قضايا وآراء

أزمة الحكم الإسرائيلي تكرر نفسها

| تحسين الحلبي

يبدو من الواضح للجميع أن نتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلية التي جرت أول من أمس، وهي الثانية خلال أكثر من أربعة أشهر، لم تغير شيئاً في الأزمة التي ولدتها الانتخابات الأولى في 9 نيسان الماضي، وبقي الحزبان الكبيران الليكود وحزب أزرق أبيض في المستنقع نفسه حين حصل كل حزب منهما على 32 مقعداً، مع أن كلاً منهما حصل في انتخابات نيسان على 35 مقعداً، أي فقدا في الانتخابات الثانية ثلاثة مقاعد.
الاصطلاحات الإسرائيلية تحدد أحزاب اليمين وأحزاب اليسار بشكل غير دقيق لأن جميع الأحزاب الإسرائيلية يمينية، باستثناء القائمة العربية الموحدة التي لها تعريفها الخاص كممثل للأصوات العربية، والتي تعد يسار جميع الأحزاب الإسرائيلية وهي ضحية الصهيونية وصاحب الأرض والوطن.
إسرائيل تعد الليكود ومعه الأحزاب المتشددة من اليمين، وتعد حزب أزرق أبيض ومن يؤيده من الأحزاب الأخرى يساراً، على حين أن معظم قادته جاؤوا من حزب الليكود أو حزب العمل أو من أحزاب أخرى صغيرة يمينية مثل كاديما، الذي أسسه رئيس وزراء إسرائيل السابق أرئيل شارون وانتهى وجوده في الساحة، والحقيقة هي أن الليكود وحزب أزرق أبيض لا يختلفان إلا في طريقة تحقيق الأهداف التوسعية وتوقيت تنفيذها من أجل المحافظة على مشروع «الدولة اليهودية» أي دولة اليهود وحدهم، ويتوقع المتخصصون في إسرائيل بالأحزاب والحكومات أن تظهر أمام هذين الحزبين الكبيرين السيناريوهات الآتية حول تشكيل حكومة ائتلافية:
السيناريو الأول: هو أن يستغل نتنياهو وجود 56 عضواً من أحزاب اليمين للبحث عن أي حزب لديه ستة أو خمسة مقاعد لضمه إلى الائتلاف ويحصل على أغلبية برلمانية، فكتلة اليمين الليكودي ستضم في هذه الحالة الليكود 32 مقعداً وحزب شاس اليميني اليهودي المتدين 9 مقاعد وحزب يهدوت التوراة الديني 8 مقاعد وحزب يمينه 7 مقاعد فيصبح لديه ما يسمى كتلة اليمين 56 مقعداً، وحينئذ سيحتاج إما لليبرمان ومقاعده التسعة وهو لن يفعل ذلك في معظم الاحتمالات، أو سيحتاج لأحد الحزبين: العمل بمقاعده الستة، أو الحركة الوطنية وهو حزب رئيس وزراء إسرائيل السابق إيهود باراك بمقاعده الخمسة.
السيناريو الثاني: وهو الذي يدعو إليه رئيس حزب أزرق أبيض بيني غانتس تشكيل حكومة مشتركة مع الليكود بمشاركة ليبرمان، فتتمتع حكومة كهذه بتأييد 73 مقعداً من 120 ولا يوجد لغانتس فرصة أخرى لتشكيل حكومة بديلة من حزبه لأنه لا يستطيع أن يحصل إلا على تأييد 11 مقعداً من حزب باراك والعمل فيصبح لديه 43 مقعداً. لكن هذا السيناريو قد لا يكون في مقدمة اهتمام نتنياهو إلا إذا وجد نفسه أمام خيار إعادة الانتخابات للمرة الثالثة، أو التكيف مع هذا الخيار بحكومة تجمع الحزبين وتكون رئاستها بالتناوب سنتين لكل رئيس حزب، وهذا ما وضعه رئيس الدولة روبي ريفلين كخيار نهائي وبديل إذا عجز كل من الحزبين عن الحصول على أغلبية لحكومة ائتلافية مع الأحزاب الصغيرة.
السيناريو الثالث: أن يتخلى ليبرمان عن شعاراته التي رفعها بالحملة الانتخابية حول حكومة مشتركة بين الحزبين الكبيرين وانضمامه لها ويعلن تخليه عن هذا الموقف ويضم حزبه إلى حكومة نتنياهو فيصبح لديها 65 مقعداً وتقتصر على الأحزاب التي تسمى اليمين المتشدد في هذه الحالة.
يلاحظ المراقبون أن نتائج هذه الانتخابات منحت نتنياهو خيارات أكثر مما منحته لبيني غانتس الذي لا يمكنه الحصول على تأييد 61 مقعداً حتى لو انضم إليه ليبرمان بمقاعده التسعة، كما لا يمكن للقائمة العربية الموحدة أن تشارك بحكومة ينضم إليها ليبرمان حتى لو تجاوزت خطوطها الحمراء ووافقت لأول مرة في تاريخها على تأييد حكومة أزرق أبيض التي يتجمع داخلها يمين لا يختلف عن الليكود مثل بيني غانتس ووزير الدفاع في حكومات الليكود كلها موشيه يعالون.
كيفما كانت الحكومة الائتلافية المقبلة فسوف لن يختلف جدول عملها وبرنامجها الائتلافي عن جدول العمل الذي كان ينفذه نتنياهو منذ توليه رئاسة الحكومة في آذار 2009.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن