ثقافة وفن

بين البحث والمعاناة..

| د. اسكندر لوقا

أحياناً يبحث المرء عن سبب يقصيه عن فعل الشرّ ويقربه من فعل الخير، ويحار أين يمكنه العثور على السبب، وفي كثير من الأحيان يعجز عن الوصول إلى غايته لسبب أو لآخر ويكاد يستسلم للأمر الواقع، بانتظار الفرج من جهة ما، وقد يطول زمن الانتظار من دون جدوى. وأحياناً كثيرة قد يكون المخرج على مقربة منه ولا يراه. وقد يراه ولا يأخذ به لاعتبارات تتعلق بشعوره أنه شخصية لا تخطئ إطلاقاً ولذلك لا يقر بأنه في حاجة إلى التماس العون من أحد، ولهذا تبقى مشكلته قائمة ولا يدري ما السبيل إلى تقويم نفسه.
إن رغبة كهذه كثيراً ما تنتاب المرء إذا ما اكتشف يوماً أنه غير مرغوب فيه، من منطلق تقييم الآخرين له بأنه مصاب بمرض الغرور وتضخم الذات، وبذلك يبقى يتساءل كيف السبيل إلى استعادة ثقة الآخرين فيه وبالتالي تبقى مشكلته عالقة بين البحث والمعاناة. ولهذا الاعتبار يرى البعض الشر فيتجنبونه كما يرون القبح ويتجنبونه.
وفي أحيان كثيرة نواجه أناساً في حياتنا ضائعين بين الخير والشر ولا يجدون مخرجاً لهذه الحالة، لغياب الوعي لديهم، وأعني بالوعي القدرة على استيعاب تداعيات الحياة ذاتها في سياق تطورها عبر سنوات عمر الإنسان وقدرته على التفاعل مع الصح والخطأ ونجاحه في التمييز بينهما.
إن الخير كما الشر من المرافئ التي تستدعي تخطيها بعقل منفتح، وتحديداً في الأوقات التي تتطلب وقفة تأمل وتساؤل من أين وإلى أين ولماذا؟ في مثل هذه الوقفة تستقيم الخطا وبغيرها يبدو الطريق متعرجاً ولا يوصل السائر عليه إلى غايته، وتتسع بذلك رقعة البحث والمعاناة، وقد تنتهي الحياة ولا يحقق المرء غايته جرّاء بذل الجهد، وعلى اختلاف أشكاله في نهاية المطاف. من هنا القول بأن يعي المرء، وبعقل منفتح، من أين يجب أن ينطلق وأين يجب أن يتوقف حتى يكون لبحثه معناه ولمعاناته نهاية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن