيان حقيقة الأمر وبحثنا معه الشكل والجوهر وما المقصود بهما.

رمز بسيط وطبيعي
وفي حديث خاص لـ«الوطن» بين الفنان جحجاح أن: «المتتبع للأعمال الغرافيكية الخاصة بمؤسسة «BJ» للعلامات الفارقة التي تملك من الخبرة عمراً يتجاوز العشرين عاماً في العلامات التجارية إن كانت في القطاع العام أم الخاص، يرى الروح الواحدة التي تجمع معظم أعمالنا، حيث أقوم ببناء فكرة تصميم الشعار كأنها لوحة تشكيلية للزمن والتاريخ، لأن كل المضامين التي يحتويها هذا الرمز أو ذاك هي عبارة عن دلالات لها معنى فلسفي عميق إضافة إلى البنى اللونية التي تلّون هذه الأشكال لها إسقاطات في علم الدلالة والمعاني، وبالنسبة للزهرة الدمشقية في معرض دمشق الدولي مستوحاة من رمز بسيط طبيعي يعيش معنا يومياً في كل بيوتنا ومدننا، فكان من الأهمية لمعرض بقاعدة جماهيرية واسعة جداً صياغة هذا الرمز البسيط بعد إخضاعه لعمليات تبسيط وتحوير تحول التويجات الملونة إلى حمائم سلام كرسالة تصدر إلى العالم. أمام الانتصارات العظيمة لجيشنا، ليولد الشعار المرافق وهو من دمشق إلى العالم».
وأضاف جحجاح إن: «اللغط الذي حدث من ناحية بنية التشابه يبدو بالاستقراء لأي شخص محترف اختصاصي ومتتبع لهندسة الشكل، أنه يستقرأ في الشعار المقارن به دلالات شكلية أنثوية مختلفة تماماً في هندستها عن الأشكال التي يحتويها شعار معرض دمشق الدولي حتى البنية الدائرية المفككة المتطايرة بالشعار الأول مختلفة تماماً عن البنية الهندسية المترابطة جداً في شعار معرضنا الزهرة الدمشقية، وبحسب رأي العاديين وحتى الخبراء نتبين أن هذه الهجمة المغرضة والتي ظهرت أحياناً على مواقع معارضة كانت لا تريد الخير لبلدنا أمام تحولات السياسة لمصلحة انتصارات جيشنا وقيادتنا».

الرمز غني بهندسته
وبين جحجاح أن: «الهجمة جاءت قبل يوم من توقيت الافتتاح لتؤثر في الجمهور وفي السياسة، أي إن الجهل في عملية مناقشة قضايا كهذه لا يمكن أن تكون متاحة بالنسبة للذوق العام، لأن بنية الذوق مختلفة من شخص إلى آخر بحسب المعرفة والاختصاص، وبالمحصلة نصل إلى أن الشعار نال رضى هائلاً لجمهور واسع جداً، وبتقصي الحقائق أنفي أي علاقة من خلال بنية رياضية تحليلية لعملية بناء شعار معرض دمشق الدولي وصولاً إلى حالته النهائية».
وكشف جحجاح أن: «الغنى الذي يتمتع فيه بلدنا من رموز هائلة جاء خيار اللجنة أن تنتقي الزهرة الدمشقية لكونها على بوابة تسجيلها في اليونسكو كرمز تراثي خاص في منطقتنا السورية، وهي رمز طبيعي خاص بمنطقتنا ومن خلال عدد التويجات ١٤ يمكن تحقيق البنية الجغرافية لمحافظاتنا السورية، ومن خلال البنية اللونية المختلفة يمكن أن نحقق التماذج الثقافي والاقتصادي، فجاء الرمز غنياً بهندسته وألوانه وعميقاً في معناه واعتقد أن جمهورنا الواعي قادر أن يفهم هذه الجملة الجمالية ببساطة وعمق».

يدخل من بوابة التاريخ
أما بالنسبة للقيم المالية التي يمكن أن تصرف على علامة تجارية أو على هوية بصرية فأوضح جحجاح أنها: «تختلف من جهة إلى أخرى بحسب ما يرافق هذا التصميم، لأن التصميم الإعلاني الخاص (باللوغو) يتبعه هوية بصرية كبيرة من خلال المطبوعات والملصقات والحملات الدعائية والإعلانية ومواقع التواصل الاجتماعي والإعلان التلفزيوني، فهي تتضمن عملية البناء البصري بشكل عام».
«أما فيما يخص المسابقة فليس لها علاقة أبداً بالدورة 61، بل تخص الدورة 62، وعندما تقوم الحكومة بإنشاء مسابقات على صعيد الفن التشكيلي لبناء علامات تجارية ليس بالضرورة أن يكون الناتج الذي تستلمه على مستوى عال، أي إن الفنانين المحترفين المختصين بهذا المجال لا يقبلون الدخول بمنافسة على مستويات شعبية، إنما تكون على مستويات نخب وعلى مستويات اختصاص الاختصاص.
ويعتبر ذلك عبئاً على المؤسسات الحكومية وهذا يدفعها أحياناً إلى اللجوء إلى ذوي الخبرة العالية الذين يملكون تاريخ في هذا المجال كاختصار للوقت والزمان والحصول على منتج معرفي وجمالي كثيف متماسك يساهم في توازن المنظومة ويدخل من بوابة التاريخ وخاصة عندما نتحدث عن معرض دمشق الدولي هذا الحدث الجماهيري المهم على مستوى الداخل وعلى مستوى العالم لا يمكن الاستهانة في رمزه أو في الجملة المرافقة له، وحقيقة يوجد شح في عملية بناء العلامة التجارية وإن وجدت فهي تولد على مستويات بسيطة وخاصة أمام ضغط الشبكات العنكبوتية واستسهال العديد من المصممين ودارسي برامج التصميم في إيجاد رموز مختلفة وإقامة جزء من متغيرات أو إلغاء أو تحويل أو تبسيط».

رسالة عامة
وأتوجه برسالة إلى كل المنتقدين عبر المنابر المجانية غير الواعية وإلى كل التشدقات المسيئة: «إن مسيرتي في الفن التشكيلي وخصوصاً في الحرب تُضعف الجهة المهاجمة ولا تمنحها أي مؤشر إنساني أو قيمي أو احترافي، ومن الأفضل أن نجاوب الناس بالعمل النوعي التراكمي الذي يؤثر في المجتمع وفي الناس، ليس فقط على صعيد الفن التشكيلي أو على صعيد اللوغو بل على صعيد البنى الصحفية والسينمائية والمسرحية والدرامية وغيرها من القطاعات في حياتنا، لأن النشطاء والمجتهدون الذين يقدمون أفكاراً وبنى جمالية ومشاريع حياة تتناولهم العامة، واستشهد هنا بقول للكواكبي: (إن أضر شيء على الإنسان الجهل. فالجهل يجعل الناس غير قادرين على معرفة الغث من الثمين ولا الفن من التقليد، ولا يعطون الأشخاص حق قدرهم وتضيق عينهم على جهد وقدرات الآخرين).
حيث إن هناك منظومة عالمية هائلة تتشابه أحياناً من حيث الروح وهذا ليس تطابقاً على الإطلاق، هو موضوع إشكالي وتحدث محاكاة وانسجام ومقاربة، مثل (غوتشي وشانيل) وغيرها الكثير من الشعارات، وأي تغيير في عملية بنية الرمز مهما كان شكله على الصعيد الهندسي أو اللوني هو تغيير جوهري وقيمي في اللوغو».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن